مستويات الثقة العامة في المؤسسات الحکومية ومحدداتها دراسة ميدانية علي عينة من المتعلمين بمحافظة سوهاج

نوع المستند : المقالة الأصلية

المستخلص

لقد أصبح من المهم دراسة مستويات الثقة العامة في المؤسسات الحکومية في مصر وفهمها وتفسيرها، خاصة في ظل هذه المرحلة الانتقالية التي تعايشها مصر، فيما بعد ثورتين، والتي تحاول خلالها الانتقال من مرحلة الاحتجاج والثورة إلي مرحلة بناء وتأسيس الدولة، ولتتجاوز إشکاليات عقود عديدة سابقة، وعلي هذا الأساس تبلورت إشکالية الدراسة حول تساؤل رئيس مؤداه : ما مستويات الثقة العامة في المؤسسات الحکومية في مصر وطبيعتها ومحدداتها؟. واعتمد الباحث علي أداة الاستبيان لجمع البيانات، من عينة عمدية من المتعلمين بمحافظة سوهاج، بلغ عددها (153 مبحوثاً)، وإجمالاً، أکدت المعطيات الميدانية علي أن المجتمع المصري يحتاج إلي ضرورة الاهتمام بتنمية مستويات الثقة العامة، حيث أن هناک تدهور في مستوي الثقة العام في المؤسسات الحکومية.

الكلمات الرئيسية


مستویات الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة ومحدداتها
دراسة میدانیة علی عینة من المتعلمین بمحافظة سوهاج
خالد کاظم
الملخص     
لقد أصبح من المهم دراسة مستویات الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة فی مصر وفهمها وتفسیرها، خاصة فی ظل هذه المرحلة الانتقالیة التی تعایشها مصر، فیما بعد ثورتین، والتی تحاول خلالها الانتقال من مرحلة الاحتجاج والثورة إلی مرحلة بناء وتأسیس الدولة، ولتتجاوز إشکالیات عقود عدیدة سابقة، وعلی هذا الأساس تبلورت إشکالیة الدراسة حول تساؤل رئیس مؤداه : ما مستویات الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة فی مصر وطبیعتها ومحدداتها؟. واعتمد الباحث علی أداة الاستبیان لجمع البیانات، من عینة عمدیة من المتعلمین بمحافظة سوهاج، بلغ عددها (153 مبحوثاً)، وإجمالاً، أکدت المعطیات المیدانیة علی أن المجتمع المصری یحتاج إلی ضرورة الاهتمام بتنمیة مستویات الثقة العامة، حیث أن هناک تدهور فی مستوی الثقة العام فی المؤسسات الحکومیة.
 
الکلمات الدالة:
الثقة  - الثقة العامة – المؤسسات الحکومیة 
 
Levels of Public Trust in Governmental Institutions
 A field study of a population of literates in Sohag Governorate
 
Khaled Kazem Abu Douh
 
Abstract 
 
It has become significant to study, understand and interpret the levels of the public trust in governmental institutions, particularly during the current transitional phase witnessed by Egypt in the wake of two revolutions. During this phase, Egypt has been endeavoring to move from protests to statehood to get over accumulative problems. Accordingly, this study attempted to address the main question: What are the levels, nature and determinants of public trust in governmental institutions? The researcher used a questionnaire to collect data from an intentional sample of literates (153 respondents) from Sohag Governorate. The results revealed that the Egyptian society needs to pay due attention to develop the levels of public trust due to the deteriorating level of public trust in governmental institutions.
 
Key words:
trust – public trust – governmental institutions
 
 
 
 
المقدمة: 
تعد الثقة Trust من المفاهیم المحوریة، ومن المکونات الأساسیة؛ سواء علی مستوی المجتمع أو الدولة، حیث تعد الثقة بمثابة اللُحمة التی تربط مکونات المجتمع والدولة بعضها مع البعض الآخر، وتربط بین الأفراد وبعضهم البعض من ناحیة، وبالمجالات والمؤسسات الاجتماعیة والسیاسیة من ناحیة أخرى، وإذا تراجعت مستویات الثقة أو تآکلت، فإن ذلک یعد مؤشراً سلبیاً علی أن "الذات الجمعیة" والدولة فی مأزق وجودی حقیقی.
ولقد أکدت دراسات علم الاجتماع والسیاسة طویلاً علی أهمیة الثقة، سواء فی بعدها الاجتماعی أو السیاسی، بالنسبة للحکم الدیمقراطی الفعال؛ فالثقة الاجتماعیة تکون هامة، لأنها تقوی وتدعم العلاقات التعاونیة، وتسهل الفعل الجمعی فی المجتمع، بینما تکون الثقة السیاسیة العامة ضروریة لإثبات صلاحیة المؤسسات الدیمقراطیة، کما أن الثقة تعمل علی تخفیف حدة الصراعات وصورها، وتجسر الفجوة بین الانقسامات السیاسیة والاجتماعیة.
وتعتبر الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة والسیاسیة واحدة من أهم آلیات الوصول إلی الشرعیة السیاسیة بالنسبة لأی نظام حاکم، لأنها تؤشر علی درجات رضا الشعب، وقبوله ودعمه للدولة ومؤسساتها القائمة، کما أن ارتفاع مستویات الثقة العامة، یساعد الحکومة علی الأداء السیاسی الفعال، بینما تؤشر المستویات المتدهورة للثقة علی أن الحکومة فقدت دعم الشعب، وتضامنه ومساندته لها، ولذلک فمن المتوقع أن تواجه الحکومة عدید من المعوقات والمقاومة والاحتجاج أثناء اقتراحها أو تحدیدها لسیاساتها وتنفیذها.
ولقد بدأ عدد کبیر من دول العالم، بدایة من الثلث الأخیر من القرن العشرین، یشهد تدهوراً ملحوظاً فی مستویات الثقة العامة فی الحکومات والمؤسسات السیاسیة، وذلک عبر عدد من الدیمقراطیات الراسخة والناشئة علی حد السواء، ولقد وصفت عدید من المسوح والتقاریر العالمیة هذه الظاهرة، من خلال التأکید علی أن مستویات الثقة السیاسیة تدهورت إلی مستویات غیر مسبوقة من قبل.
وعلی هذا الأساس، بدأت عدید من فروع العلوم الاجتماعیة، الاهتمام والترکیز علی دراسة موضوع الثقة العامة، ومستویاتها وأسباب تدهورها، وصدرت فی هذا السیاق عددا من التقاریر والمسوح العالمیة، التی تم تنفیذها عبر دول مختلفة، وبعض هذه المسوح أهتم بالمقارنة بین الدول المختلفة، ولقد طالت هذه المسوح مختلف قارات العالم.
أولاً: مشکلة الدراسة:  
تمر مصر علی مستوی الدولة والمجتمع بمرحلة انتقالیة صعبة، شهدت خلالها موجات ثوریة واحتجاجیة مرکبة ومعقدة، وکانت هذه المرحلة هی حصاد سیاسات عقود طویلة، تعرضت فیها مصر لظروف اقتصادیة وسیاسیة واجتماعیة صعبة، خلقت مجتمع غیر سوی، ودولة واهنة، کما أنها أدت إلی ما یمکن أن یطلق علیه "الانقسام الکبیر"، الذی حول مصر إلی عالمین؛ عالم مجتمع الرفاهیة والسلطة، ویضم جماعات الحکم وأبناء الطبقة الغنیة، وبعض الشرائح العلیا من الطبقة الوسطى، وعالم الفقراء والمهمشین، والذی یعایشه غالبیة أهل مصر، الذین یشعرون بالظلم والحرمان، ولقد خلق هذا الوضع الذی غابت عنه العدالة، حالة من الجفاء بین أبناء العالم الثانی والدولة، فهم سقطوا من ذاکرة الدولة وسیاساتها، وهم کرد فعل طبیعی أعطوا ظهورهم للدولة، وفقدوا الثقة فی مؤسساتها وسیاساتها، وترسخت هنا صور التمزق والتباعد، وزادت الفجوات سواء داخل المجال الاجتماعی أو السیاسی، حتى کادت أن تجف عروق الثقة فی کلا من المجتمع والدولة.
ومن المؤکد إمبیریقیاً أن تدهور مستویات الثقة فی بعدها الاجتماعی أو السیاسی، کان قد بدأ منذ سنوات قبل ثورة "25 ینایر"، ففی دراسته حول موضوع التسامح، أشار "أشرف عبد الوهاب"، إلی أن الغالبیة العظمى من عینة دراسته، أشاروا إلی أن مستوی الثقة فی المجتمع المصری قد تغیر للأسوأ، کما کشفت الدراسة عن سیادة مستویات متدنیة من الثقة بین الناس فی مناطق معیشتهم، وفسر الباحث ذلک؛ بالکثافة السکانیة والازدحام، وزیادة الضغوط الاجتماعیة والاقتصادیة، والتی خلقت حالة من الشعور بعدم الثقة فی الآخرین. (عبد الوهاب، 2006، ص 278)
ولقد حاول "خالد عبد الفتاح" فی دراسته عن قیم العمل الأهلی، قیاس الثقة کقیمة بالاعتماد علی عدد من المؤشرات؛ مثال الثقة فی مؤسسات المجتمع المختلفة، والثقة فی الفئات الاجتماعیة، والثقة فی جماعات الجیرة، وأخیراً الثقة فی الناس بشکل عام. وأوضحت نتائج الدراسة تدنی مستویات ثقة العینة فی المؤسسات الاجتماعیة المختلفة، وجاءت أعلی نسبة للثقة (55.7%) فی المؤسسات الدینیة، وفی المرتبة الثانیة جاءت القوات المسلحة بنسبة (41.7%). وبشکل عام أکد الباحث من خلال تحلیل بیانات دراسته، أن هناک تدنی لقیمة الثقة، مما یؤثر علی منظومة العمل الأهلی بشکل عام، وعلی الثقافة المدنیة، تأثیرا سلبیاً بشکل خاص. (عبد الفتاح، 2006م، ص 218)
وفی دراسة "أحمد زاید" وفریق من الباحثین، بعنوان "الأطر الثقافیة الحاکمة لسلوک المصریین واختیاراتهم"، والتی طبقت علی عینة قومیة من المجتمع المصری، أشارت نتائج الدراسة إلی أن غالبیة عینة الدراسة بنسبة (68%) یرون أن الثقة قد انخفضت خلال السنوات الخمس الأخیرة، وأکدت الدراسة أیضا علی انخفاض ثقة عینة الدراسة فی المؤسسات بشکل عام، وأن هناک انقسامًا بین العینة من حیث مدی الثقة فی الحکومة، حیث یثق بها (50,4%)، وأرجعت الدراسة أسباب عدم الثقة فی الحکومة؛ إلی عدم الوفاء بوعودها، وعدم اهتمامها بالفقراء، وانحیازها لرجال الأعمال، وعدم تصدیها للفساد. (زاید وآخرون، 2009م، ص 119)
وبخلاف الدراسات الاجتماعیة التی حاولت رصد مستویات الثقة فی المجتمع المصری، ظهرت عدد من المسوح التی اهتمت بالثقة؛ منها "مشروع قیاس الرأی العام العربی"، الذی نفذه المرکز العربی للأبحاث والدراسات، وأشارت النتائج فیه إلی أن النمط العام الذی تبرزه اتجاهات الرأی العام نحو الثقة فی مؤسسات الدولة فی البلدان العربیة، یؤکد بصورة جلیة أن الثقة فی الأجهزة العسکریة أو شبه العسکریة، هی أعلی من الثقة بالسلطات التنفیذیة والتشریعیة والقضائیة. وفیما یتصل بالمجتمع المصری أشار المسح إلی أن أعلی نسبة للثقة کانت مؤسسة الجیش المصری، وبلغت (69%)، یلیها القضاء المصری بنسبة (29%)، ثم جهاز الشرطة بنسبة (17%)، وأخیرا المجالس النیابیة بنسبة (12%). (مشروع قیاس الرأی العام العربی، 2013م، ص 33-38)
وعلی العکس من الدراسات والمسوح السابقة، ظهرت عدد من المسوح التی تؤشر نتائجها علی ارتفاع مستویات الثقة العامة بالمؤسسات الحکومیة فی مصر، منها "استطلاع البارومیتر العربی"، الذی أجراه "مرکز الدراسات السیاسیة والاستراتیجیة بالأهرام"، وأشارت نتائجه إلی ارتفاع مستویات الثقة العامة فی مصر، وبلغت نسبة الثقة فی القوات المسلحة (99%)، وفی المرتبة الثانیة القضاء المصری بنسبة (95%)، وبلغت نسبة الثقة فی الحکومة ومؤسساتها بشکل عام (91%). (عبد الجواد وآخرون، 2011م، ص 19)
ومن خلال مراجعة مجمل هذه المحاولات الجادة، التی وفرت رؤیة وتصور عن الثقة العامة فی المجتمع المصری، یلاحظ أن هناک تباینًا فی مستویات الثقة والنسب التی تعرضها الدراسات الاجتماعیة والمسوح، إضافة إلی أن کل هذه المحاولات لم یکن موضوعها الرئیس هو الثقة ومستویاتها، بمعنی أن الثقة کانت مجرد مفهوم فرعی فی ثنایا الدراسات والمسوح، ولهذا أیضا غابت عن هذه الدراسات مناقشة الثقة العامة والنتائج التی انتهت إلیها علی خلفیة الاتجاهات النظریة، التی تفسر الثقة العامة سواء فی علم الاجتماع أو علم السیاسة، وعلی هذا الأساس، یمکن القول بأن هناک نقص فی المعرفة حول مستویات الثقة العامة فی مصر وطبیعتها ومحدداتها، وتفسیر ذلک علی ضوء النظریات التی رکزت بشکل واضح وصریح علی الثقة العامة.
کما أنه من المهم، دراسة ومعرفة وفهم مستویات الثقة العامة، خاصة فی ظل المرحلة الانتقالیة التی تعایشها مصر، والتی تحاول خلالها الانتقال من مرحلة الاحتجاج والثورة، إلی البناء والتأسیس لدولة تتجاوز إشکالیات ومعضلات العقود السابقة، حتى یتسنى لنا فهم حالة الشقاق التی ترسخت عبر سنوات طویلة بین غالبیة أهل مصر والدولة ومؤسساتها، وتجسدت هذه الحالة فی مستویات تبدو غیر مقبولة من الثقة العامة، وتحتاج مصر أکثر من أی وقت لمستویات الثقة العالیة سواء فی بعدها الاجتماعی أو بعدها السیاسی. ومما سبق یمکن بلورة إشکالیة الدراسة الراهنة فی تساؤل رئیس مؤداه:ما مستویات الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة فی مصر وطبیعتها ومحدداتها؟
ثانیاً: أهداف الدراسة وتساؤلاتها:
ترتبط الدراسة الراهنة بقضیة تزاید الحدیث عنها فی الآونة الأخیرة، سواء علی مستوی الخطاب الرسمی أو الخطاب الإعلامی، وهی قضیة "لماذا لا یثق أهل مصر فی الحکومة؟"، وهذا السؤال طرحه رئیس الجمهوریة فی إحدى خطاباته للشعب المصری فی أبریل 2016م، وتناولته عدید من الصحف والقنوات الفضائیة، وعلی الرغم من أن هناک عدید من الدراسات والبحوث التی اقتربت من الإجابة علی هذا السؤال، إلا أنه من الأهمیة التعرف علی واقع وطبیعة الثقة العامة فی الحکومة ومحدداتها فی الوقت الراهن، وعلی هذا تتحدد أهداف الدراسة وتساؤلاتها علی النحو التالی:
أهداف الدراسة :
تحاول الدراسة الراهنة الاعتماد علی مجموعة من الأهداف، التی ترتبط بقضیة الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة، وهذه الأهداف هی: 
معرفة شروط الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة وضماناتها.رصد مستویات الثقة العامة فی عدد من المؤسسات الحکومیة وطبیعة هذه الثقة.التعرف علی أسباب الثقة العامة أو عدم الثقة فی عدد من المؤسسات الحکومیة.الکشف عن المحددات الاجتماعیة لمستویات الثقة العامة فی عدد من المؤسسات الحکومیة.
تساؤلات الدراسة:
تطرح الدراسة الراهنة عدد من التساؤلات، والتی تحاول الوصول لإجابات علیها من خلال البیانات التی سوف یتم جمعها من المیدان، وهذه التساؤلات هی:
- ما شروط الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة وضماناتها؟
- ما مستویات الثقة العامة فی عدد من المؤسسات الحکومیة وطبیعة هذه الثقة؟
- ما أسباب الثقة العامة أو انعدام الثقة فی عدد من المؤسسات الحکومیة؟
- ما المحددات الاجتماعیة المختلفة للثقة أو عدم الثقة فی عدد من المؤسسات الحکومیة؟
ثالثاً : الإطار النظری للدراسة :
تظل الثقة العامة ومستویاتها داخل أی دولة، بمثابة المادة اللاحمة، التی تربط المواطنین العمومیین بالمؤسسات التی تمثلهم، وترعى مصالحهم، وتعمل علی تحقیق أهدافهم، وإشباع احتیاجاتهم، ومن خلال أرصدة الثقة العامة، تتحدد شرعیة الحکومات وفاعلیتها، وتزداد أهمیة الثقة العامة ومستویاتها بشکل أکبر بالنسبة للأنظمة والحکومات الجدیدة، التی تبدو فی بدایتها ذات أرصدة محدودة من التأیید والدعم.
وتحاول الدراسة خلال هذا الجزء تقدیم مقاربة تحلیلیة لمفهوم الثقة، ومناقشة نقدیة للاتجاهات النظریة التی حاولت تفسیر الثقة العامة، أو الثقة فی بعدها السیاسی، والوصول لملامح الإطار النظری والمقاربات النظریة التی سوف تعتمد علیه الدراسة الراهنة.
الثقة والثقة العامة: مقاربة مفاهیمیة
لیست الثقة واحدة، ولکن مفهوم الثقة یتضمن أبعاداً وصوراً متعددة، یتجسد بها عبر تفاعلات الحیاة الیومیة، فهناک الثقة الاجتماعیة، وهی ثقة الفرد فی الآخرین من حوله، وهناک الثقة العامة، والتی یطلق علیها أحیاناً الثقة السیاسیة، وهی ثقة المواطن فی المؤسسات الحکومیة ونظام الحکم برمته، ولهذا یبدو من المهم توضیح التمایزات بین مفهوم الثقة فی بعده الاجتماعی والسیاسی، وذلک علی النحو التالی :
الثقة الاجتماعیة: معنی الثقة فی الآخر 
حظی مفهوم الثقة الاجتماعیة Social Trust بإشارات مبکرة ومتمیزة، تکشف عن أهمیتها لتأسیس حیاة جمعیة مستقرة، وتعنی الثقة الاجتماعیة ببساطة أنها العلاقة التی تتجاوز حدود المصلحة الفردیة أو الذاتیة الضیقة. ولقد أشار "دور کایم" إلی جوهر مفهوم الثقة فی عبارة موجزة قائلاً : "لا یصبح کل شیء رهن التعاقدیة"، فإحدى سمات المجتمع الحدیث – عند دور کایم – أنه مجتمع یتم إدراکه عبر نظام أخلاقی، حیث تصبح مصالح الفرد قادرة علی التکامل فی هذا المجتمع علی أساس الالتزام الذاتی بالمعاییر والقواعد الجمعیة، ووجود الثقة بین الأفراد فی المجتمع، یجعل من العیش المشترک بینهم ممکناً. (أبو دوح، 2014م، ص 194)
ولقد اعتبر "جورج زیمل" Simmel الثقة من أهم قوى تأسیس المجتمع، وبدون هذه الثقة العمومیة بین الأفراد وبعضهم البعض، فإن المجتمع عرضه للتحلل والتفکک، وفی هذا السیاق طرح "زیمل" ضرورة الاهتمام بفهم مشاعر الإخلاص والولاء کأحد المؤشرات للمحافظة علی العلاقة مع الآخر، ودعم مستویات الثقة بین الأنا والآخر. ولقد ذهب "بارسونز" إلی أن المجتمع المتکامل؛ هو الذی یملک فیه الفاعلون جدارة الثقة فی أداء أدوارهم. (أبو دوح، 2014م، ص 195)
وأکد "لومان" علی أن الأفراد فی المجتمع الحدیث فی حاجة للثقة، وذلک بسبب التعقید الذی تتسم به الحیاة الحدیثة؛ وکلما زادت مستویات الثقة بین الأفراد، کلما انخفض مستوی هذا التعقید، وبدت الحیاة أکثر سهولة ویسر، واستطاع الأفراد تحقیق أهدافهم فیها.(Buskens, 2002, p. 5)
وتشیر الثقة الاجتماعیة إلی مستوی اعتقاد الأفراد فی مجتمع ما بأن الآخرین سوف یوفون بالوعود المتوقعة منهم فی موقف ما من مواقف الحیاة الیومیة. ویذهب "أنتونی جیدنز" إلی أن الثقة تتخلق عبر الإیقاعات المنظمة للحیاة الاجتماعیة، وتظهر الثقة هنا بمثابة اللُحمة التی تربط الأفراد من خلال اندماج ذواتهم سویا فی بناء نفسی واحد، یخلو من الشک والریبة والخوف والقهر. (زاید، 1996م، ص 79). ویؤکد "جیدنز" علی أن الثقة وتجنب فقدانها أثناء المواقف الیومیة الصعبة، یعتبر أحد الأرکان فی عملیة إعادة إنتاج الممارسات الاجتماعیة، وللثقة أهمیة خاصة علی المستوی الفردی، فمن خلال خلق الأشیاء المألوفة وتکرارها وإعادة إنتاجها عبر إیقاع الحیاة المتکرر، یحافظ الأفراد علی شخصیاتهم، ویستطیع کل منهم أن یحتوی مظاهر القلق، التی یمکن أن تتسرب إلیه، الثقة إذن رابطة تحقق الأمن الوجودی للمجتمع کله، بنفس القدر الذی تحقق فیه الأمن الوجودی للفرد.(Rotter, 1971, p. 554)
ویمیل "روسل هاردین" Russel Hardin إلی اعتبار الثقة کاعتقاد بأن الآخرین لن یتعمدوا أو یرغبوا فی الإساءة إلیک فی أسوأ الأحوال، وفی أحسن الأحوال سوف یسلکون مع مراعاة مصالحک. ویمیل "مارک وارین"، إلی تعریفها بأنها العلاقة التی تتضمن الإیمان بالمصالح المشترکة، وتجنب سوء القصد أو تعمد أذی الآخرین. وبطریقة مشابهة، یشیر "دیجوجامبیتا" إلی أن الثقة هی الاعتقاد بأن الآخرین سوف ینجزون بطریقة ما تعود علینا بالفوائد، بطریقة أو بأخرى، وعلی الأقل لن یکون انجازهم وتصرفاتهم ضارة بنا فی أی الأحوال. (أبو دوح، 2014م، ص 199)
مما سبق یمکن الإشارة إلی أن الثقة الاجتماعیة، هی عبارة عن حالة الائتمان والاستئمان المتبادلة بین الأفراد عبر علاقاتهم الیومیة، والتی تعتمد علی توقع تبادل المنافع، والتصرف علی نحو مقبول، ومثل هذه الحالة تدعم التفاعل والاندماج بین الأفراد. وتتطلب الثقة الاجتماعیة؛ المعرفة الجیدة بالآخر، والاعتقاد بأنه أمین، ویتصف بالتعاون والعطاء والإیثار، وقادر علی التصرف بعدالة، کما تشترط الثقة الاجتماعیة الخبرة الشخصیة، أی خبرة الفرد خلال عملیات التنشئة الاجتماعیة بالثقة فی الآخر.
الثقة العامة : ماهیة الثقة فی المؤسسات الحکومیة 
ترتبط الثقة العامة General Trust فی المؤسسات بالثقة السیاسیة، ولقد أکد التراث البحثی فی العلوم الاجتماعیة علی أهمیتها بالنسبة لأی نظام دیمقراطی، فالثقة العامة تکون ضروریة لإثبات شرعیة المؤسسات وفاعلیتها وصلاحیتها، ویعد تدهور مستویات الثقة العامة، وعدم رضا المواطنین عن أداء النظام الحاکم ومؤسساته، عندما یتصف بالفساد، وسوء استخدام القوة، وتقیید الحریات العامة، رد فعل صحی وسلیم، کما أن الثقة المطلقة "العمیاء" من جانب المواطنین، والتی تکون فی غیر محلها، یمکن أن تکون مشکلة فی حد ذاتها.(Jamal, 2007, p. 1332)
وتشیر الثقة العامة؛ إلی اعتقاد الأفراد وإیمانهم فی قدرة المؤسسات الحکومیة، وممثلیها من الفاعلین السیاسیین، علی تحقیق طموحاتهم، وحمایة مصالحهم بقدرة عالیة، وکفاءة ناجزة.(Ma & Yang, 2014, p. 325). ویتأکد هذا المعنی من خلال باحث آخر أشار إلی أن الثقة العامة هی تعبیر عن درجة إدراک الأفراد ووعیهم، بأن الحکومة عبر مؤسساتها المختلفة تنتج مردودات تتطابق مع توقعاتهم.(Weinschenk &Helpap, 2015, p. 28)
وتعد الثقة العامة؛ بمثابة تقییمات الأفراد لأداء المؤسسات الحکومیة وفاعلیتها، ومدی صلاحیة رجال الدولة والسیاسة لأداء المهام المطلوبة منهم. وبناء علی ذلک یمکن اعتبار الثقة العامة؛ کاتجاه تقویمی من قبل الأفراد نحو نظامهم السیاسی ومؤسساتهم الحکومیة، وذلک وفقا لتوقعاتهم المعیاریة، ونظام الحکم الجید، یؤمن بأهمیة هذه الثقة حتى یدعم شرعیته، ویضمن استقرار حکمه واستمراره.(Bean, 2003, p. 3)
ولقد ذهب "إیستون" Easton إلی أن الثقة فی المؤسسات السیاسیة، هی شکل من أشکال الدعم المنتشر والواسع، الذی یتجسد فی مدى رضا المواطنین عن النظام السیاسی والأداء الحکومی، وتعکس الثقة العامة اتجاه إیجابی عام، نحو مجموعة المؤسسات الحکومیة القائمة، بینما یشیر تدهور الثقة العامة إلی حالة السخط العامة لدی المواطنین تجاه هذه المؤسسات. ولقد أکد "إیستون" کذلک علی أن هناک ارتباطاً ظاهریاً بین الثقة العامة فی الحکومة ومستوی الشرعیة التی تحوزها.(Aydin &Cenker, 2011, p. 230-231)
مما سبق، یمکن الإشارة إلی أن الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة فی سیاق الدراسة الراهنة، تشیر إلی تقییم الأفراد لأداء المؤسسات الحکومیة والقائمین علیها ومخرجاتها، ومدی رضاهم أو عدم رضاهم عن ذلک، علی ضوء طموحاتهم وأهدافهم ومصالحهم. وتتحدد مستویات الثقة فی هذه الدراسة من خلال متصل یبدأ من "قدر کبیر من الثقة"، "قدر متوسط"، "قدر ضعیف"، وأخیرا "لا توجد ثقة علی الإطلاق".
المقاربات النظریة المفسرة للثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة
هناک مقاربتان نظریتان تتنافسان حول تفسیر جذور الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة وطبیعتها، وتقدمان رؤى مختلفة عن مستویات الثقة وطبیعتها وطرق قیاسها، ودورها فی إضفاء میزة الدیمقراطیة علی المؤسسات، ودعم صلاحیتها وفاعلیتها، وهما المقاربة الثقافیة، والمقاربة المؤسسیة.
المقاربة الثقافیة:  
تفترض المقاربة الثقافیةCultural Approach، أن الثقة فی المؤسسات السیاسیة تنبع من خارجها، بمعنی أنها تنشأ من خارج المجال السیاسی، وتکون جذورها راسخة فی المعاییر الاجتماعیة والثقافیة، ویتم تجذیرها وتکوینها ونقلها عبر عملیات التنشئة الاجتماعیة، منذ بدایة حیاة الشخص، وعلی هذا فإن الثقة العامة، هی بمثابة امتداد للثقة الاجتماعیة بین الأفراد فی المجتمع، والتی یتم تعلمها واکتسابها مبکراً فی المؤسسات الاجتماعیة؛ کالأسرة والمدرسة ... إلخ، وبعد ذلک من الفترض أن تتحول إلی الثقة فی المؤسسات الحکومیة والسیاسیة.(Mishler& Rose, 2001, p. 31)
وتعتمد هذه المقاربة علی نظریة رأس المال الاجتماعی، وذلک من خلال أن المجتمع الذی یمتلک رصیداً کبیراً من رأس المال الاجتماعی، یکون الأفراد فیه علی درجة عالیة من الثقة فی مؤسساتهم السیاسیة، وبمعنى آخر، فإن الثقة الاجتماعیة التی یتم تکوینها ومراکمتها فی الحیاة الاجتماعیة المدنیة للناس، عبر مشارکاتهم فی المنظمات المدنیة والتطوعیة، تمتد إلی الأنشطة السیاسیة المتصلة فیما بینها، وتؤثر علی ثقة الناس فی المؤسسات السیاسیة والفاعلین السیاسیین.(Ma & Yang, 2014, p. 34).
وعلی هذا یتعامل أصحاب هذه الرؤیة مع الثقة، باعتبارها سمة ناشئة، ترتبط بالأشکال الأساسیة والأولیة للعلاقات الاجتماعیة، ویفترض أن یتعلم الأفراد منذ المیلاد أن یثقوا أو لا یثقوا فی الآخرین، وذلک من خلال اختبار وتجربة کیف أن الآخرین یعاملونهم؟، وکیف یکون رد فعلهم تجاه سلوکهم؟، وفی بدایة العمر یکون هؤلاء الآخرین؛ هم الآباء وأفراد الأسرة، ولکن عبر الوقت تتسع دوائر الآخرین، وتتعدد التفاعلات لتضمن؛ الجیران والأصدقاء وزملاء العمل والدراسة .. إلخ.(Mishler& Rose, 2001, p. 34)
وعلی الرغم من أن مصادر الثقة وأسسها، تکمن خارج المجال السیاسی، لکن هناک افتراضًا بأن الناس الذین یثقون فی بعضهم البعض، یزداد احتمال تعاونهم سویا فی تشکیل المؤسسات الرسمیة وغیر الرسمیة، وهذه الثقة الخارجیة عن المجال السیاسی بین الأفراد، تساعد فی جعل المؤسسات السیاسیة تعمل، لأنها تنتشر وتتوسع - وذلک  حسب  وصف "بوتنام" – لتدعم التعاون مع الآخرین فی المؤسسات المدنیة، وبعد ذلک تتضخم وتنتشر عبر المؤسسات الحکومیة والسیاسیة، هنا تتحول الثقة إلی سمة عامة، سواء داخل المجال السیاسی أو خارجه، وبهذا المعنى تنتقل الثقة بین الأفراد إلی المؤسسات السیاسیة، وتخلق ثقافة مدنیة عامة. (أبو دوح، 2014م، ص 122-131)
ویظهر التحلیل الدقیق للثقة العامة من خلال المقاربة الثقافیة الصغرى "المیکرو"، والتی تؤکد علی أن التنشئة الاجتماعیة فی مجتمع متجانس ثقافیاً، تسمح بالتباین الجوهری بین الأفراد؛ حسب الجندر والخلفیة الأسریة والتعلیم ... إلخ، ولیست کل الأسر فی المجتمعات القائمة علی القرابة والنسب، تتساوی فی الصلات الوثیقة بینها، وکذلک الدعم المتبادل، ولیس کل فرد ینضم إلی الروابط غیر الرسمیة، یتعلم التعاون والثقة، أو ینقل تلک السمات إلی المؤسسات السیاسیة. وبدلا من ذلک تؤکد النظریات الصغرى علی أن تأثیر الثقافة علی الثقة الفردیة، یتنوع حسب طبیعة التنشئة الاجتماعیة ذاتها، والخبرات وجها لوجه مع کل شخص.
ولقد أدخل "فوکویاما" بعض التغییرات علی المقاربة الثقافیة، حیث ذکر أن درجة الثقة داخل الجماعات وجها لوجه، تکون مشترکة بین کل المجتمعات، ویوضح أن محور الثقة، والذی یعنی به توسع الثقة بین الأفراد إلی المؤسسات اللاشخصیة، یتنوع بشکل کبیر عبر الثقافات، ویلاحظ أن الدیمقراطیات المستقرة یمکن أن تکون موجودة فی الثقافات ذات الثقة المنخفضة، وذات الثقة العالیة، علی حد السواء. (فوکویاما، 1998م، ص 40-50)
ولقد ذهب "شلابینتوخ" Shlapentokh، إلی ما هو أبعد من ذلک، حینما وضح أنه فی الأنظمة التعبویة، توجد علاقة عکسیة بین المؤسسات والجماعات وجها لوجه، حیث أن هذا المجتمع یعتمد فیه الأفراد علی الشبکات الموثوق فیها، وذلک بعزل أنفسهم عن مؤسسات الدولة، والتی تنعدم فیها الثقة. وما هو أعم، أنه الیوم یوجد شک متزاید حول الرابطة بین الثقة فیما بین الأفراد، والثقة فی المؤسسات السیاسیة العامة، ویوضح "نیوتن" Newton، أن الثقة بین الأفراد والثقة السیاسیة تکونان متباینتین مفاهیمیاً، ففی مجتمع الیوم "ما بعد الصناعی"، تحولت الثقة الوثیقة فی علاقات الوجه للوجه، التی أکد علیها "توکفیل" فی وصفه للمجتمع "ما قبل الصناعی"، إلی العلاقات اللاشخصیة الضعیفة.(Mishler & Rose, 2001, p. 35)
المقاربة المؤسسیة:  
علی العکس من المقاربة الثقافیة، یذهب أصحاب المقاربة المؤسسیةInstitutional Approach، إلی أن الثقة العامة فی المؤسسات تکون داخلیة، أی من داخل المجال السیاسی، ویقوم هذا الاتجاه علی وجهة نظر الاختیار العقلانی، حیث یفترض أن الثقة بمثابة استجابات عقلانیة للأفراد تجاه أداء المؤسسات الحکومیة، ویؤکد أصحاب هذا الاتجاه أیضا علی أهمیة محصلات وعوائد السیاسات التی تختارها وتنفذها المؤسسات السیاسیة والحکومیة، ولهذا تعتمد الثقة العامة علی قدرة الحکومة ومؤسساتها، علی تطبیق السیاسات الجیدة والمقبولة فی عیون مواطنیها.(Wong and others, 2008, p. 264)
وتؤکد هذه المقاربة علی أهمیة أداء المؤسسات، بما فی ذلک الأداء الاقتصادی، ووجود الثقة أو انعدامها فی المؤسسات الحکومیة، مرهون بمدى إنتاجیتها ومحصلاتها الاقتصادیة المرغوبة من قبل الأفراد. وبمعنى أخر، یذهب أصحاب الاتجاه المؤسسی، إلی أن هناک ارتباط إیجابی بین ثقة المواطنین فی المؤسسات، وبین عمل المؤسسات بکفاءة وإنجاز من أجل تحقیق مطالبهم وإشباع احتیاجاتهم، کما أن للأداء الاقتصادی للمؤسسات، والذی یقاس من خلال الظروف الاقتصادیة المقبولة، أهمیة کبیرة فی تقییم المؤسسات، ومستویات الثقة فیها.(Aydin &Cenker, 2011, p. 233)
ویجب الإشارة هنا، إلی أن هناک من الباحثین من أکد علی أنه لیست الظروف الاقتصادیة الوحیدة لتقییم المواطنین لأداء الحکومة ومؤسساتها، حیث هناک عدد من الدراسات أکدت علی وجود ارتباط بین رضا المواطنین عن الحکومة، وإدراکهم لقدرة النظام علی حکم الدولة بدیمقراطیة وشفافیة وفاعلیة، بمعنی أن هناک أهمیة للمخرجات السیاسیة وما یرتبط بها من حفاظ المؤسسات الحکومیة علی الحریات العامة وحقوق الإنسان.(Aydin &Cenker, 2011, p. 233)
کما أنه یمکن الربط بین المخرجات السیاسیة للنظم الحاکمة الجدیدة والدیمقراطیات الناشئة، بمعنی أن الدیمقراطیات الجدیدة ونظم الحکم التی وصلت للحکم حدیثا، والتی لا تزال بنیة مؤسساتها السیاسیة فی طور التشکیل، تکون المخرجات السیاسیة (مثال محاربة الفساد، حمایة حقوق الإنسان، الحفاظ علی الحریات العامة ...إلخ)، علی نفس الدرجة من الأهمیة مع المخرجات الاقتصادیة، فی الوصول لثقة المواطنین ودعمهم.
وتدرک المقاربة المؤسسیة الصغرى "المیکرو"، أن تقییمات الأداء، تعکس لیس فقط الأداء المتراکم للمؤسسات الحکومیة، ولکن أیضا تعکس الظروف والقیم والخبرات الفردیة، فالأفراد الذین بدون عمل، أو یعانون اقتصادیا بسبب سیاسات الحکومة، من المحتمل أن تقل ثقتهم فی المؤسسات الحکومیة، مقارنة بمن یعیشون ظروفًا اقتصادیة أحسن. وتکتسب القیم الفردیة أهمیة کبیرة هنا، فالأفراد الذین لدیهم میل لقیم الحریة والدیمقراطیة، یتوقع منهم أن یثقوا فی المؤسسات الدیمقراطیة الجدیدة، علی الرغم من المعضلات والمشکلات الاقتصادیة، التی یمکن أن تواجهها، بینما هؤلاء الذین یعطون أولویة للنمو الاقتصادی، یمکن أن یکون رد فعلهم سلبیاً فی الظروف المماثلة.(Mishler & Rose, 2001, p. 36)
المقاربة الثقافیة والمقاربة المؤسسیة: مقارنة وتعقیب
داخل کلٍ من المقاربتین الثقافیة والمؤسسیة، توجد تمایزات هامة بین المتغیرات الصغرى والکبرى، فبینما تؤکد المقاربة الثقافیة "الماکرو" علی أن المیول المتجانسة للتقالید القومیة، تسمح بالتباین فی الثقة بین الأفراد داخل المجتمع، ترکز المقاربة الثقافیة "المیکرو" علی الاختلافات فی خبرات التنشئة الاجتماعیة الفردیة، کمصادر للتباین وذات دلالة سیاسیة داخل المجتمعات.
وتؤکد المقاربة المؤسسیة الکبرى علی الأداء التراکمی للمؤسسات فی عدید من المسائل؛ مثال: دعم الحکم وفاعلیته، تجنب الفساد ومحاربته. ویفترض هنا أن مخرجات المؤسسات تحدد إلی قدر کبیر ردود أفعال الأفراد واستجاباتهم ومستویات ثقتهم. بینما تؤکد المقاربة المؤسسیة الصغرى علی أن التقییمات الفردیة للأداء المؤسسی تکون مشروطة بالخبرات الفردیة، مثال : مرور الفرد بتجربة شخصیة داخل مؤسسة ما، تدل علی قدر من فساد هذه المؤسسة.(Mishler& Rose, 2001, p. 32)
وتشیر المقاربة الثقافیة "الماکرو" إلی أن المیل إلی عدم الثقة یکون ملازمًا فی الثقافات السیاسیة السلطویة، وتعزز المقاربة الثقافیة "المیکرو" هذا التفسیر، من خلال التأکید علی أن القیم السلطویة التی یتعلمها الفرد من خلال عملیات التنشئة الاجتماعیة، فی ظل هذه الأنظمة، تستمر لأجیال عدیدة. فی حین أن رؤیة المقاربة المؤسسیة، تشیر إلی احتمال أن تکون الثقة السیاسیة الأولیة فی الدیمقراطیات الجدیدة منخفضة، وتواجه هذه الدیمقراطیات مجموعة متنوعة من المشکلات الصعبة، والتی ترتبط بالتحولات السیاسیة والاقتصادیة، ومن الحتمی تقریباً فی هذا السیاق، أنها سوف تواجه قصوراً فی الأداء المؤسسی، حتى تتقن المؤسسات والقائمین علیها أداء الأدوار المنوطة بهم.
وعلی الرغم من الاتفاق بین المقاربتین الثقافیة والمؤسسیة علی أن الثقة فی المؤسسات الدیمقراطیة الجدیدة، سوف تکون منخفضة فی البدایة، إلا أنهما یختلفان بدرجة کبیرة فی توقعاتهما عن قدرات المؤسسات الجدیدة فی إنتاج رصید من الثقة بالسرعة الکافیة. فإذا تم تحدید الثقة العامة ثقافیاً، وکانت ذات جذور تتأصل فی المعاییر الاجتماعیة، أو فی نماذج التنشئة الاجتماعیة الأساسیة، فإنه سوف یوجد القلیل الذی یمکن تنفیذه علی المدى القصیر، لتکوین الثقة ومراکمتها، المسألة هنا تحتاج لعقود طویلة، حتى یتم النجاح فی تنمیة الثقة الضروریة لکی تعمل المؤسسات بفاعلیة.(Mishler& Rose, 2001, p. 32)
 
 
 
 
جدول (1) المقارنة بین المقاربتین الثقافیة والمؤسسیة المفسرة للثقة العامة
وجه المقارنة المقاربة الثقافیة المقاربة المؤسسیة
مصدر الثقة خارج المجال السیاسی ومؤسساته داخل المجال السیاسی ومؤسساته
المستویات الکبرى الثقة ثقافة عامة وقومیة الثقة مرتبطة بالأداء الحکومی والمؤسسی
المستویات الصغرى الثقة مرتبطة بالتنشئة الاجتماعیة والخبرات الفردیة الثقة مرتبطة بتقییمات الأداء الفردیة
ومن خلال الجدول السابق یتضح أن هناک بعض التباینات بین کلا من المقاربتین الثقافیة والمؤسسیة، وسوف تحاول الدراسة الاستفادة من کلا المقاربتین فی تحلیل وتفسیرات مستویات الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة المصریة، فمن خلال المقاربة المؤسسیة؛ سوف تعتمد الدراسة الراهنة علی فکرة ارتباط ثقة المواطنین بأداء المؤسسات ومخرجاتها الاقتصادیة والسیاسیة، ومن خلال المقاربة الثقافیة سوف تربط الدراسة الراهنة بین مستویات الثقة (ثقة کبیرة، ثقة متوسطة، ثقة ضعیفة، لا توجد ثقة)، وبعض المحددات الاجتماعیة، مثال المستوی التعلیمی، والنوع، ومحل الإقامة.
رابعاً: الإجراءات المنهجیة للدراسة:  
تعتبر الدراسة الراهنة، دراسة وصفیة، وذلک بهدف التعرف علی مستویات الثقة العامة ومحدداتها الاجتماعیة، من خلال جمع البیانات والحقائق، التی ترتبط بمحددات الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة ومستویات هذه الثقة وأسبابها.
وبالنسبة لأدوات جمع البیانات، تم الاعتماد علی أداة الاستبیان، وتم صیاغة الاستبیان وفقا لأهداف الدراسة وتساؤلاتها، ولقد تضمن الاستبیان ثلاثة أقسام؛ القسم الأول: وارتبط بمحددات الثقة العامة وشروطها، القسم الثانی: حول مستویات الثقة العامة فی عدد من المؤسسات الحکومیة وطبیعتها، القسم الثالث: وتضمن البیانات الأساسیة لعینة الدراسة.
وتم تطبیق الاستبیان علی عینة عمدیة من الأفراد المتعلمین فی محافظة سوهاج وبلغ عددهم (153)، ولقد حرص الباحث علی أن تکون العینة من المتعلمین، انطلاقا من أن التعلیم یمکن أن یکون مؤشرا علی زیادة مستویات الوعی لدی العینة، خاصة فیما یتصل بالقضیة التی تطرحها الدراسة، کما أن التعلیم من المفترض أنه یسمح للفرد بالتعامل مع عدد کبیر من المؤسسات الحکومیة، کما أن ذلک شکل من أشکال التیسیر علی الباحث، ویجب الإشارة إلی أن الباحث استعان بعدد من طلاب الدراسات العلیا، فی تطبیق عدد من استمارات الاستبیان، وذلک بعد عقد جلسة نقاش معهم، لشرح الهدف من البحث، وأهم الاعتبارات التی یجب الالتزام بها أثناء جمع البیانات. وامتدت فترة تطبیق الاستبیان؛ من بدایة شهر مایو 2016م حتی نهایته.
خامساً: تحلیل نتائج الدراسة وتفسیراتها:
سوف یعرض الباحث بدایة من هنا البیانات المیدانیة التی تم جمعها بعد تصنیفها، إضافة إلی عرض أهم النتائج التی أکدتها هذه البیانات، وتفسیراتها المختلفة، مع تقدیم مناقشة عامة لهذه النتائج علی خلفیة الرؤى النظریة التی تبنتها الدراسة، وذلک علی النحو التالی:
الخصائص والبیانات الأساسیة لعینة الدراسة:
استقر عدد العینة عند (153) مبحوثاً، وذلک بعد استبعاد عدد من الاستمارات خلال عملیة المراجعة المکتبیة، وفیما یلی أهم الخصائص الاجتماعیة لهذه العینة:
الحالة العمریة لعینة الدراسة:جدول (2) توزیع العینة حسب الحالة العمریة
الحالة العمریة العدد النسبة
(15 – 25) 21 13.7%
(25 – 35) 54 35.3%
(35 – 45) 35 22.9%
(45 – 55) 27 17.6%
(55 – 65) 9 5.9%
65 فأکثر 7 4.6%
الجملة 153 100%
تشیر بیانات الجدول  السابق إلی توزیع عینة الدراسة حسب السن؛ حیث جاءت نسبة (35.3%) من العینة فی الفئة العمریة (25-30)، بینما نسبة (22.9%) فی الفئة العمریة (35-45)، ونسبة (13.7%) فی الفئة العمریة (15-25)، وبناء علی ذلک یلاحظ أن غالبیة العینة (70% تقریبا) تمثل مرحلة الشباب، وجاءت نسبة (17.6%) من العینة ضمن الفئة العمریة (45-55)، وجاءت نسبة (5.9%) فی المرحلة العمریة (55-65)، وأخیرا نسبة (6.4%) فی الفئة العمریة (65 فأکثر).
الحالة التعلیمیة لعینة الدراسة:
جدول (3) توزیع العینة حسب الحالة التعلیمیة
الإجابة العدد النسبة
مؤهل متوسط وفوق متوسط 35 22.9%
مؤهل عالی 118 77.1%
الجملة 153 100%
یوضح الجدول السابق أن غالبیة عینة الدراسة بنسبة (77.1%) من أصحاب المؤهلات العلیا، بینما جاءت نسبة (22.2%) من حملة المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة، وعلی هذا یمکن التأکید علی أن عینة الدراسة هی عینة شابة ومتعلمة، ویبدو ذلک ما هدف له الباحث، لما قد یتوفر لدی أصحاب هذه الخصائص من معارف ومستوی وعی یمکنهم من تحدید مستویات موضوعیة للثقة أو عدم الثقة فی المؤسسات الحکومیة، مما یساعد علی تحقیق أهداف الدراسة.
الحالة الاجتماعیة لعینة الدراسة:
جدول (4) توزیع العینة حسب الحالة الاجتماعیة
الإجابة العدد النسبة
لم یسبق له الزواج 47 30.7%
متزوج 101 66%
مطلق 3 2%
أرمل 2 1.3%
الجملة 153 100%
یشیر جدول (4) إلی توزیع العینة حسب الحالة الاجتماعیة؛ وجاءت أعلی نسبة للمتزوجین، وبلغت نسبتهم (66%)، یلیها الذین لم یسبق لهم الزواج، بنسبة (30.7%)، وبلغت نسبة المطلقین (2%)، وأخیرا نسبة الأرامل وبلغت (1.3%).
توزیع العینة حسب النوع:
جدول (5) توزیع العینة حسب النوع
الإجابة العدد النسبة
ذکر 78 51%
أنثی 74 48.3%
فاقد 1 0.7%
الجملة 153 100%
توضح بیانات الجدول السابق، توزیع عینة الدراسة حسب النوع، ولقد بلغت نسبة الذکور فی العینة (51%)، بینما بلغت نسبة الإناث (48.3%)، وأخیرا کانت هناک نسبة (0.7%) فاقد، حیث إن المبحوث لم یستوفِ السؤال الخاص بالنوع.
توزیع العینة حسب محل الإقامة:
جدول (6) توزیع العینة حسب  محل الإقامة
الإجابة العدد النسبة
قریة 72 47.1%
مرکز 81 52.9%
الجملة 153 100%
توضح بیانات الجدول (6) توزیع عینة الدراسة حسب محل الإقامة؛ وبلغت نسبة من یعیشون فی المراکز من العینة (52.9%)، بینما بلغت نسبة من یسکنون فی القرى (47.1%).
توزیع العینة حسب الموقف من العمل:
جدول (7) توزیع العینة حسب الحالة العملیة
الإجابة العدد النسبة
یعمل 127 83%
متعطل 13 8.5%
خارج قوة العمل 13 8.5%
الجملة 153 100%
تکشف بیانات الجدول (7) الخاص بتوزیع عینة الدراسة حسب الموقف من العمل؛ أن هناک نسبة (83%) من العینة یعملون فی القطاعات المختلفة، سواء العمل الحکومی أو القطاع الخاص، بینما تساوت نسبة المتعطلین، مع من هم خارج قوة العمل، وبلغت هذه النسبة (8.5%). وعلی هذا تعد غالبیة العینة ممن یعملون فی قطاعات العمل المختلفة، وقد یکون ذلک ذو أهمیة فی اختبار الفرضیات النظریة، التی تؤکد علی أن هناک تباین فی الموقف من الثقة فی المؤسسات الحکومیة، وفقا لمتغیر العمل.
توزیع العینة حسب الدخل:
جدول (8) توزیع العینة حسب الدخل
الدخل العدد النسبة
أقل من 1000 جنیة 14 9.2%
(1000 – 3000 ج) 100 65.3%
(3000 – 5000ج) 30 19.6%
(5000 – 7000ج) 1 0.7%
فاقد 8 5.2%
الجملة 153 100%
توضح بیانات الجدول (8)؛ أن غالبیة عینة الدراسة بنسبة (65.3%) کان دخلها ضمن الفئة (1000-3000)، تلیها نسبة (19.6%) جاء دخلها ضمن الفئة (3000-5000)، أما الفئة الثالثة (أق من 1000) بلغت نسبتها (9.2%)، ولقد بلغت نسبة من امتنعوا عن إجابة هذا السؤال (5.2%).
 شروط الثقة أو عدم الثقة فی المؤسسات الحکومیة والمسئولین الحکومیین:
أجرى "آلانبیرفیت" دراسة تعید النظر فی المجتمع الحدیث، وخلص من هذه الدراسة إلی ضرورة الوقوف علی الأسباب والدوافع والشروط الواعیة، التی تخلق الثقة وتدعمها، أو تؤدی إلی تدهور الثقة وتآکلها. وتتشکل الثقة فی أی مجتمع من خلال ثلاثة أرکان؛ ثقة المرء بنفسه، وثقته بالآخرین، وثقته فی المؤسسات، ولیس من الممکن الاستغناء عن أی من هذه الأرکان الثلاثة، فکل واحد منها شرطاً ضروریاً لوجود الآخر وبقائه. (باومان، 2016، ص 236) ولعل هذا یجعل من الأهمیة التعرف علی دوافع الأفراد نحو الثقة، والکشف عن الأسباب التی تجعل المواطن یثق أو لا یثق فی المؤسسات الحکومیة، فمثل هذا الفعل "فعل الثقة"، لا یبدأ من فراغ، وسوف تحاول الدراسة عرض وتحلیل وتفسیر شروط الثقة علی مستویین؛ مستوی المؤسسات الحکومیة ذاتها، ومستوی المسئولین الحکومیین فی المؤسسات، وذلک علی النحو التالی:
جدول (9) شروط الثقة فی المؤسسات الحکومیة( )
المتغیر العدد النسبة
صدق المسئولین عن هذه المؤسسات ونزاهتهم 44 25.4%
أداء المؤسسات للواجبات المطلوبة منها فی الواقع 87 50.3%
خبراتک الشخصیة وتجاربک مع هذه المؤسسات 30 17.3%
ما یقال عن هذه المؤسسات فی وسائل الإعلام وأحادیث الناس 12 6.9%
الجملة 173 100%
بدون ضمانات الثقة، وضمانات الحمایة المتکافئة، وبدون توافر العدالة فی المعاملة، والمساواة بین الأفراد، یقل احتمال ثقة المواطنین فی الآخر؛ سواء کان فردًا أو جماعة أو مؤسسة.(Jamal, 2007, p. 133) لهذا رکزت الدراسة المیدانیة علی التعرف علی شروط الثقة وضماناتها لدی عینة الدراسة، ووفقاً لبیانات الجدول السابق یتضح لنا ترتیب ضمانات الثقة وشروطها حسب رؤیة العینة، وجاء الشرط الأول للثقة هو "أداء المؤسسات للواجبات المطلوبة منها فی الواقع"، وذلک بنسبة تکرار (50.3%)، وتدعم هذه النتیجة أفکار المقاربة المؤسسیة، الذی تؤکد علی أهمیة أداء المؤسسات، فی دعم ثقة المواطنین فیها. وتمثل الشرط الثانی فی "صدق المسئولین عن هذه المؤسسات ونزاهتهم"، وذلک بنسبة (25.4%)، بینما جاء الشرط الثالث "خبرات الشخص وتجاربه مع المؤسسات"، فکل مواطن یکون مستوی ثقته فی أی مؤسسة من خلال تجربة تعامله مع هذه المؤسسة، فلو وجد المواطن داخل هذه المؤسسة، تعامل نزیه وعادل، یحترم حقوقه ویمنحها له بالقانون، سوف تزداد ثقته فی هذه المؤسسة، وعلی هذا فإن هذا الشرط، یرتبط ضمنیا بأداء المؤسسات وفلسفتها. وجاء الشرط الأخیر بنسبة (6.9%) وهو "ما یقال عن هذه المؤسسات فی الإعلام وأحادیث الناس"، وتؤشر هذه النسبة علی انصراف الأفراد عن وسائل الإعلام کوسیلة للمعلومات، وآلیة لتشکیل وعیهم. وقد یفسر ذلک علی ضوء فقدان عدید من وسائل الإعلام التقلیدیة لجزء کبیر من وظیفتها وفاعلیتها، فی ظل تنامی دور وفعالیة وسائل الإعلام الجدیدة، التی تعتمد علی الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعی، التی جذبت معظم أفراد المجتمع المصری إلیها.
جدول (10) شروط الثقة فی المسئولین الحکومیین
المتغیر التکرار النسبة
أن یحترم القانون والعمل به. 30 15.2%
الإخلاص والصدق فی التعامل مع مشکلات الناس. 59 29.9%
النزاهة والبعد عن الفساد. 71 36%
أن یکون قریب ومتواصل مع المواطنین. 31 15.7%
أخری تذکر 6 3%
الجملة 197 100%
 
تاریخ علاقة المواطن المصری مع السلطة علی مدار التاریخ، یعکس ترسخ صورة ذهنیة لدی المواطن، ترتبط بضعف ثقته فی المسئولین الحکومیین، وأنه لیس من السهل علی أی مسئول حکومی أن یحظى بثقة أهل مصر، وأن یحافظ علی هذه الثقة، یکشف جدول (10) شروط الثقة فی المسئولین الحکومیین، من خلال عینة الدراسة، ویمکن ترتیب شروط هذه الثقة، من الأکثر تکرارا إلی الأقل تکرارا علی النحو التالی:
جاء الشرط الأول بنسبة تکرار (36%)، وهو "نزاهة المسئول الحکومی وبعده عن الفساد"، والشرط الثانی بنسبة (29.9%)، هو "الإخلاص والصدق فی التعامل مع مشکلات الناس"، بینما الشرط الثالث بنسبة (15.7%)، وهو "أن یکون المسئول الحکومی قریب من المواطنین وقادر علی التواصل معهم"، والشرط الرابع بنسبة (15.2%) هو "أن یلتزم المسئول الحکومی باحترام القانون والحرص علی العمل بها"، وبخلاف ذلک أضاف عدد من المبحوثین، شروط أخری ترتبط بحرص المسئول علی صدق کل کلامه الموجه نحو المواطنین، وأن یمتلک المسئول القدرة علی الشعور بمعاناة المواطن، وأن یکون المسئول قادر علی تجاوز أسوار المکتب التی قد تمنعه عن معرفة واقع الأمور التی ترتبط بعمله. ویؤکد التراث البحثی فی هذا السیاق(Gauchat, 2012m p. 169)، علی أن الثقة العامة فی المسئول السیاسی، تنطوی علی الإیمان بقدرته علی أداء الدور والمهام المنوطة بمنصبه، ومکانته، وذلک وفقاً لما یتوقعه المواطنین. وهنا یحضر البعد المرتبط بالأداء، وتأثیره علی مستویات الثقة، فطبیعة أداء المسئول الحکومی أو المؤسسة الحکومیة، تمثل دافع مهم لثقة المواطن.
ضمانات الثقة فی المؤسسات الحکومیة ومحددات زیادة مستویاتها:
تؤکد "أمانی جمال"(Jamal, 2007, p. 134)  فی دراستها عن فحص مستویات الثقة فی العالم العربی، أنه لا ثقة بدون ضمانات، سواء کانت هذه الضمانات تتمثل فی الأطر البنائیة والثقافیة الحاکمة للمجتمع، أو فی الأداء والفعل والممارسة. وعلی هذا الأساس سوف یرکز هذا الجزء علی ضمانات الثقة التی تتصورها عینة الدراسة، إضافة إلی التعرف علی محددات وشروط زیادة مستویات الثقة لدیهم، فالشعوب فی عالمنا المعاصر لا تمنح ثقتها المطلقة، لا لمؤسسة أو لحاکم أو لفرد، دوما هناک بحث عن أسباب للثقة وضمانات ومحددات، کما أن هناک دوما مراجعات للثقة ومستویاتها، بمعنی أن هناک مؤسسات أو حکام یحوزون مستویات عالیة من الثقة، إلا أن هذه المستویات لا تلبث أن تنخفض أو تدهور بشکل سریع، بغض النظر عن الأسباب.
جدول (11) ضمانات ثقة المواطنین فی المؤسسات الحکومیة
المتغیر العدد النسبة
العمل بالقانون وتنفیذه بعدالة. 38 19.3%
قضاء مصالح الناس وعلاج مشکلاتهم. 56 28.4%
النزاهة والبعد عن الفساد. 38 19.3%
الانحیاز للفقراء والمصلحة العامة. 21 10.7%
الصدق فی القول والعمل. 44 22.3%
الجملة 197 100%
یوضح الجدول السابق ضمانات الثقة، کما تراها عینة الدراسة، وتمثل الضمان الأول بنسبة تکرارات (28.4%)، فی "قضاء مصالح الناس وعلاج مشکلاتهم"، ویعد هذا الضمان مرتبطًا بأداء المؤسسات الحکومیة والمسئولین عنها، والضمان الثانی بنسبة (22.3%)، یرتبط "بالصدق فی القول والعمل"، وهذا الضمان یرتبط بالأطر القیمیة والثقافیة التی تحکم أداء المؤسسات، ولقد أشار "زاید" (2009، ص 173)، إلی أنه کلما کانت أفعال الحکومة دافعة للثقة، کلما توطدت أرکانها (أرکان الحکومة من ناحیة، وأرکان الثقة من ناحیة أخرى)، لذلک فالناس یمیلون إلی عدم الثقة فی حکومتهم، إذا کان هناک تناقض بین أقوالها وأفعالها. أما الضمانان الثالث والرابع وبنسبة تکرار واحدة، وقد بلغت (19.3%)، هما: "العمل بالقانون وتنفیذه بعدالة"، و"النزاهة والبعد عن الفساد"، ولا شک فی أهمیة هذین الضمانین، فهما یرتبطا بدولة القانون، وبضرورة العمل بقیم العدالة والنزاهة ومحاربة الفساد، وکل هذه القیم تمثل قیم ضروریة لتأسیس حکومة ودولة ومجتمع سلیم، أو مجتمع عادل، فالثقة ترتبط دوما بالعدالة وبالنزاهة ومحاربة الفساد. أما الضمان الأخیر لثقة الناس فی المؤسسات الحکومیة، مؤداه "الانحیاز للفقراء والعمل للمصلحة العامة"، وذلک بنسبة تکرار (10.7%)، ویرتبط هذا الضمان بالشعور العام الذی یسیطر علی فئات کثیرة من المجتمع المصری، بتحیز الدولة لفئات معینة، ویؤکد التراث العلمی حول الثقة، بأن أی دولة تفقد مستویات ثقة مواطنیها، إذا سیطر علیهم شعوراً بأن دولتهم ومؤسساتها متحیزة، علی أی نحو کان، وأنها تعمل لصالح فئات أو مناطق معینة، وتعطی ظهرها لفئات ومناطق أخری. (جلبی وآخرون، 2007م)
جدول (12) محددات زیادة الثقة فی المؤسسات الحکومیة
المتغیر العدد النسبة
کلما کانت دیمقراطیة أکثر. 14 7.7%
کلما کانت صادقة فی تصریحاتها. 34 18.6%
کلما تعاملت بفاعلیة مع المشکلات التی تواجه الناس. 106 57.9%
کلما کانت ملتزمة بالقوانین التی تحکم عملها. 29 15.8%
الجملة 183 100%
تکشف بیانات الجدول (12)، محددات الثقة فی المؤسسات الحکومیة، فعینة الدراسة تری أنه من الممکن زیادة الثقة فی المؤسسات الحکومیة، ولکن ذلک یتوقف علی عدد من المحددات، جاء المحدد الأول بنسبة تکرار (57.9%)، ویبدو هذا المحدد من أقوی المحددات، وتمثل فی "کلما تعاملت المؤسسات الحکومیة بفاعلیة مع المشکلات التی تواجه الناس"، وواضح أن هذا المحدد مرتبط بالأداء والفاعلیة، لیس هناک من طریقة للحکومة لکسب ثقة المواطنین، إلا من خلال العمل بفاعلیة مع المشکلات الحیاتیة الیومیة، التی یواجهها المواطنین. وتمثل المحدد الثانی فی "کلما کانت المؤسسات الحکومیة صادقة فی تصریحاتها"، وذلک بنسبة تکرار (18.6%)، والمحدد الثالث جاء بنسبة (15.8%)، ومؤداه "کلما کانت المؤسسات ملتزمة بالقوانین التی تحکم عملها. وفی المرتبة الأخیرة وبنسبة تکرار (7.7%)، محدد "کلما کانت دیمقراطیة أکثر"، تأمل المحدد الأخیر، یفضی إلی أن الناس فی مصر، تحتاج حکومة تعمل بالقانون وبشکل عادل، وبفاعلیة أکثر فی مواجهة مشکلات المواطنین، وبصدق فی التصریحات والأفعال، أکثر من احتیاجها لحکومة دیمقراطیة، ولعل ذلک یرتبط بتدهور المستویات الاقتصادیة لفئات کثیرة من المجتمع، ولتنامی عدید من المشکلات الاقتصادیة والاجتماعیة فی السنوات الأخیرة.
مستویات الثقة أو عدم الثقة فی المؤسسات الحکومیة:
تعرض الدراسة فی هذا الجزء، مستویات ثقة عینة الدراسة فی الحکومة بشکل عام، ثم عرض مستویات الثقة فی عدد من المؤسسات الحکومیة، وسوف یتم عرضها جمیعا فی جدول واحد، من خلال عرض النسبة المئویة فقط، وسوف یقوم الباحث بتحلیل وتفسیر بیانات هذا الجدول، حسب نسبة کل مؤسسة من المؤسسات، وذلک علی النحو التالی:
جدول (13) یوضح الثقة أو عدم الثقة فی المؤسسات الحکومیة
الإجابة العدد النسبة
نعم 18 11.8%
لا 135 88.2%
الجملة 153 100%
توضح بیانات الجدول (13)، أن هناک نسبة (88.2%) من العینة لا تثق فی المؤسسات الحکومیة، بینما هناک نسبة (11.8%) تثق فی الحکومة، ولقد ارتفعت نسبة عدم الثقة فی الدراسة الراهنة عن عدد من الدراسات الأخرى، مثال دراسة "زاید وآخرون"(2009م، ص 125)، حیث بلغت نسبة عدم الثقة (49.6%). وقد یرجع ذلک التدهور فی مستوی الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة، إلی الأحداث الثوریة والاحتجاجیة التی شهدتها مصر خلال السنوات الست الماضیة، والتی ألقت بتداعیاتها السلبیة، علی أداء الحکومات التی توالت علی مصر، خلال هذه الفترة، إضافة إلی تفاقم المشکلات الاقتصادیة والاجتماعیة.
جدول (14) مستویات الثقة فی المؤسسات الحکومیة
المؤسسة مستویات الثقة الجملة
قدر کبیر من الثقة قدر متوسط من الثقة قدر ضعیف من الثقة لا أثق علی الإطلاق
الشرطة 13.1% 45.8% 21.6% 19.6% 100%
القوات المسلحة 42.5% 25.5% 18.3% 13.7% 100%
المحلیات 1.3% 21.6% 39.9% 36.6% 99.4%
مجلس النواب 2% 20.3% 30.7% 47.1% 100%
القضاء 15.7% 43.1% 14.4% 26.8% 100%
المدارس والجامعات 9.2% 48.4% 22.9% 19.6% 100%
الأحزاب السیاسیة صفر 10.5% 32% 57.5% 100%
وسائل الإعلام صفر 12.4% 24.8% 62.7% 100%
حاول الباحث أن یجمع فی جدول (14) مستویات الثقة فی عدد من المؤسسات الحکومیة، وسوف یرکز التحلیل علی عرض وترتیب المؤسسات من الأعلى فی نسبة الثقة المطلقة إلی الأقل.جاءت القوات المسلحة فی المرتبة الأولی بنسبة ثقة مطلقة بلغت (42.5%)، وتتفق هذه النسبة مع النسبة التی أشار إلیها "عبد الفتاح" (2006م، ص 219)، والتی بلغت (41.7%)، ولعل ذلک یؤکد ما هو راسخ فی ذهنیة غالبیة أهل مصر، ویرتبط بالتقدیر الکبیر للقوات المسلحة کمؤسسة وطنیة، کما أن تکوین القوات المسلحة یعتمد علی کل طبقات وفئات المصریین، ومن کل المناطق الجغرافیة، بلا استثناء أو تمییز، کما أن القوات المسلحة دوما تترک خبرات إیجابیة لدی المصریین، کما أنها تتمیز معظم الوقت بأداء قوی ومنضبط، عندما یوکل لها تنفیذ أی مشروع. وتختلف هذه النسبة عن نسبة الثقة المطلقة التی أشار إلیها تقریر "البارومیتر العربی" (عبد الجواد وآخرون، 2011م، ص 19)، حیث أشار هذا التقریر إلی أن نسبة الثقة المطلقة فی القوات المسلحة بلغت (82%). وأخیرا کانت نسبة من لا یثقون مطلقا فی القوات المسلحة هی أقل نسبة مقارنة بباقی المؤسسات، ولقد بلغت هذه النسبة (13.7%)، وتبدو هذه النسبة متأثرة بطبیعة الدور الذی تؤدیه القوات المسلحة، وبروزها داخل المجال السیاسی، ومواجهتها للعدید من المشکلات والقضایا التی بدأ المجتمع المصری یعانی منها منذ ثورة 25 ینایر، فغالبا تنامی وتعاظم الدور السیاسی للقوات المسلحة فی السنوات الأخیرة، أثر سلبیا فی ثقة قطاعات بعینها من المصریین.
وفی المرتبة الثانیة وبنسبة ثقة مطلقة (15.7%) جاء القضاء، یضاف إلی ذلک نسبة (43.1%) من یثقون فی القضاء بدرجة متوسطة، ومن الطبیعی فی أی مجتمع أن تکون هناک ثقة عالیة فی القضاء، نظرا لطبیعة الدور الذی یقوم به النظام القضائی. فالقضاء یحظی بدرجة عالیة من الثقة علی مر تاریخ المجتمع المصری، ولقد بلغت نسبة من لا یثقون مطلقا فی القضاء (26.8%)، وتعد هذه النسبة عالیة إلی حد ما، وقد یرجع ذلک إلی بعض مظاهر الفساد التی ترتبط بنسبة قلیلة من رجال القضاء، والتی أصبح من السهل فی ظل الدور المتنامی للإعلام نشرها علی نحو واسع، یضاف لذلک تدنی کفاءة بعض رجال القضاء فی القیام بوظیفتهم ومتطلباتها، کما أن انتشار مبدأ تعیین أبناء رجال القضاء داخل المؤسسات القضائیة، دفع فئات من المصریین إلی تکوین رؤیة سلبیة عن المجال القضائی، لأن ذلک المبدأ ارتبط بحرمان عناصر مؤهلة وذات کفاءة من خریجی کلیات الحقوق، والذین ینحدرون من أصول اجتماعیة ریفیة أو من أسر فقیرة. (أبو دوح، 2016م، ص 140)
وجاءت الشرطة فی المرتبة الثالثة بنسبة ثقة مطلقة (13.1%)، إضافة إلی نسبة (45.8%) بنسبة ثقة متوسطة، بینما بلغت نسبة من لا یثقون مطلقا (19.6%)، وإلی حد ما تعتبر الثقة فی الشرطة مقبولة، خاصة بعد حالة فقدان الثقة بین الشعب المصری والشرطة فی أعقاب ثورة ینایر، وحالة الانفلات الأمنی، إلا أن هناک تطورًا إیجابیًا نحو إعادة بناء الثقة بین المواطن وجهاز الشرطة، إلا أن ذلک یتطلب أن تکون هناک جهودا کبیرة فی هذا الاتجاه، حتى یمکن تأسیس صورة ذهنیة مختلفة عن تلک التی ترسخت فی الذهنیة الشعبیة، والتی تدور دوما حول أن الشرطة هی أداة البطش والظلم فی ید الحاکم، ولعل هناک عدیدًا من الدراسات التی وضعت رؤیة أکادیمیة لإعادة تشکیل العلاقة بین الشرطة والشعب. (عبد المنعم، 2011م، ص 28-40)
وجاءت المؤسسات التعلیمیة فی المرتبة الرابعة، بنسبة ثقة مطلقة ضعیفة، بلغت (9.2%)، بینما بلغت نسبة الثقة المتوسطة (48.4%)، وبلغت نسبة الثقة الضعیفة (22.9%)، بینما بلغت نسبة عدم الثقة (19.6%). ومما لا شک فیه أن نظام التعلیم المصری یعانی من أزمة بنیویة منذ فترة طویلة، وعلی الرغم من الجهود التی تبذل من أجله، إلا أنه لا یزال یعانی من مشکلات وأزمات مزمنة، وتحتاج المؤسسات التعلیمیة فی مصر، إلی بذل مجهود کبیر من أجل إعادة هیکلتها بما یتناسب مع التطور العالمی فی هذا المجال، ولکی تسترد المؤسسات التعلیمیة المستوی العالی من الثقة، تحتاج إلی أن یکون خریج هذه المؤسسات، مزوداً بکم من المعارف والمهارات، التی یحتاجها لکی یجد له فرصة عمل ممیزة، فی ظل المنافسة الشدیدة، وندرة الفرص. إضافة إلی أن هناک دراسات أکدت علی غیاب العدالة عن التعلیم ومؤسساته، مما أدی إلی ضعف عوائد التعلیم بالنسبة لبعض الفئات الاجتماعیة، وتعاظم هذه العوائد لدی شرائح قلیلة، وهی تلک الشرائح التی تعلم أبنائها فی المدارس والجامعات الخاصة. (Barsoum, 2002, p. 18-30)
وبنسبة ثقة مطلقة (2%) جاء مجلس النواب فی المرتبة الخامسة، وقد بلغت نسبة عدم الثقة المطلقة (47.1%)، وتعد هذه النتیجة من النتائج الملفتة للنظر، حیث أنه من المفترض أن مجلس النواب، هو بالأساس من انتخاب المواطنین، کما أن دوره الرقابی یجعل منه أول مؤسسة تعمل من أجل مصالح المواطنین بشکل مباشر، إلا أن الواضح أن هناک تدهور شدید فی مستوی الثقة فی هذه المؤسسة، ولعل ذلک یرجع إلی عدید من الممارسات غیر اللائقة التی صاحبت الجلسات الأولی للمجلس، وتم عرضها علی شاشات الفضائیات، إضافة إلی أن هذا المجلس شهد صورا من الفوضى فی بدایاته، کما أن تصور المواطن المصری حول عضو مجلس النواب، یدور حول مفهوم "نائب الخدمات"، الذی یتفرغ إلی خدمة وقضاء مصالح أهل دائرته، ولعل هذا إرث تاریخی خاطئ، وتصور کان بمثابة علاقة زبائنیة بین المواطن وعضو مجلس النواب عن دائرته، حیث أن المهمة الأساسیة لعضو مجلس النواب هی الرقابة والتشریع. (أبو دوح، 2012م، ص 28)
وبنسبة انعدام ثقة مرتفعة وملفتة للنظر تأتی الأحزاب السیاسیة فی المرتبة السابعة، حیث بلغت نسبة عدم الثقة المطلقة (57.5%)، کما أنه لم یوجد بین عینة الدراسة أی مبحوث لدیه ثقة مطلقة فی الأحزاب، بینما بلغت نسبة الثقة المتوسطة (10.5%)، ونسبة الثقة الضعیفة (32%)، ولعل هذه النتیجة تؤشر علی وضعیة الأحزاب السیاسیة المتردیة فی المجتمع المصری، ولعل هذا الوضع لیس بجدید، فعدید من الدراسات أکدت علی أن التعددیة الحزبیة فی مصر تعکس أزمة تاریخیة، لأن هذه التعددیة لم تؤد إلی حدوث تغییر جوهری داخل النظام السیاسی المصری، ورغم وجود عدد کبیر من الأحزاب السیاسیة، إلا أن أغلبها أحزاب بلا جماهیر، وتبدو معظمها أقرب إلی النوادی السیاسیة منها إلی الأحزاب بالمعنی المتعارف علیه، کما أن هذه الأحزاب تعانی من عدم تبلور أطرها الفکریة والسیاسیة بشکل واضح، وغیر ذلک من مشکلات تجعل من عدم وجود الأحزاب علی أرض الواقع أقرب من وجودها. (أبو دوح، 2016م، ص 183)
 
وفی المرتبة الأخیرة، جاءت وسائل الإعلام بنسبة عدم ثقة مطلقة بلغت (62.7%)، بینما بلغت نسبة الثقة الضعیفة (24.8%)، وبلغت نسبة الثقة المتوسطة (12.4%)، بینما لم تحصل وسائل الإعلام علی أی درجة فی الثقة المطلقة، ویؤشر ذلک علی موقف عام من عینة الدراسة فیما یتصل بانعدام ثقتهم فی وسائل الإعلام، وقد یرجع ذلک إلی التدهور الملحوظ فی مستوی الأداء الإعلامی والمهنی خلال السنوات الخمس الماضیة. وتتفق هذه النتیجة مع ما أشار إلیه "خالد عبد الفتاح" فی دراسته، من أن هناک درجات ثقة منخفضة بشکل ملفت للنظر فی وسائل الإعلام، سواء الصحافة أو التلفزیون. (عبد الفتاح، 2006م، ص 225)
أداء الحکومة وطریقة إدارتها لمؤسساتها وتآکل مستویات الثقة
کشفت بیانات الجدول السابق عن أن هناک تآکل فی مستویات الثقة العامة فی عدد کبیر من المؤسسات، وعلی الرغم من إمکانیة تفسیر ذلک علی ضوء المراحل الانتقالیة التی تعایشها مصر منذ ثورة 25 ینایر وما تلاها من أحداث، إضافة إلی العقود الصعبة التی عایشتها مصر، خاصة من بدایة التسعینیات من القرن الماضی، إلا أن هذه النتائج لا بد أن تکون مؤشر ومحدد لما یجب أن تقوم به المؤسسات الحکومیة فی المستقبل، وسوف نستکمل هذه الرؤیة من خلال التعرف علی رؤیة عینة الدراسة لأداء المؤسسات الحکومیة وللطریقة التی یتم بها إدارة الحکم وشئون الدولة، خاصة أن هذا یرتبط بمستویات الثقة وفقا لما طرحه أصحاب الاتجاه المؤسسی.
جدول (15) هل تقوم المؤسسات الحکومیة بالدور المطلوب منها
الإجابة العدد النسبة
نعم 7 4.6%
لا 146 95.4%
الجملة 153 100%
تذهب نسبة (95.4%) من عینة الدراسة إلی أن المؤسسات الحکومیة لا تقوم بالدور المطلوب منها، وتعد هذه النسبة عالیة جدا، ولکن من الملاحظ علی الحکومات المصریة المتعاقبة، أنها تدور دوما فی فلک رئیس الجمهوریة، بمعنی أن تدخل شخص الرئیس فی أی مشکلة أو مطلب، ینتج عنه تعامل قوی وحل سریع وناجز من قبل الحکومة، ودون ذلک یلاحظ أن أداء الحکومة لیس علی النحو المطلوب، علی الأقل من وجهة نظر عدد کبیر من المواطنین، خاصة فی ظل تعدد الأزمات التی یعایشها قطاع کبیر من المصریین خلال السنوات الماضیة.
جدول (16) هل أنت راضٍ عن أداء المؤسسات الحکومیة خلال الفترة الأخیرة
الإجابة العدد النسبة
نعم 17 11.1%
لا 136 88.9%
الجملة 153 100%
یکشف الجدول (16) عن مستوی رضا عینة الدراسة عن أداء الحکومة، خاصة وکما طرحت الدراسة فی التصور النظری، هناک ارتباط بین أداء الحکومة ومستویات الثقة التی تحوزها، فمن خلال بیانات هذه الجدول یتضح أن نسبة (88.9%) من العینة غیر راضیین عن أداء الحکومة، ومما لا شک فیه أن هذه النسبة مرتفعة جدا، ولعل ذلک ما جعل هناک تآکل فی مستویات الثقة العامة فی عدد من المؤسسات، بینما هناک نسبة (11.1%) راضیة عن أداء الحکومة. ولکن هل لهذا المستوی من عدم الرضا أسباب؟!!. ویبقی التساؤل الهام، الذی یکمل بیانات الجدول السابق، ومؤداه: ما أسباب عدم الرضا؟.
 
جدول (17) أسباب عدم الرضا عن أداء المؤسسات الحکومیة
المتغیر العدد النسبة
عدم قیامها بدورها فی تحقیق طموحات الناس. 37 17.2%
عدم الاهتمام بالفقراء وعلاج مشاکلهم. 41 19.1%
انحیازها للجماعات الغنیة. 36 16.2%
انتشار الفساد فی بعض المؤسسات. 64 29.8%
عدم التزامها بالقانون. 27 12.6%
أخرى تذکر 10 4.7%
الجملة 215 100%
ذکرت عینة الدراسة مجموعة من الأسباب والدوافع لعدم الرضا عن أداء الحکومة، ویمکن ترتیب هذه الأسباب – کما وردت فی جدول (17)- من الأکثر تکرارا إلی الأقل علی النحو التالی: السبب الأول: "انتشار الفساد فی بعض المؤسسات الحکومیة"، وذلک بنسبة تکرار (29.8%). ووفقا لتقریر المنظمة الدولیة للشفافیة عام 2015م، احتلت مصر المرتبة (88) عالمیاً من واقع 164 دولة شملها التقریر، ولعل ذلک یؤشر علی ارتفاع مستویات الفساد فی العمل الحکومی المصری، ولقد أکدت دراسة "أحمد زاید وآخرون" علی أن (83.6%) من المصریین یؤکدوا علی تزاید ممارسات الفساد فی مصر، وغیر ذلک فإن نشاط وسائل نقل المعلومات والأخبار فی الوقت الراهن، جعل من الصعوبة علی أی حکومة إخفاء مظاهر الفساد وممارساته، بل أصبح المجال العام مفتوحا علی مصراعیه لتداول هذه الأخبار. (زاید وآخرون، 2009م، ص 60)
وجاء السبب الثانی: بنسبة تکرار (19.1%) وهو "عدم الاهتمام بالفقراء وعلاج مشاکلهم"، وتمثل السبب الثالث: فی "عدم القدرة علی تحقیق طموحات الناس"، وذلک بنسبة تکرار (17.2%)، أما السبب الرابع: تمثل فی "انحیازها للجماعات الغنیة"، وذلک بنسبة تکرار (16.2%)، أما السبب الخامس: فهو "عدم التزامها بالقانون"، بنسبة تکرار بلغت (12.6%). وبجانب هذه الأسباب ذکر عدد من المبحوثین أسباب أخرى؛ مثل قیام بعض المسئولین الحکومیین باستغلال نفوذهم، غیاب الدور الفاعل للمؤسسات الرقابیة، قیام عدد من المسئولین الحکومیین بالتحایل علی القانون.
وتأمل مجمل هذه الأسباب، یفضی إلی ضرورة أن تکون لدی الدولة والمجتمع علی حد السواء، الإرادة السیاسیة والاجتماعیة لمواجهة الفساد، لأن مجمل هذه الأسباب یمکن اختصارها فی "ثقافة الفساد"، لأن أحوال المجتمع المصری تؤشر علی انتشار ثقافة الفساد علی مستویات عدة، ولعل هذا لیس مجرد انطباع، ولکن هناک عدید من التقاریر والدراسات التی أشارت إلی تحول الفساد فی قطاعات کثیرة ولدی شرائح عدیدة من المجتمع المصری إلی ثقافة حیاتیة . (حسن، 2011م، ص 13-30)
جدول (18) رؤیة العینة للقرارات التی تتخذها الحکومة
الإجابة العدد النسبة
تتفق مع توقعاتک ومصالحک 24 15.7%
لا تتفق مع توقعاتک ومصالحک 129 84.3%
الجملة 153 100%
یوضح جدول (18) رؤیة العینة لمجمل القرارات التی تتخذها الحکومة، وهو مؤشر هام لمستوی الثقة، وواضح من بیانات الجدول أن هناک نسبة (84.3%) تذهب إلی أن هذه القرارات لا تتفق مع توقعاتهم ومصالحهم، یغلب علی هذه النسبة شعورهم بأن الحکومة لا تتضامن معهم، ولا تحقق لهم مصالحهم، بل علی العکس من ذلک، وهذا التصور خطیر ویؤثر علی المجتمع والدولة علی حد السواء، وهذا الشعور قد یفسر علی ضوء إهمال الحکومة للصعید، وهذا الإهمال أکد علیه "علی لیلة" بقوله: انعکس هذا الوضع الهامشی لمجتمعات الصعید على مختلف الأوضاع الاجتماعیة داخلها، حیث شکل الصعید الدائرة الأبعد والأکثر هامشیة بالنسبة لفاعلیة التنمیة الاجتماعیة والاقتصادیة التی قادتها الحکومات المتتالیة على مصر، وتردت أوضاع الخدمات الأساسیة، وشبکات البناء التحتی فی صعید مصر، وبالنسبة لأوضاع التعلیم والصحة والدخل، وآلیات التطویر الثقافی فی المجتمع، شهدت ضعفاً واضحاً، کل ذلک وغیره جسد مختلف صور التهمیش والاستبعاد الاجتماعی، هذا الاستبعاد الذی دفع أفراد مجتمع الصعید إلی هامش المجتمع، بل وهامش اهتمام النظم السیاسیة المختلفة، وفی مثل هذا السیاق الذی تعایشه مجتمعات الصعید لم تعد السلطة المرکزیة "الحکومة" باعتبارها المظهر الأساسی للدولة هی مناط الانتماء، ولم تعد مؤسساتها المختلفة هی مرجعیة البشر، وبالتالی لم تصبح فکرة المواطنة هی إطار الحقوق والواجبات، ولم تعد قیمها هی المنظمة للسلوک الاجتماعی، ولا معاییرها هی الضابطة أو المنظمة للتفاعل الاجتماعی. (لیلة، 2004م، ص 79-82)
وبخلاف ذلک ذهبت نسبة (15.7%) من العینة، إلی أن قرارات الحکومة تتفق مع توقعاتهم ومصالحهم، ولا شک فی أن هذه النسبة تعد قلیلة جدا، ولعل ذلک یمکن تفسیره من خلال أن هناک بعض الفئات التی تستفید بشکل مباشر أو غیر مباشر من قرارات الحکومة، وتستطیع هذه الفئات تحقیق مصالحها، من خلال مکانتها المتمیزة، أو من خلال قوتها الاقتصادیة، ولذلک هی لا تری أن هناک مشکلة ما مع الحکومة، یضاف لذلک أن هناک قطاعات کبیرة من الشعب المصری لم تستوعب، ولا ترید أن تستوعب التحول الذی حدث لدور الدولة فی مصر، خاصة أن قطاعات کبیرة من الشعب المصری تفضل الدولة کما جسدتها مرحلة عبد الناصر.
جدول (19) هل المؤسسات الحکومیة صادقة دائما مع الشعب؟
الإجابة العدد النسبة
نعم 7 4.6%
لا 146 95.4%
الجملة 153 100%
 
تأکیداً علی مستویات الثقة العامة لدی عینة الدراسة، تأتی بیانات الجدول السابق لتشیر إلی أن نسبة (95.4%) من العینة تذهب إلی أن المؤسسات الحکومیة لیست صادقة مع الشعب، بینما هناک نسبة (4.6%) تذهب إلی أن المؤسسات الحکومیة صادقة دائما مع الشعب. ومن المهم الإشارة هنا إلی تعلیق قاله أحد المبحوثین مؤداه:"لو الحکومة قالت مفیش زیادة فی الأسعار، فده معناه إن قریب قوی فی زیادة فی الأسعار، شفت أکتر من کده صدق". ولقد فسر "زاید" (2009م، ص 175) هذه المیل للکذب وتکذیب الآخرین وعدم تصدیقهم، بأن ذلک بمثابة مؤشرات علی تفکک الروح الجمعیة.
المحددات الاجتماعیة لمستوی الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة:
سوف تعرض الدراسة هنا للعلاقة بین بعض المحددات الاجتماعیة (مکان الإقامة، النوع، التعلیم، الموقف من العمل) ومستویات الثقة أو عدم الثقة، لأن مثل هذه المحددات تبدو مهمة فی التعرف علی خصائص وسمات من یثق أو لا یثق فی المؤسسات الحکومیة، وإبراز الفروق فی مستویات الثقة وفقا لخصائص الأفراد وسماتهم، کما أنه یمکن الوصول من خلال ذلک لبعض الدلالات السوسیولوجیة المهمة، التی یجب أن تضعها الدولة فی اعتبارها، إن أرادت أن تتعامل مع معضلة الثقة وتآکل مستویاتها فی المجتمع، وذلک علی النحو التالی:
جدول (20) یوضح العلاقة بین الثقة أو عدم الثقة فی المؤسسات الحکومیة ومکان الإقامة
الإجابة محل الإقامة الجملة
الریف الحضر
العدد النسبة العدد النسبة
نعم 7 9.7% 11 13.6% 18
لا 65 90.3% 70 86.4% 135
الجملة 72 100% 81 100% 153
یوضح جدول (20) أن مستوی عدم الثقة فی الحکومة داخل الریف (90.3%) أعلی من مستوی عدم الثقة فی الحضر (86.4%)، وإن کان الفارق ضئیل، وعلی الرغم من ذلک فإنه من المعروف تآکل مستویات العدالة الإقلیمیة، فیما یتصل باهتمام الحکومة وتوزیع الخدمات فی مصر، ولا شک فی أن الحکومة تعمل بفاعلیة أکثر وباستمراریة فی المحافظات الحضریة، کالقاهرة والإسکندریة، مقارنة بباقی المحافظات، وفی المناطق الحضریة أکثر من المناطق الریفیة. وتختلف هذه النتیجة عما انتهت إلیه دراسة "أحمد زاید وآخرون" (2009م، ص 126)، حیث أکدت هذه الدراسة علی أن مستوی عدم الثقة فی الحضر (59.6%) أعلی من نظیره فی الریف (42.3%). وفی هذا السیاق، أکدت عدد من الدراسات أن تباین أداء الحکومة بتباین المناطق الجغرافیة یمکن أن یخلق تفاوت فی مستویات الثقة، ولذلک لیس بالغریب أن تکون هناک مستویات ثقة عالیة فی الحکومات المحلیة "حکومات الأقالیم"، مقارنة بمستویات الثقة فی الحکومة المرکزیة، ویرجع ذلک إلی أن الأفراد یتعاملون بشکل دوری ومنتظم مع المسئولین داخل حکومة الإقلیم، مما یجعلهم أکثر قربا ومعرفة بهم، وهذا یلقی بتأثیراته علی مستوی الثقة.(Wong and others, 2008, p. 278). 
جدول (21) یوضح العلاقة بین الثقة أو عدم الثقة فی المؤسسات الحکومیة والنوع*
الإجابة النوع الجملة
ذکور إناث
العدد النسبة العدد النسبة
نعم 12 15.4% 6 8.1% 18
لا 66 84.6% 68 91.9% 134
الجملة 78 100% 74 100% 152
توضح بیانات الجدول (21) أن مستوی عدم الثقة لدی الإناث (91.9%)، أعلی من مستوی عدم الثقة لدی الذکور (84.6%). وقد یرجع ذلک إلی طبیعة وضعیة المرأة فی صعید مصر، فهی تعانی أکثر من الرجل، کما أنها محاصرة بعدید من التقالید والعادات، وحرکتها فی الفضاء العام محکومة بالذکوریة، التی تجعل حیاتها أکثر صعوبة، کما أن هناک ضعف فی جهود الدولة فیما یتصل بوضعیة المرأة فی صعید مصر، واحتیاجاتها، وبشکل یبدو أکثر من الرجل. (أبو دوح، 2015م، ص 14)
جدول (22) یوضح العلاقة بین الثقة أو عدم الثقة فی المؤسسات الحکومیة والتعلیم
الإجابة الحالة التعلیمیة الجملة
مؤهل متوسط وفوق متوسط مؤهل عالی
العدد النسبة العدد النسبة
نعم 5 14.3% 14 11.9% 18
لا 30 85.7% 104 88.1% 135
الجملة 35 100% 118 100% 153
تکشف بیانات الجدول السابق، عن علاقة التعلیم بمستوی عدم الثقة؛ وقد بلغت نسبة عدم الثقة لدی أصحاب المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة (85.7%)، بینما بلغت (88.1%)، لدی أصحاب المؤهلات العلیا. یلاحظ أنه لا توجد فوارق کبیرة فی مستویات عدم الثقة بین أصحاب المؤهلات التعلیمیة المختلفة، ولعل ذلک یرجع إلی أن الظروف والأحوال السیاقیة التی یعیش فیها المبحوثین تبدو متشابهة، وهذا التشابه السیاقی جعل نسبة عدم الثقة متقاربة لحد بعید.
وتأکیداً لذلک، أکدت إحدى الدراسات علی أن الظروف السیاقیة، والأحوال الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة، التی یتفاعل معها الأفراد، ویعیشون فی ظلها، تبدو أکثر تأثیرا من مستویات الوعی الثقافی والتعلیمی لدیهم، فی تحدید موقفهم ودرجات ثقتهم فی المؤسسات الحکومیة، وهذا یرتبط ضمنیا، بطبیعة أداء المؤسسات الحکومیة نفسها، فمهما اختلف المستوی التعلیمی والثقافی، فالجمیع یتعامل مع المؤسسات الحکومیة، ویراقبون أدائها ویقیمونه، خاصة فیما یتصل بإشباع احتیاجاتهم وتحقیق طموحاتهم ومصالحه. (Kellher, 2007, p. 707-712)
جدول (23) یوضح العلاقة بین الثقة أو عدم الثقة فی المؤسسات الحکومیة والعمل
الإجابة الموقف من العمل الجملة
یعمل متعطل خارج قوة العمل
العدد النسبة العدد النسبة العدد النسبة
نعم 13 10.2% 2 15.4% 3 23.1% 18
لا 114 89.8% 11 84.6% 10 76.9% 135
الجملة 127 100% 13 100% 13 100% 153
یعرض جدول (23) للعلاقة بین مستوی الثقة والموقف من العمل، ولقد کانت نسبة مستوی عدم الثقة لدی من یعملون (89.8%)، أعلی النسب مقارنة بالمتعطلین (84.6%)، ومن هم خارج قوة العمل (76.9%). وهذه النتیجة جاءت علی العکس من العدید من الدراسات النظریة، التی أکدت علی أن الأفراد الذین لا یجدون فرصة عمل – علی سبیل المثال – سوف یکونون أقل ثقة فی المؤسسات الحکومیة، ولذلک فإن الباحث یفسر هذا التباین، من خلال أداء المؤسسات الحکومیة ذاتها، بمعنی أن ضعف أداء الحکومة، وفشلها فی کسب رضا المواطنین، هو الذی جعل هذا التباین یتضح بشکل مخالف عن الرؤى النظریة.
خاتمة واستخلاصات:
من الجدیر بالإشارة، ضرورة قراءة نتائج الدراسة، علی خلفیة التحولات التی تشهدها مصر، منذ ثورة ینایر 2011م، مرورا بثورة یونیه 2013م، حتى الوقت الراهن، فمن الواضح أن الحالة الثوریة التی تعایشها مصر منذ أکثر من ست سنوات، عملت بشکل واضح علی خلخلة بنیة الوضع الإنسانی فی مصر، إلی الحد الذی یمکننا من القول، أننا بصدد مجتمع یبدو مختلفاً – إیجابیاً وسلبیاً- علی نحو ما کان. 
وعلی الرغم من أن هناک عدیدًا من الدراسات التی أفاضت فی تحلیل الوضع المصری؛ اقتصادیاً وسیاسیاً واجتماعیاً وثقافیاً، إلا أنه من المهم لهذه الدراسة التأکید علی التحول الذی یرتبط بما یمکن أن یطلق علیه "المواطن الناقد"، وهو ذلک المواطن الذی لا یترک صغیرة أو کبیرة فی الشأن العام إلا ویتناولها بالنقد والتقییم، لقد زاد بشکل واضح وجود مثل هذا المواطن الناقد، وتعاظم دوره مع سهولة حیازة أدوات النشر، متمثلة فی وسائل التواصل الاجتماعی، التی منحت لکل فرد فرص کبیرة فی الکتابة والتعبیر والنشر وإعادة النشر، لعل مثل هذه الظاهرة تعمل بشکل مباشر أو غیر مباشر علی تدهور وتآکل مستویات الثقة العامة. وهذا ما یضع الدولة ومؤسساتها فی مأزق حقیقی، إن لم تکن عند حسن ظن المواطن، وعند مستوی توقعاته، ویتطلب هذا التحول أن تمتلک الدولة أدوات جدیدة من أجل کسب ثقة هذا النمط من المواطنة، فلم تعد الطرق التقلیدیة ملائمة، لا بد للدولة ومؤسساتها هنا أن تعرف جیدا أنها تتعامل مع ذوات سیاسیة جدیدة، ومواطنة مختلفة عن العصور السابقة، "مواطنة نشطة" – حسب تعبیر علی جلبی-. (جلبی، 2013م، ص 32-34)
وبالاستناد علی الفکرة السابقة، یمکن الإشارة إلی أن نتائج الدراسة أکدت علی مجموعة من الشروط والضمانات اللازمة لتأسیس الثقة العامة، حیث أنه لا ثقة فی المؤسسات، إن لم تکن هذه المؤسسات تمتلک مصوغات هذه الثقة، وفی هذا السیاق رتبت عینة الدراسة هذه الضمانات؛ وکان أهمها؛ أداء المؤسسات للواجبات المطلوبة منها، صدق المؤسسات ونزاهتها وبعدها عن کل صور الفساد، یلاحظ أن عینة الدراسة لم تتحدث عن دیمقراطیة المؤسسات، وواقعیاً أداء المؤسسات وابتعادها عن الفساد، شروط سابقة علی مدی دیمقراطیتها، ودوما تؤکد دراسات الثقة السیاسیة علی أن ظهور الفساد داخل المؤسسات الحکومیة، یطیح بالثقة العامة فی هذه المؤسسات ولسنوات طویلة.(Jamal, 2007, p. 1332)
یضاف لما سبق، أن نتائج الدراسة أکدت علی ضرورة أن تمتلک المؤسسات الحکومیة خطة فاعلة للتعامل الإیجابی والسریع مع مشکلات الحیاة الیومیة، التی یعانی منها المواطن، ومن المشاهد المتکررة فی المجال السیاسی المصری، أن حل عدید من المشکلات، ارتبط معظم الوقت بتدخل رئیس الدولة، أو تدخل المؤسسة العسکریة، علی الرغم من أن هذا الدور بالأساس منوط للمؤسسات الحکومیة.
ویضاف لذلک أن عینة الدراسة، رهنت زیادة ثقتها فی المؤسسات الحکومیة، بقدرة هذه المؤسسات علی التعامل بفاعلیة مع المشکلات التی یواجهها الناس، وذلک بنسبة تکرار (57.9%).
ولقد أکدت المعطیات المیدانیة، علی تدهور مستویات الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة، لدی عینة الدراسة، وبلغت نسبة عدم الثقة (88.2%)، وهذه النسبة تستدعی الوقوف معها کثیرا، وتأملها کثیرا، ووضع الخطط للتعامل مع هذه الأزمة، فالواضح أن المؤسسات الحکومیة تواجه أزمة ثقة، فی حدود ما ذهبت إلیه عینة الدراسة. لأن استمرار هذا المستوی المتدهور من الثقة العامة، یخلق حالات من الرفض والاحتجاج، ویزکی حالة الاستیاء الشعبی من المؤسسات الحکومیة، وهناک عدید من الدراسات أکدت علی أن تدهور مستویات الثقة العامة، یؤدی إلی فشل أی حکومة أو نظام للحکم، مهما کانت درجة دیمقراطیته، أو درجة استبداده.(Nye, 1997, p. 99-111)
وأکدت نتائج الدراسة، علی أن هناک اختلافًا واضحًا فی مستویات الثقة العامة باختلاف المؤسسات؛ فبینما جاءت القوات المسلحة، باعتبارها أکثر المؤسسات رصیدا من الثقة المطلقة، بنسبة (42.5%)، جاءت مؤسسات أخری مثال؛ المؤسسات التعلیمیة، والأحزاب السیاسیة، ووسائل الإعلام، باعتبارها أقل المؤسسات رصیدا من الثقة. ولعل هذه النتیجة، تتفق مع ما أشار إله کلا من "ستولی" Stolle، و"روستین" Rothstein، فی دراستهما لمستویات الثقة فی (56 دولة)، حیث أکدا علی أنه دوما هناک تباین فی مستویات الثقة العامة، حسب التباین فی المؤسسات الحکومیة.(Wong and others, 2008, p. 273)
ومن خلال محاولة الدراسة الکشف عن أسباب تدهور مستویات الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة المختلفة، فإن المعطیات الإمبیریقیة، قدمت دعماً قویاً لأصحاب الاتجاه المؤسسی، الذی یربط أصحابه بین مستویات الثقة وأداء المؤسسات الحکومیة، ویؤکدون أیضا، علی أهمیة محصلات وعوائد السیاسات التی تنفذها المؤسسات السیاسیة والحکومیة، ولعل هذا تأکد من خلال أن نسبة (95.4%) من عینة الدراسة، تذهب إلی أن المؤسسات الحکومیة لا تقوم بالدور المطلوب منها، ونسبة (88.9%) غیر راضیة عن أداء معظم المؤسسات.(Mishler& Rose, 2001, p. 36)
وفیما یتصل ببعض المحددات الاجتماعیة للثقة، أکدت نتائج الدراسة علی أن هناک تباینًا فی مستویات الثقة العامة فی المؤسسات الحکومیة، وذلک وفقا لاختلاف الأفراد فی خصائصهم الدیموغرافیة والاجتماعیة (محل الإقامة، النوع، التعلیم، الموقف من العمل). ولعل هناک عدید من الدراسات أکدت علی أن مستویات الثقة تتأثر بخصائص الأفراد وسماتهم الاجتماعیة.(Aydin &Cenker, 2011, p. 235)
وأخیراً، من المهم التأکید علی أن المجتمع المصری، سواء علی المستوی السیاسی أو الاجتماعی، یحتاج إلی ضرورة الاهتمام بتنمیة مستویات الثقة، خاصة وأنها مکون ضروری للعیش المشترک، ولأی نظام حاکم، فالدولة مهما کانت درجة دیمقراطیتها، لن تستطیع الاستمرار فی الحکم بدون مستویات مقبولة من الثقة، والاجتماع الإنسانی الملائم، لن یتحقق أو یستمر بدون عنف أو انقسام، دون توافر الحد الأدنى من مستویات الثقة بین الأفراد والجماعات.
 
 
قائمة المراجع
المراجع العربیة:
- أبو دوح، خالد کاظم. (2012م). الانتخابات التشریعیة ومستقبل الدیمقراطیة فی مصر، المؤتمر السنوی الرابع عشر "مصر فی مفترق الطرق: ما بین الحاضر والمستقبل". القاهرة: المرکز القومی للبحوث الاجتماعیة والجنائیة.
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ . (2014م). رأس المال الاجتماعی. القاهرة: إیتراک للطباعة والنشر.
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ . (2015م). المرأة والإنترنت فی صعید مصر: الوعود والمخاطر، المؤتمر الدولی الأربعون للإحصاء وعلوم الحاسب الآلی وتطبیقاتها. القاهرة: المرکز القومی للبحوث الاجتماعیة والجنائیة، القاهرة.
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (2016م). المجتمع العادل: قراءة فی دفتر أحوال العدالة الاجتماعیة فی المجتمع المصری. القاهرة: مجلة الثقافة الجدیدة، العدد (311)، الهیئة العامة لقصور الثقافة.
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(2016م). علم الاجتماع السیاسی المعاصر. القاهرة: ابن خلدون للنشر والدراسات.
- باومان، زیجمونتز (2016م). الحداثة السائلة، ترجمة حجاج أو جبر. بیروت: الشبکة العربیة للأبحاث والنشر.
- جلبی، على، وآخرون. (2007م). الفقراء فی مصر بین الإجحاف والإنصاف، المؤتمر السنوی التاسع "قضایا الفقر والفقراء فی مصر". القاهرة: المرکز القومی للبحوث الاجتماعیة والجنائیة.
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(2013م). الاندماج الاجتماعی والمواطنة النشطة: مصر بعد ثورة 25 ینایر نموذجاً، المؤتمر السنوی الثانی للعلوم الاجتماعیة والإنسانیة. الدوحة: المرکز لعربی للأبحاث ودراسة السیاسات.
- حسن ، حسین محمود. (2011م). دراسة تحلیلیة لأسباب الفساد فی مصر. القاهرة: مرکز العقد الاجتماعی.
- زاید، أحمد وآخرون. (2009م) الأطر الثقافة الحاکمة لسلوک المصریین واختیاراتهم. القاهرة: وزارة الدولة للتنمیة الإداریة.
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1996م). أفاق جدیدة فی نظریة علم الاجتماع: نظریة تشکیل البنیة. القاهرة: المجلة الاجتماعیة القومیة، العددان الأول والثانی.
- عبد الجواد، جمال، وآخرون. (2011م) البارومیتر العربی. القاهرة: مرکز الدراسات السیاسیة والاستراتیجیة.
- عبد الفتاح، خالد. (2006م). قیم العمل الأهلی فی مصر. القاهرة: مرکز البحوث والدراسات الاجتماعیة، القاهرة.
- عبد المنعم، سهیر. (2011م). المؤسسة الشرطیة وأمن المجتمع المصری، المؤتمر السنوی الثالث عشر "الاستثمار الاجتماعی ومستقبل مصر"،. القاهرة: المرکز القومی للبحوث الاجتماعیة والجنائیة.
- عبد الوهاب، أشرف (2006م). التسامح الاجتماعی بین التراث والتغیر. القاهرة: مرکز البحوث والدراسات الاجتماعیة.
- فوکویاما. (1998م) الثقة: الفضائل الاجتماعیة وتحقیق الازدهار. الإمارات: مرکز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتیجیة.
- لیلة، على. (2004م). الصعید على خریطة التنمیة المصریة: بعض الفرضیات النظریة، المؤتمر السنوی السادس "الأبعاد الاجتماعیة والجنائیة للتنمیة فی صعید مصر". القاهرة: المرکز القومی للبحوث الاجتماعیة والجنائیة.
- مشروع قیاس الرأی العام العربی. (2013م). الدوحة: المرکز العربی للأبحاث والدراسات.
 
المراجع الأجنبیة
1- Amaney, Jamal. (2007). When Is Social Trust a Desirable Outcome? Comparative Political Studies, Vol. 40, No. 11.
2- Aydın, Aylin Cenker, Cerem I. (2011). Public confidence in government: empirical implications from a developing democracy, International Political Science Review, Vol. 33, No. 2.
3- BarsoumGhada. (2002). The Employment Crisis of Female Graduates in Egypt, Cairo Papers in Social Science, Vol. 25, No. 3. Cairo: The American University.
4- Bean, Clive. (2003). Citizen Confidence in Social and Political Institutions in a Changing World, Paper presented to the Social Change in the 21st Century Conference, Centre for Social Change Research Queensland University of Technology.
5- Buskens, Vincent. (2002). Social Network and Trust, New York: Kluwer Academic Publishers, 2002.
6- Gauchat. (2012). Politicization of Science in Public Sphere: A Study of Public Trust in The United States 1974-2010, American Sociological Review, Vol. 77, No.2.
7- Kellher, Christine A. (2007). Explaining Public Confidence in The Branches of State Government, Political Research Quarterly. Vol. 60, No. 4.
8- Ma, Deyong& Yang, Feng. (2014). Authoritarian Orientations and Political Trust in East Asian Societies, East Asia, Vol. 31.
9- Mishler, William. Rose, Richard. (2001). What Are The Origins of Political Trust? Comparative Political Studies, Vol. 34, No. 1, 2001.
10- Nye,Joseph S. (2997). In Government we Don’t Trust, Foreign Policy, Vol 108.
11- Rotter, (1971). Generalized Expectations for Interpersonal Trust, American Psychologist, Vol. 26, No. 5.
12- Weinschenk, Aaron C. Helpap, David J. (2015). Political Trust in the American States, State and Local Government Review, Vol. 47, No.1.
 
قائمة المراجع
المراجع العربیة:
- أبو دوح، خالد کاظم. (2012م). الانتخابات التشریعیة ومستقبل الدیمقراطیة فی مصر، المؤتمر السنوی الرابع عشر "مصر فی مفترق الطرق: ما بین الحاضر والمستقبل". القاهرة: المرکز القومی للبحوث الاجتماعیة والجنائیة.
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ . (2014م). رأس المال الاجتماعی. القاهرة: إیتراک للطباعة والنشر.
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ . (2015م). المرأة والإنترنت فی صعید مصر: الوعود والمخاطر، المؤتمر الدولی الأربعون للإحصاء وعلوم الحاسب الآلی وتطبیقاتها. القاهرة: المرکز القومی للبحوث الاجتماعیة والجنائیة، القاهرة.
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (2016م). المجتمع العادل: قراءة فی دفتر أحوال العدالة الاجتماعیة فی المجتمع المصری. القاهرة: مجلة الثقافة الجدیدة، العدد (311)، الهیئة العامة لقصور الثقافة.
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(2016م). علم الاجتماع السیاسی المعاصر. القاهرة: ابن خلدون للنشر والدراسات.
- باومان، زیجمونتز (2016م). الحداثة السائلة، ترجمة حجاج أو جبر. بیروت: الشبکة العربیة للأبحاث والنشر.
- جلبی، على، وآخرون. (2007م). الفقراء فی مصر بین الإجحاف والإنصاف، المؤتمر السنوی التاسع "قضایا الفقر والفقراء فی مصر". القاهرة: المرکز القومی للبحوث الاجتماعیة والجنائیة.
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(2013م). الاندماج الاجتماعی والمواطنة النشطة: مصر بعد ثورة 25 ینایر نموذجاً، المؤتمر السنوی الثانی للعلوم الاجتماعیة والإنسانیة. الدوحة: المرکز لعربی للأبحاث ودراسة السیاسات.
- حسن ، حسین محمود. (2011م). دراسة تحلیلیة لأسباب الفساد فی مصر. القاهرة: مرکز العقد الاجتماعی.
- زاید، أحمد وآخرون. (2009م) الأطر الثقافة الحاکمة لسلوک المصریین واختیاراتهم. القاهرة: وزارة الدولة للتنمیة الإداریة.
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1996م). أفاق جدیدة فی نظریة علم الاجتماع: نظریة تشکیل البنیة. القاهرة: المجلة الاجتماعیة القومیة، العددان الأول والثانی.
- عبد الجواد، جمال، وآخرون. (2011م) البارومیتر العربی. القاهرة: مرکز الدراسات السیاسیة والاستراتیجیة.
- عبد الفتاح، خالد. (2006م). قیم العمل الأهلی فی مصر. القاهرة: مرکز البحوث والدراسات الاجتماعیة، القاهرة.
- عبد المنعم، سهیر. (2011م). المؤسسة الشرطیة وأمن المجتمع المصری، المؤتمر السنوی الثالث عشر "الاستثمار الاجتماعی ومستقبل مصر"،. القاهرة: المرکز القومی للبحوث الاجتماعیة والجنائیة.
- عبد الوهاب، أشرف (2006م). التسامح الاجتماعی بین التراث والتغیر. القاهرة: مرکز البحوث والدراسات الاجتماعیة.
- فوکویاما. (1998م) الثقة: الفضائل الاجتماعیة وتحقیق الازدهار. الإمارات: مرکز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتیجیة.
- لیلة، على. (2004م). الصعید على خریطة التنمیة المصریة: بعض الفرضیات النظریة، المؤتمر السنوی السادس "الأبعاد الاجتماعیة والجنائیة للتنمیة فی صعید مصر". القاهرة: المرکز القومی للبحوث الاجتماعیة والجنائیة.
- مشروع قیاس الرأی العام العربی. (2013م). الدوحة: المرکز العربی للأبحاث والدراسات.
 
المراجع الأجنبیة
1- Amaney, Jamal. (2007). When Is Social Trust a Desirable Outcome? Comparative Political Studies, Vol. 40, No. 11.
2- Aydın, Aylin Cenker, Cerem I. (2011). Public confidence in government: empirical implications from a developing democracy, International Political Science Review, Vol. 33, No. 2.
3- BarsoumGhada. (2002). The Employment Crisis of Female Graduates in Egypt, Cairo Papers in Social Science, Vol. 25, No. 3. Cairo: The American University.
4- Bean, Clive. (2003). Citizen Confidence in Social and Political Institutions in a Changing World, Paper presented to the Social Change in the 21st Century Conference, Centre for Social Change Research Queensland University of Technology.
5- Buskens, Vincent. (2002). Social Network and Trust, New York: Kluwer Academic Publishers, 2002.
6- Gauchat. (2012). Politicization of Science in Public Sphere: A Study of Public Trust in The United States 1974-2010, American Sociological Review, Vol. 77, No.2.
7- Kellher, Christine A. (2007). Explaining Public Confidence in The Branches of State Government, Political Research Quarterly. Vol. 60, No. 4.
8- Ma, Deyong& Yang, Feng. (2014). Authoritarian Orientations and Political Trust in East Asian Societies, East Asia, Vol. 31.
9- Mishler, William. Rose, Richard. (2001). What Are The Origins of Political Trust? Comparative Political Studies, Vol. 34, No. 1, 2001.
10- Nye,Joseph S. (2997). In Government we Don’t Trust, Foreign Policy, Vol 108.
11- Rotter, (1971). Generalized Expectations for Interpersonal Trust, American Psychologist, Vol. 26, No. 5.
12- Weinschenk, Aaron C. Helpap, David J. (2015). Political Trust in the American States, State and Local Government Review, Vol. 47, No.1.