رأس المال الاجتماعي وأثره على المشارکة السياسية في المناطق العشوائية: دراسة ميدانية على منطقة غرب البلد بمدينة أسيوط

نوع المستند : المقالة الأصلية

المستخلص

بحثت هذه الدراسة في الدور الذي يقوم به رأس المال الاجتماعي في المشارکة السياسية بالمناطق العشوائية، من خلال تحليل دور مؤشرات رأس المال الاجتماعي في المشارکة السياسية وهي: العلاقات الاجتماعية، وعضوية منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والثقة الاجتماعية. وقد طبق الباحث دراسته الميدانية على منطقة غرب البلد بمدينة أسيوط باعتبارها أحد المناطق العشوائية، وطبقت الدراسة على عينة قوامها 312 مفردة، تمثل جميع الفئات الاجتماعية والعمرية المقيمة بمنطقة البحث، مستخدماً استبياناً قام الباحث بتصميمه. وقد خلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج، يمکن إجمالها في أن دور رأس المال الاجتماعي کان فاعلاً في المشارکة السياسية في المناطق العشوائية، کما تبين أيضاً أن هناک بعض صور إهدار لرأس المال الاجتماعي التي أثرت بالسلب على المشارکة السياسية مثل: ضعف الإقبال لعضوية منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وضعف مستويات الثقة الاجتماعية بين المواطنين وتفکک البناء الاجتماعي.
 
"Social Capital and Its Impact on Political Participation in Slums"
A Field Study of the Western Zone of Assiut City
Abstract
The study examined the role of social capital in political participation in slum areas through analyzing the role of social capital indicators in political participation; namely, social relations, membership of non-governmental organizations, political parties and social trust. The researcher applied the field study on the western zone of Assiut City as one of the slums. The study was applied to a sample of 312 respondents, representing all social and age groups residing in the study area, using a questionnaire designed by the researcher. The study concluded that the role of social capital was effective in political participation in slums. It further revealed that there are some forms of social capital waste that have negatively impacted political participation, such as weak participation in civil society organizations and political parties, low levels of social trust among citizens and disintegration of social structure.
 

الكلمات الرئيسية


رأس المال الاجتماعی وأثره على المشارکة السیاسیة فی المناطق العشوائیة: دراسة میدانیة على منطقة غرب البلد بمدینة أسیوط

حمد الله أحمد کیلانی (*)

مقدمة:

یولد الطفل فی الدول المتقدمة غنیاً وتکون حصته من رأس المال الذی حققته الأجیال السابقة عالیة، ومن ناحیة أخرى فإن المستوى المرتفع للأجور، والرواتب فی الدول المتقدمة مقارنة بدول العالم الثالث، یعکس بوضوح الاختلافات فی مکتسبات الدولة لا مکتسبات الفرد، وإذا کان ذلک الجانب المادی من الثروة المجتمعیة (مصانع، طرق، مدارس، مستشفیات، جامعات، وسائل اتصال حدیثة...)، فإن ثمة أنواعاً أخرى من الثروة المجتمعیة التی تراکمت فی الدول المتقدمة والتی لا تتسم بصفة مادیة (کالدیمقراطیة وحقوق الإنسان، ونقابات العمال، والأحزاب السیاسیة، ومؤسسات المجتمع المدنی، والأشکال الإیجابیة للتفاعل الاجتماعی) وهذا النوع من رأس المال یشکل ما یطلق علیه "رأس المال الاجتماعی"، وعلى غرار رأس المال المادی، فإن هناک تفاوتاً کبیراً بین الدول المتقدمة، والدول النامیة فی حیازة رأس المال الاجتماعی، وتوظیفه.وتعد مسألة المشارکة فی المجال السیاسی أحد الشواغل الأساسیة سواء فی برامج التنمیة السیاسیة، أو فی إطار السعی نحو تحسین أسلوب حکم وإدارة شئون الدولة، وفی إطار دفع مسیرة الإصلاح السیاسی، والتحول نحو الدیمقراطیة فی العدید من الدول النامیة، والسعی نحو قیم: الشفافیة، والمساءلة، والعدل، والإنصاف، والانتماء، والمواطنة، والمشارکة، وتحویلها إلى واقع إیجابی فی هذه الدول، من خلال دعم حریات، وحقوق الإنسان الأساسیة، والتی من أهمها المشارکة السیاسیة، حیث تعد أحد المحددات الرئیسة لعملیة التحول الدیمقراطی، واحترام حقوق الإنسان، وکفالة ممارسة حریاته. بالإضافة إلى أن المشارکة السیاسیة تعمل على إشباع حاجات الأفراد، وتحقیق ذاتهم، وتجعلهم یحسون بأنفسهم، وبأن لهم دور فی اتخاذ القرار. حیث تزداد المشارکة مع ارتفاع مستوى المعیشة، کما أن شبکة العلاقات القرابیة، والاجتماعیة للفرد تؤثر على مکانته الاجتماعیة والسیاسیة، بل ووظیفة وشکل مشارکته السیاسیة، کما أن الثقة التی یحصل علیها الأفراد من خلال الأدوار المتعددة التی یقوم بها نحو عائلته ومجتمعه لها أثرها على طبیعة المشارکة السیاسیة. ولعل ذلک هو ما جعل الباحث یفکر فی دراسته. من هنا یصبح من الأهمیة أن یتجه  الباحثون نحو تقصی ودراسة دور رأس المال الاجتماعی "بأبعاده المختلفة" فی المشارکة السیاسیة. ومن ثم تأتی هذه الدراسة، کمساهمة من الباحث فی تقصی الحقیقة ومراجعة دور رأس المال الاجتماعی فی المشارکة السیاسیة خاصة فی المناطق العشوائیة.

أولاً- موضوع البحث:

تبحث هذه الدراسة فی دور رأس المال الاجتماعی (أرصدة الأفراد من العلاقات) فی المشارکة السیاسیة بالمناطق العشوائیة، ویأتی اهتمام الباحث بالعشوائیات باعتبارها أحد أهم التحدیات التی تواجه عملیة التحول الدیمقراطی فی الدول النامیة، حیث إن سکان العشوائیات –خاصة الشباب– إذا لم یتم إدماجهم فی المجتمع ورفع قیم الانتماء لدیهم، وزیادة مشارکتهم فی القنوات والوسائل المشروعة واستیعاب تطلعاتهم وتحقیق آمالهم وتوظیف قدراتهم وطاقاتهم، فإنهم یتحولون إلى قوى اجتماعیة سلبیة یمکن أن تکون قنبلة موقوتة لتهدید الاستقرار المجتمعی من خلال الصور العنیفة والسلبیة للمشارکة السیاسیة، ویکونوا هدفا للأفکار والقیم المتطرفة التی تستغل مشاعر الیأس والإحباط والشعور بالتهمیش وبعدم الاهتمام من جانب السلطة السیاسیة، والتی یزید من خطورتها حالات الجهل وعدم الوعی السیاسی أو الدینی التی قد یساء استخدامها من جانب جماعات أو أفراد لتحقیق مصالح خاصة بهم، أو نشر قیم وأفکار مخالفة لما هو سائد لدی بقیة المجتمع، واستخدام وسائل یغلب علیها طابع العنف والانتقام من المجتمع بل والرغبة فی تغییره، ولو بالقوة،  ولعلنا الیوم نلاحظ أن سکان العشوائیات فی مصر یعانون من الحرمان من رأس المال المادی والبشری، ویعانون أیضا من الحرمان من أشکال رأس المال الاجتماعی فی ظل غیاب التنظیمات الاجتماعیة والسیاسیة،  بل ان أرصدة الأفراد من رأس المال الاجتماعی تتناقص أو تهدر باستمرار فی المناطق العشوائیة على خلفیة الاهتمام بالمصالح الفردیة الضیقة والانکفاء على الذات فی مقابل المجتمع.  

لذا یحاول الباحث فی هذه الدراسة أن یتتبع مدى تأثیر ما یمتلکه المواطنین من علاقات (رأس المال الاجتماعی) على عملیة المشارکة السیاسیة فی المناطق العشوائیة، سواء کانت هذه العلاقات فی صورة شبکات اجتماعیة (أحزاب سیاسیة - جمعیات أهلیة) أو فی صورة قیم تدفع إلى مزید من الاندماج والایجابیة مثل قیمة الثقة والرغبة فی التعاون وقیمة العلاقات الاجتماعیة، ویحاول الباحث أن یقف على مدى تأثیر: شبکة العلاقات الاجتماعیة، والمشارکة فی الأحزاب السیاسیة، وفی منظمات المجتمع المدنی، وقیمة الثقة، باعتبارها المحددات الرئیسیة لرأس المال الاجتماعی فی المشارکة السیاسیة.

ثانیاً- أهمیة البحث:

- یعد مفهوم رأس المال الاجتماعی من المفاهیم الحدیثة نسبیاً التی لم تنل الاهتمام الکافی من قبل الباحثین على الرغم من أهمیته فی تحقیق المشارکة السیاسیة الفعالة.

- ندرة الدراسات التی تناولت موضوع رأس المال الاجتماعی وعلاقته بالمشارکة السیاسیة فی مصر والوطن العربی.

- یمثل الحرمان من رأس المال المادی أحدى المشکلات التی تواجه سکان العشوائیات بصفة خاصة، وهنا تأتی أهمیة دراسة رأس المال الاجتماعی فی تزوید السکان ببعض الفرص التی تساهم فی الحصول على بعض الامتیازات لحمایة مصالحهم وتقویة مکانتهم وحقوقهم السیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة.

- الدور الذی تلعبه المنظمات الاجتماعیة والسیاسیة، حیث تعد من أهم العناصر الفاعلة کشریک أساسی للدولة فی تنفیذ سیاسات الرعایة الاجتماعیة، والتأثیر على عملیة المشارکة السیاسیة وصنع القرار.

- یمر المجتمع المصری فی الأوقات الراهنة بعد التحولات السیاسیة فی 25 ینایر و30 یونیو بمرحلة (طال أمدها وتأخر مردودها) تستهدف نقل المجتمع من وضع اقتصادی سیاسی متهالک، إلى مواکبة المستجدات والمتغیرات الداخلیة والخارجیة ولن یحدث هذا بدون حضور ومشارکة نشطة من مختلف قطاعات المجتمع خاصة سکان العشوائیات.

- کما لاحظ الباحث خلال انتخابات 2015 لمجلس النواب المصری وجود سلوکیات سلبیة سواء عن طریق بیع الأصوات أو البلطجة، مما دفع الباحث للاهتمام بدور رأس المال الاجتماعی فی المشارکة السیاسیة.

ثالثاً- أهداف البحث:

تحدد الهدف الرئیسی فی هذه الدراسة فی محاولة رصد حقیقة الدور الذی یقوم به رأس المال الاجتماعی فی المشارکة السیاسیة بالمناطق العشوائیة. وفی ضوء هذا الهدف العام ثمة مجموعة من الأهداف الفرعیة على النحو التالی:

1- الوقوف على واقع المشارکة السیاسیة فی المناطق العشوائیة.

2- بحث العلاقة بین رأس المال الاجتماعی والمشارکة السیاسیة فی المناطق العشوائیة، من خلال التعرف على:

أ) أثر العلاقات الاجتماعیة فی المشارکة السیاسیة.

ب) دور عضویة مؤسسات المجتمع المدنی فى المشارکة السیاسیة.

ج) أثر الثقة الاجتماعیة فی المشارکة السیاسیة.

أما أسئلة الدراسة فقد جاء التساؤل الرئیسی على النحو التالی: ما حقیقة الدور الذی یقوم به رأس المال الاجتماعی فی المشارکة السیاسیة؟ وتحت مظلة هذا التساؤل العام، ثمة عدد من التساؤلات الفرعیة، وهی:

1- ما واقع المشارکة السیاسیة فی المناطق العشوائیة؟.

2- ما العلاقة بین رأس المال الاجتماعی والمشارکة السیاسیة فی المناطق العشوائیة؟. وذلک من خلال الإجابة على التساؤلات التالیة:

أ)  ما أثر العلاقات الاجتماعیة على المشارکة السیاسیة؟

ب)  ما دور عضویة مؤسسات المجتمع المدنی فى المشارکة السیاسیة؟

ج)  ما مدى تأثیر الثقة الاجتماعیة على المشارکة السیاسیة؟

رابعاً- الإطار النظری:

(1) السیاق التاریخی لنظریة رأس المال الاجتماعی: انتشر مصطلح رأس المال الاجتماعی فی السنوات الأخیرة، إلا أنه لا یتضمن أفکار جدیدة بالنسبة لعلماء الاجتماع، فکل من المشارکة والاندماج الاجتماعی، وما قد یترتب على وجودهما من إیجابیات سواء على مستوى الفرد أو المجتمع، کلها أفکار رئیسیة وأصیلة الوجود فی الفکر الاجتماعی، ویمکن تلمسها فی کتابات توکفیل Tocquveill عن الدیمقراطیة فی الولایات المتحدة الأمریکیة Democracyin America فی القرن التاسع عشر، حیث أرجع توکفیل الدیمقراطیة فی أمریکا إلى الترابط الاجتماعی ونزوع المواطنین إلى المشارکة فی الحیاة العامة، حیث حاول خلال زیارته إلى المجتمع الأمریکی أن یتعرف على الأسباب التی جعلت مجتمعاً کالمجتمع الأمریکی یتمتع أفراده بقدر عال من الفردیة، ویستطیعون ممارسة حقوقهم وحریاتهم کاملة، بلا قمع أو تدخل من أحد ، وفی هذا الصدد أکد توکفیل أن وجود التنظیمات المدنیة Associations هو ما یحقق التوازن بین الفردیة المطلقة والمساواة المطلقة (انجی محمد، 2010: 61-62). أما دور کایم EDorkhaim فأکد على المشارکة الاجتماعیة کتریاق، وآلیة لمواجهة مخالفة القواعد (AlejandroPortes،1998:2) وقسم المجتمعات لمجتمعات التضامن الآلی MechanicalSolidarity "ما قبل الحدیثة" حیث الطاعة للسلطة المستمدة من العادة، والروابط الاجتماعیة، ومجتمعات التضامن العضوی OrganicSolidarity "الحدیثة" التی تتمیز بوجود مؤسسات اجتماعیة متخصصة (JohnField، 2008:13). ولعل کارل مارکس K. Marks هو صاحب الطرح الکلاسیکی لمفهوم رأس المال، وهو الذی لفت الأنظار إلى کیفیة نشأة رأس المال من خلال العلاقات الاجتماعیة بین البرجوازیة والبرولیتاریة (حنان محمد، 2008: 20)، ونظر إلى رأس المال باعتباره فائض القیمة surplus value (الربح) الناتج عن عملیة الإنتاج، والتی یسیطر علیها الرأسمالیون (البرجوازیة)، فی عملیة تداول السلع commodities والأموال monies بین عملیات الإنتاج production والاستهلاک consumption (NmzLin، 2001:4)، بل ویمکن فهم العملیة وتحلیلها على مستوى بنیة المجتمع أو بالتعبیر المارکسی على المستوى الطبقی، حیث ینبغی علینا أن نحدد فائض القیمة فی العلاقات الاجتماعیة (حنا جریس، 2010: 86). لذا کانت الوجهة الأولى لاشتقاقه من خلال کتابات کارل مارکس، وتوکفیل، وأمیل دورکایم.

وظهر المصطلح لأول مرة فی کتابات هانفان Hanfain (1916) حیث نظر إلیه باعتباره قوة اجتماعیة کامنة تکفی لتحسین ظروف المعیشة یستفید منها أفراد الجماعة وتنشأ من التعاون بین أفراد الجماعة (ولید رشاد، 2009: 78). ورأى أن الأفراد الذین تکون لدیهم علاقات طیبة بجیرانهم، وأصدقائهم، وعائلاتهم، لدیهم مستوى مرتفع من تراکم رأس المال الاجتماعی، تساعدهم على تلبیة احتیاجاتهم الاجتماعیة Social Needs، کما تحمل إمکانیات اجتماعیة social potentiality کافیة لتحسین ظروفهم المعیشیة living conditions (Myriam Cherti، 2008:33) إلا أن هذا المصطلح شهد مرحلة أفول، ثم عاود الظهور مرة أخرى مع نهایة الستینیات، وبدایة السبعینیات، فی کتابات العالم الانثروبولوجی السویدی هانرز Hannerz1969 أثناء دراسته للأحیاء الحضریة الفقیرة Poor Urban Neighborhoods وقصد به، شبکة العلاقات الاجتماعیة (غیر الاقتصادیة) التی تمکن من توزیع المعلومات والثقة، وتظهر فی الدعم الذی یتبادله الأصدقاء کجزء من تحمل الفقر (Stephen P. Borgatti،  1999:86). ورأى أنها تنعکس فی شکل خدمات یؤدیها الأصدقاء، والمعارف، لبعضهم البعض (خلاف خلف، 2004: 9-11). ولم ینل مصطلح رأس المال الاجتماعی مزید من الانتشار إلا فی أعمال بردیو Pierre Pourdieo، ثم تطور بشکل واضح فی أعمال جیمس کولمان Jemes Coleman، وروبرت بوتنام Robert Putnam، ورونالد بیرت Ronald Pert وغیرهم. وفی إطار التعرض للرؤى النظریة حول مفهوم رأس المال الاجتماعی نجد أن هناک رؤیتین، أحاول عرضهما باختصار فیما یلی:

الأولى: ویمثلها بییر بوردیو Pierre Pourdieo الذی دأب فی تحلیله لرأس المال الاجتماعی، والثقافی، على ربطه بالتحلیل الطبقی. حیث فهم رأس المال الاجتماعی على أنه، رصید اجتماعی "قابل للتداول والتراکم والاستخدام" من العلاقات، والرموز یتقابل، ویتفاعل مع الرصید الذی یملکه الأفراد من رأس المال المادی (نجلاء محمود، 2012: 119)،  عندما ینشئ الفرد شبکات اجتماعیة، أو ینضم إلى أحزاب سیاسیة، أو یستخدم ما لدیه من رموز المکانة فی ممارسات اجتماعیة، فإنما یکون لنفسه رصیداً اجتماعیاً وثقافیا،ً یزید من مصالحه ومن رصیده من القوة والهیبة (ولید رشاد، 2009، 78)،  وهذه  الرؤیة تفسر لنا بعض صور المشارکة السیاسیة وخاصة فی تأتید بعض المرشحین دون غیره نظرِاً لأن لدیه علاقات وصلات طیبة فی دائرته الانتخابیة.

الثانیة: ظهرت فی أعمال جیمس کولمان Jemes Coleman، الذی رأى أن رأس المال الاجتماعی یمثل الرصید الذی یمتلکه الفرد من علاقات، وقیم تمکنه من أن یؤسس لعلاقاتة داخل البناء الاجتماعی، وروبرت بوتنام Robert Putnam الذی حاول تحدید الخصائص والسمات التی تکون رصید داخل التنظیم الاجتماعی، مثل الثقة، والمعاییر، والشبکات الاجتماعیة، مع التأکید على أن امتلاک الجوانب الإیجابیة من هذه الخصائص یمکن المجتمع من أن یؤدی وظائفه على نحو أفضل، کما تسهل التنسیق بین الأفعال الاجتماعیة المختلفة (نجلاء محمود، 2012: 119) ومنها المشارکة السیاسیة.

(2) إشکالیة مفهوم رأس المال الاجتماعی:

ینطوی مفهوم رأس المال الاجتماعی على شقین رئیسیین: جانب رأس المال والجانب الاجتماعی،  فرأس المال یتکون من خلال التراکم عبر فترات طویلة من الزمن، ومن هنا فمن الصعب تخیل أن یتکون رأس المال الاجتماعی بصورة وقتیة أو سریعة لخدمة موقف مفاجئ أو حالة عارضة،  بینما یشیر الجانب الاجتماعی إلى حقیقة بدیهیة مؤداها أن رأس المال الاجتماعی لا یکونه فردا بذاته "کرأس المال المادی أو البشری"، وإنما یتکون فی إطار جماعة اجتماعیة یرتضی الأفراد الانضمام لها من أجل استغلال ما توفره العضویة فی هذه الجماعة من مزایا ورصید اجتماعی (انجی محمد، 2010، 19).

ویعد تعریف رأس المال الاجتماعی Social Capital أکثر تعریفات رأس المال غموضاً، ربَما لأنه یتعلق فی الأساس بقیمة غیر منظورة، فی حین تتعلق الصور الأخرى لرأس المال بظواهر یمکن تمییزها، وقیاسها بسهولة، وبشکل ملموس، فرأس المال المادی Physic Capital یندرج فی إطاره ثلاثة أصناف فرعیة، وهی: رأس المال الطبیعی(الأرض المیاه، موارد الطاقة، المعادن...)؛ ورأس المال المالی (أرصدة مالیة ونقدیة للاستهلاک والادخار ...)؛ ورأس المال الإنتاجی (معدات، آلات، موارد مادیة وعینیة...)،  أما رأس المال البشری فیشار به إلى مجموع الخبرات، والمعارف، والطاقات، والحماس، والإبداع، والصفات التی یمتلکها الأفراد،  حیث یشمل کل المهارات الفنیة، والتکنولوجیة، والشهادات والدرجات العلمیة، وکل مقدرة تمکن الأفراد من تحقیق مکاسب مادیة أو أدبیة (زبیری رمضان، 2012: 2)، وعلى حد حقول بیجون Arther Cecil Pigeon فإن هناک استثماراً فی رأس المال البشری کما أن هناک استثماراً فی رأس المال المادی، فالطفل الذی لا ینفق علیه بشکل جید لا ننتظر منه مردوداً کبیراً (مهدی محمد، 2008: 57)،  بینما رأس المال الاجتماعی یعد أقل صور رأس المال تجسَداً، إذ یشیر إلى مجموعة العلاقات والروابط الاجتماعیة التی تنمو فی إطار شبکة اجتماعیة معینة، تحکمها عدد من القیم والمعاییر، کالثقة، والاحترام المتبادل، والالتزام، والتعاون (انجی محمد، 2010، 19). ولقد اختلف المفکرین حول تعریف رأس المال الاجتماعی، وفیما یلی یعرض الباحث لجانب منها؛ حیث یرى جوبتا Gupta وآخرون أنه تلک الأصول المعنویة التی تحسب فی الحیاة الیومیة للناس؛ مثل: الزمالة، التعاطف، الاتصال الاجتماعی بین الأفراد والعائلات الذین یشکلون وحدة اجتماعیة معینة (منى خلیل، 2011: 1371). بینما یعرفه بوتنام Robert Putnam بأنه، صور التنظیم الاجتماعی؛ مثل: شبکة العلاقات الاجتماعیة، والأعراف، والثقة التی تسهل عملیات التنسیق والتعاون بین أفراد المجتمع، بهدف تحقیق المنافع وتبادلها (هانی خمیس، 2008: 9)، ویرى أنه یمکن التمییز بین المقومات الإیجابیة لرأس المال الاجتماعی لدى الأفراد والجماعات التی تدعم إنتاجیة وتماسک المجتمع، مقابل الأفراد والجماعات التی تسعى لتحقیق مصالح ذاتیة خالصة تشکل رأس مال سلبی (کامل محمد، 2015: 23)، ویقدم بوتنام تمییزاً بین نوعین من رأس المال الاجتماعی: الأول، القائم على الروابط Bonding، "العلاقات الداخلیة لجماعة ما"، الثانی القائم على الجسور Bridging "التی تعمل على ربط الأفراد والجماعات المختلفین اجتماعیاً وثقافیاً وطبقیاً" (حنا جریس، 2010: 86).

وأشار بوردیو Bourdieu أنه مجموعة الموارد الفعلیة أو المحتملة التی تربط بین أعضاء المجتمع أو الجماعات الاجتماعیة (Julia Häuberer،  2011:38). ونظر إلیه روبرت سامسبون Robert Sampson کقیمة مرغوبة فی حد ذاتها، وکنتیجة مرجوة (مجدی صابر، 2011: 2657). ورأى کولمان J. Colemal أنه إنتاجی ومنتج یمکن من خلاله تحقیق غایات معینة لا یمکن تحقیقها فی عدم وجوده (ولید رشاد، 2013: 156).  بینما وسع رونالد اس بورت Ronald S. Burt فی تعریفه لرأس المال الاجتماعی ورأى أن رأس المال الاجتماعی هو تعبیر مجازی للبناء الاجتماعی Social Structure یخلق لبعض الأفراد والجماعات میزة تنافسیة competitive advantage  فی الوصول إلى غایاتهم، فالأفراد الأکثر حظاً من العلاقات الاجتماعیة أکثر حصولاً على غایاتهم بشکل أفضل (Ronald S. Burt،  2001:32). ویتفق معه میشیل ولولکوک Mhchael Woolcock حیث عرفه بأنه تلک المصادر التی یستطیع الفرد الوصول إلیها عن طریق عضویته فی شبکات العلاقات الاجتماعیة، وتعد الثقة، والتعاون، وتبادل المنفعة، والامتیازات أمثلة لمثل هذه الموارد الأخلاقیة (حنان محمد، 2008: 22). وتعرفه منظمة التعاون الاقتصادی والتنمیة بأنه الشبکات الاجتماعیة، والقیم، والمعاییر المشترکة، التی تسهل التعاون داخل المجموعات وبینها لتحقیق منافع متبادلة (سمیة احمد، 2014: 87).

ویرى أحمد زاید وآخرون أن رأس المال الاجتماعی یشیر إلى أرصدة الفرد من العلاقات التی یمکن أن تستخدم فی أفعال مقصودة، هذه الموارد إما أن تکون علاقات وشبکات اجتماعیة تحقق أهدافاً معینة، مثل: النقابات، والأحزاب، والجمعیات، وغیرها. وإما قیم تدفع إلى مزید من الاندماج والإیجابیة، مثل: قیم الثقة، والشفافیة، واحترام الآخر، والرغبة فی التعاون معه، والعقلانیة، وغیرها (احمد زاید، 2008: 8-9). وتعرفه نجلاء محمود بأنه شبکة العلاقات الاجتماعیة ذات النمط القائم على الاختلاط والارتباط بالآخرین، بهدف اجتماعی أو اقتصادی أو سیاسی، یقوم فی الأساس على الثقة، والصدق، والتعاون (نجلاء محمود، 2012 : 121). وترى نادیة عبدالجواد أنه مرادف لجملة التفاعلات التی تربط بین الناس فی الأمور الحیاتیة العادیة، ویعکس العلاقات البشریة، والدفء العاطفی الذی یربط أعضاء الجماعة الواحدة، ویعطی أیضاً الرابطة التی تجمع الناس فی وحدة إنسانیة واحدة (نادیة عبدالجواد، 2011: 730-731).وترى سهیر محمد أنه التنظیمات الاجتماعیة التی یتواجد بین أفرادها علاقات وتفاعلات اجتماعیة، والذین تجمعهم معاییر وقیم وأهداف معینة، مشترکة یسعون نحو تحقیقها من خلال وجود الثقة، والتعاون، والتبادل فیما بینهم (سهیر محمد، 2014: 518).

مما سبق، یتضح أن رأس المال الاجتماعی قد تم تعریفه ووصفه باعتباره أرصدة الفرد من العلاقات الاجتماعیة التی یمکن أن یستخدمها فی تحقیق أهداف معینة، کما أنه یمثل القیم الإیجابیة التی تدفع إلى مزید من الاندماج مثل: قیم الثقة واحترام الآخر والتعاون التی تدفع الناس دفعاً إلى زیادة رغبتهم فی التجمع والتکتل فی شکل مجموعات تعمل فی إطار رسمی أو غیر رسمی، وانطلاقاً من هذا المعنى یصبح رأس المال الاجتماعی من أهم العوامل التی تدفع إلى مزید من المشارکة والتعاون داخل المجتمع فی جمیع المجالات الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة.

(3) أشکال رأس المال الاجتماعی:

لا یعد کیان رأس المال الاجتماعی مفرداً ولکنه متعدد الأشکال فهناک أنواع مختلفة لرأس المال الاجتماعی، حیث رأى البعض أن له نوعین (أفقی وهرمی)، الأفقی یتضمن الروابط الاجتماعیة المتبادلة التی تربط بین الأفراد القاطنین موقع اجتماعی متشابه فی نظام معین أو شبکات معینة ، أما الهرمی فیشیر إلى الشبکات التی توثق وتربط الأفراد القاطنین مواقع اجتماعیة مختلفة معاً، وتعد الشبکات (الرسمیة وغیر الرسمیة) أشکال أساسیة لرأس المال الاجتماعی، وقد تم تعریفها على أنها العلاقات الشخصیة التی تتجمع وتتراکم عندما یتفاعل الأفراد مع بعضهم البعض وذلک من خلال العائلات وأماکن العمل ومناطق الجیرة والجمعیات العامة وسلسلة من أماکن التجمع الرسمیة وغیر الرسمیة (حنان محمد، 2010: 24-25) ویصنف رأس المال الاجتماعی بصفة عامة إلى ثلاث مجموعات من الشبکات الاجتماعیة (سمیة أحمد، 2014: 87):

1- الروابط القرابیة Bonds وهم الأفراد الذین یشترکون فی هویة مشترکة واضحة کالأسرة، والروابط مع الأشخاص القریبین کالأصدقاء والجیران.

2- الجسور Bridges وهم أفراد بینهم علاقات مهمة ولکنها أقل قوة من الروابط کالمعارف وزملاء العمل.

3- الترابطات Linkages وجود علاقات رأسیة بین أفراد من مستویات اجتماعیة مختلفة.

ویرى الباحث أنه على الرغم من ضعف الروابط والعلاقات القرابیة فی المدینة، إلا أنه مازال لها دور فی العشوائیات؛ ویتضح فی أثناء الانتخابات والتی تعتمد على العلاقات الاجتماعیة التی لها دور رئیسی فی المشارکة السیاسیة بالمناطق العشوائیة.

(4) مؤشرات قیاس رأس المال الاجتماعی:

یمکن عرض أهم مؤشرات قیاس رأس المال الاجتماعی کما وردت عند أحمد زاید وآخرون على النحو التالی (احمد زاید، 2008: 9):

1- الشبکات والعلاقات الاجتماعیة: وهی التی یقیمها الأفراد بهدف تحقیق أهداف معینة، مثال النقابات، الأحزاب، وجمعیات النفع العام، وغیر ذلک من العلاقات والشبکات التی تؤسس لحیاة مدنیة، وفى هذا السیاق أشار "بوتنام" إلى أن حجم ومدى المشارکة فی مثل هذه الاتحادات والجمعیات یحدد حجم رأس المال الاجتماعی، حیث إنها تقوم بتدعیم وإثراء المعاییر الجماعیة والثقة الاجتماعیة.

2- منظومة قیمیة: تأتی على رأسها قیم الثقة، والشفافیة، وتحمل الآخر، والرغبة فی التعاون معه، والعقلانیة، وغیر ذلک من قیم الحداثة، ویؤکد فوکویاما Fukuyama على أن رفاهیة أی مجتمع وقدرته على التنافس، تتوقف على مستوى الثقة المتوفر داخله، والتی تتلازم مع رصیده من رأس المال الاجتماعی.

بینما رأى رافالا وکاتالیان Raffaella and Catalina  أن هناک ثلاثة مکونات لرأس المال الاجتماعی (Raffaella،  2016: 20)، هی:

1- الثقة Trust  بین الأفراد والجماعات الذین ینتمون لمجتمع واحد: حیث یؤکد هذا العنصر على عملیة التفاعل الاجتماعی کما تسهل الثقة التفاعل فی المجالات المختلفة فی الحیاة الاجتماعیة، فمثلاً عندما یتصرف الناس باعتبارهم مستهلکین وأصحاب محلات تجاریة، أو آباء ومعلمین فی نفس الوقت.

2- مجموعة من قیم ومعاییر التضامن Solidarity Values and Norms التی یتم مشارکتها بین أعضاء المجتمع  بحیث یکون هناک تقدیم للصالح العام على المصلحة الفردیة، وتعمل هذه القیم والمعاییر على تنمیة ذلک.

3- اشتباک الناس  people’s engagement من أجل العمل الهادف: وهو قدرة أفراد المجتمع على التجمع والتصرف على أساس القواعد والأهداف المشترکة.

بینما رأى آخرون أن مؤشرات رأس المال الاجتماعی هی: (منى خلیل، 2011 : 1377-1380؛ خالد کاظم، 2009: 52-53)

(1) العلاقات والشبکات الاجتماعیة Groups and Networks.

(2) الثقة المتبادلة والتضامن Trust and Solidarity: وتتضح أهمیة الثقة فی استمرار الحیاة الاجتماعیة عندما ننظر فی الظروف التی تفتقد فیها هذه الثقة.

(3) العمل الجماعی والتعاونی Collective Action and Cooperation: یزید العمل الجماعی من التفاعل والتضامن الاجتماعی، ویقلل من الانتهازیة، ویعزز الثقة لدى المواطنین، ویسهل التعاملات السیاسیة والاقتصادیة بین جمیع المسئولین أفراداً وجماعات، کما یشجع على التواصل بینهم، ویُمکِّن الأفراد من التأثیر فی صنع القرار، والمشارکة السیاسیة، ویجعل أصواتهم مسموعة.

(4) قبول التنوع والتسامح وقبول الآخر: ویعنی التسامح، الاحترام، القبول، التقدیر لمختلف الثقافات فی المجتمع، الانفتاح على المعرفة، زیادة الاتصالات والتفاعلات مع ثقافات أخرى إلى جانب حریة التفکیر والمعتقدات والممارسات.

(5) التمکین والمشارکة فی المجتمع المحلى: یشیر التمکین إلى توسیع القدرات والمواهب للأفراد کی یشارکوا فی المنظمات التی تؤثر على حیاتهم، ویجعل المنظمات أکثر استجابة لاحتیاجاتهم، للحد من الاستبعاد الاجتماعی وإتاحة الفرص الاجتماعیة لکل الناس، ولکی تکون المشارکة فعاله یجب أن یتوفر للأفراد فرص متساویة لإدراج مطالبهم وطرح همومهم تعبیراً عن الخیارات التی یفضلونها لعملیة صنع القرار، فیمکنهم أن یدلوا بأصواتهم فی الانتخابات وینضموا للمنظمات والنقابات ویؤسسوا روابط وجمعیات ویشارکون فی الحیاة الاجتماعیة، ویؤدى التمکین والمشارکة إلى العمل من أجل الصالح العام.

خامساً- مفاهیم الدراسة:

1- رأس المال الاجتماعی:

یعرف الباحث رأس المال الاجتماعی فی الدراسة الراهنة بأنه شبکة من العلاقات الاجتماعیة والقیم والأعراف والثقة التی تدعم الترابط والتعاون بین أفراد المجتمع بهدف تبادل المنافع والتأثیر فی المشارکة السیاسیة لتحسین الظروف الاجتماعیة فی المناطق العشوائیة، وتبعاً لهذا المفهوم فإنه یشمل ثلاثة مؤشرات هی:

(1) العلاقات الاجتماعیة: وتقاس من خلال العلاقات القرابیة والعصبیة القبلیة وکذلک العلاقات الاجتماعیة العامة مع الجیران والأصدقاء والزملاء ... الخ.

(2) المشارکة فی مؤسسات المجتمع المدنی والأحزاب: ویقاس من خلال مدى المشارکة فی عضویة منظمات المجتمع المدنی والأحزاب السیاسیة.

 (3) الثقة الاجتماعیة: وتقاس من خلال مدى شعور المواطنین بالاطمئنان وعدم وجود شک فی أن النخب السیاسیة تقدم المصلحة العامة للمجتمع على حساب المصلحة الخاصة دون تمییز بناء على الانتماء السیاسی أو الدینی أو الجغرافی ولا تنتهک حریاتهم السیاسیة والمدنیة، وکذلک مدى ثقتهم فی المؤسسات الاجتماعیة والسیاسیة الموجودة فی بیئتهم ومجتمعهم.

2- المشارکة السیاسیة:

المشارکة السیاسیة هی الجسر الرابط بین الفرد کعضو فی جماعة، والفرد کمواطن سیاسی، ویعرفها "ماک کلوسکی M.c.closky" بأنها تشیر إلی الأنشطة الإرادیة التی عن طریقها یساهم أعضاء المجتمع فی اختیار الحکام، وفی تکوین السیاسة العمومیة بشکل مباشر أو غیر مباشر. کما عرفها کلا من صموئیل هنتجتون Samuel Huntigton ، ونیلسون Nesions  بأنها النشاط الذی یقوم به المواطنون بقصد التأثیر على عملیة صنع القرار الحکومی (إبراهیم ابراش، 2011: 144). وتعرف أیضاً بأنها العملیة التی من خلالها یؤدی الفرد دوراً فی الحیاة السیاسیة والاجتماعیة لمجتمعه، وتکون لدیه الفرصة لأن یشارک فی وضع الأهداف العامة لذلک المجتمع(عبدالهادی الجوهری، 1985، 15).

کما تُعد المشارکة السیاسیة نشاط طوعی وإرادی هدفه أن یکون للمواطن دور فی صنع القرارات والسیاسات المتعلقة بإدارة شئون دولته، وتقییم ما یتم تنفیذه منها، وکذلک المساهمة فی تنفیذها کلما أمکن (محمد احمد العدوی، 2009، 87). أشارت بدریة شوقی إلی أن المشارکة السیاسیة تشمل الأنشطة السیاسیة المباشرة (الأولیة )، والأنشطة غیر المباشرة (الثانویة)، ومن أمثلة المشارکة السیاسیة المباشرة (تقلد منصب سیاسی، عضویة الأحزاب)، أما أمثلة الأنشطة غیر المباشرة فهی (المعرفة، والوقوف على المسائل العامة، والعضویة فی هیئات التطوع) (بدریة شوقی، 1995، 64). کما تسهم فی ِإرساء البناء المؤسس للدولة على الأصعدة السیاسیة، والاجتماعیة، والاقتصادیة، والمشارکة السیاسیة ضرورة لإقامة مجتمع دیمقراطی، لأنها تقوم على اشتراک المواطنین فی مسؤولیات التفکیر، والنشاط من أجل المجتمع (رضا سمیح، 2010: 299).

ویعرف الباحث المشارکة السیاسیة إجرائیاً بأنها النشاط الإرادی الذی یقوم به المواطنین فی المناطق العشوائیة من أجل المشارکة فی النشاطات السیاسة، ودرجة حرصهم على التصویت فی الانتخابات، ومدى متابعتهم للأخبار والأحداث السیاسیة وموقفهم من المشارکة السیاسیة للمرأة وإدراکهم ووعیهم ببعض القضایا والموضوعات المرتبطة بالمشارکة فی الحیاة السیاسیة.

 

 

3- المناطق العشوائیة:

تعرف المناطق العشوائیة بأنها مناطق تنمو نمواً غیر مخطط (عصام محمد، 2013: 5374). کما تعرف بأنها التجمعات العفویة التی یقیمها الأفراد فی مناطق لم یکن من المقرر تعمیرها، وهو ما یعنی المناطق التی تم إنشاؤها دون توجیه، أو إشراف من الدولة، حیث سبقت احتیاجاتها تخطیط الدولة (نعمات محمد، 1993: 47).

کما تعرف بأنها مناطق ذات نسیج عمرانی غیر متجانس وتتکون من إسکان غیر مرخص فی مناطق محرومة من المرافق العامة، والخدمات الأساسیة وتتعد أشکال تلک الکیانات فی غیبة التخطیط العام للمدن، وخروجا عن القوانین المنظمة للعمران، وحمایة الأراضی الزراعیة (أسماء محمد، 2013: 3627). 

ویمکن تعریفها إجرائیاً بأنها: تلک المناطق التی توجد على أطراف المدن، وتنشأ بدون تخطیط أو إشراف الجهات المعنیة مما یصعب توفیر الخدمات بها وتسود بین أفرادها شبکة من العلاقات القائمة على المصالح والثقة والمشارکة. وبناء على ذلک فقد طبقت الدراسة الراهنة على إحدى المناطق العشوائیة بمدینة أسیوط، وهی منطقة غرب البلد. حیث لاحظ الباحث أن المناطق العشوائیة خاصة فی المناطق الفقیرة "کمنطقة الدراسة" تتعدد بها صور الحرمان لیس فقط من رأس المال (انتشار الفقر والجوع والبطالة) أو البشری (ضعف امتلاک القدرات والمهارات) بل ورأس المال الاجتماعی أیضاً (المنظمات الاجتماعیة والأحزاب السیاسیة والعلاقات الاجتماعیة والثقة الاجتماعیة) التی یترتب علیها فی النهایة مستوى منخفض من المشارکة السیاسیة.

سادساً: الدراسات السابقة:

فی هذا المحور یحاول الباحث مناقشة بعض الدراسات والأبحاث السابقة التی تناولت موضوع الدراسة الراهنة، حیث تخیر منها الباحث الدراسات وثیقة الصلة بموضوع الدراسة، الأمر الذی یعود بالنفع على الدراسة الراهنة، ومنها:

دراسة رونالد لادولک وروبرت هکفیت Ronald La Due Lake and Robert Huckfeldt (1998) التی أکدت على أن رأس المال الاجتماعی والشبکات الاجتماعیة تتیح مزیداً من الحوار والمناقشات السیاسیة بین أفرادها بما یعزز ویسهل من عملیة المشارکة السیاسیة، کما أن رأس المال البشری من تعلیم، وحالة مهنیة، ومکانة اجتماعیة، ومستوى ثقافی یتیح مزیداً من العلاقات الاجتماعیة، وهذا له أثره على المشارکات السیاسیة (Ronald La Due،  1998: 567-584).

بینما کشفت دراسة جان تیوریل Jan Teorell (2000) على وجود علاقة قویة بین أشکال رأس المال الاجتماعی -رأس المال الرسمی (عضویة المنظمات التطوعیة والأحزاب السیاسیة)، ورأس المال غیر الرسمی (أواصر التواصل الاجتماعی مع الأصدقاء والعائلة والجیران)- والمشارکة السیاسیة، کما تبین تأثیر أشکال الشبکات الاجتماعیة الرسمیة وغیر الرسمیة على التعبئة السیاسیة (Jan Teorell،  2000).

أما دراسة ماتت هین وآخرین Matt Henn،  et al. (2007) فأشارت إلى أن رأس المال الاجتماعی لا یقل أهمیة عن الفروق الاجتماعیة والاقتصادیة فی التأثیر على الآراء والتوجهات السیاسیة؛ فالأفراد الذین یفتقرون إلى رأس المال الاجتماعی تقل مستویات المشارکة السیاسیة لدیهم، کما أن الشباب أکثر عرضة للاستبعاد الاجتماعی لأنهم أقل من الکبار فی مستویات رأس المال، حیث إنهم أقل ثقة واندماجاً من کبار السن فی الشبکات الاجتماعیة الرسمیة وغیر الرسمیة ، وللتعلیم أیضاً تأثیره على مستقبل الشباب فی العمل السیاسی؛ فالذین یمتلکون مؤهلات تعلیمیة أعلى أقل شعوراً بالاستبعاد عن المشهد السیاسی وأکثر مشارکة فی السیاسیة (Matt Henn،  2007: 467-479).

ودراسة ویوز زانج وستیلا اس اتشیا Weiwu Zhang and Stella C. Chia (2006) حول "أثر ستخدام وسائل الإعلام الجماهیریة على رأس المال الاجتماعی والمشارکة السیاسیة والاجتماعیة" حیث أوضحت الدراسة أن الوقت الذی یقضیه الفرد فی قراءة الصحف ، ومشاهدة الشئون العامة فی التلیفزیون والانترنت قد ارتبط إیجاباً مع المشارکة السیاسیة والمدنیة (Weiwu Zhang،  2006: 277-297).

وأشارت دراسة امی کیومینج لیو و تیری بیسیر Amy Qiaoming Liu and Terry Besser (2003) لـ "رأس المال الاجتماعی والمشارکة الشعبیة" فأوضحت أن عملیة الاحساس بالانتماء للمجتمع ترتبط بالمشارکة فی تحسین أوضاعه، کذلک تبین أن إقامة العلاقات الاجتماعیة "الرسمیة وغیر الرسمیة" من أهم العوامل المؤثرة فی المشارکة الاجتماعیة (Amy Qiaoming، 2003: 343-365).

کما أشارت دراسة هند محمد (2004) لمدى تأثیر العلاقات القرابیة فی أنماط المشارکة السیاسیة. وتوصلت الدراسة إلى أن هناک تأثیراً جوهریاً للعلاقات القرابیة فی أنماط وطبیعة المشارکة السیاسیة ؛ فالعلاقات القرابیة لها دور فی اختیار المبحوثین وترشیحهم للعمل السیاسی، کما تلعب دورا مساعداً فی نشاط المبحوثین وأدائهم فی التنظیمات السیاسیة، ومساندة المرشحین لوصولهم للبرلمان(هند محمد، 2004).

وأکدت دراسة فیفین لوندیس Vivien Lowndes (2004) حول "المرأة ورأس المال الاجتماعی والمشارکة السیاسیة" والتی هدفت إلى التعرف على الاختلاف فی أنماط المشارکة السیاسیة بین النساء والرجال، حیث حاولت أن تکشف عن کمیة رأس المال الاجتماعی الذی تحصل علیه المرأة هل یساوی للرجل ومدى قدرتها على استثمار رأس المال الاجتماعی فی النشاط السیاسی ؟ وتبین أن النساء لدیهن الکثیر من رأس المال الاجتماعی مثل الرجل إلا أنه مختلف عنه قلیلاً فی النوعیة کما أنهن أقل استثماراً لرأس المال الاجتماعی فی النشاط السیاسی (Vivien Lowndes،  2004: 45-64).

أما دراسة کینشی اکیدا وسیین أی ریتشی Ken'ichi Ikeda and Sean E. Richey (2005) فأوضحت أن زیادة رأس المال الشبکی (العلاقات الاجتماعیة الهرمیة والأفقیة) یؤدی إلى زیادة معدل المشارکة السیاسیة (Ken'ichi Ikeda،  2005: 239-260). وأشارت دراسة هایز ار آلین والکساندیر ام کوجل Hays R. Allen And Alexandra M. Kogl (2007) إلى دور الشبکات الاجتماعیة داخل الحی والجیرة فی تعزیز وتحفیز العملیة السیاسیة داخل إحدى المناطق الحضریة الفقیرة، وأثبتت أن الشبکات الاجتماعیة غیر الرسمیة والموجودة داخل الأحیاء أفرادها یشارکون فی النظم السیاسیة والمحلیة من خلال التصویت وغیره من أشکال المشارکة. (Hays R. Allen،  2007: 181-205). بینما بحث إم ریزا ناهی M. Reza Nakhaie  (2008) رأس المال الاجتماعی والمشارکة السیاسیة فی کندا، حیث تبین من نتائج الدراسة أن الذین ولدوا فی کندا لا یختلفون عن المهاجرین الأوائل فی مستوى المشارکة السیاسیة لأنهم یمتلکون نفس المستوى من رأس المال الاجتماعی الذی یساعدهم على التعبئة السیاسیة، وهم الأکثر نشاطاً سیاسیاً من المهاجرین الجدد حیث أنهم أکثر مشارکة فی الجمعیات الرسمیة والتطوعیة، کذلک تتوفر لدیهم علاقات اجتماعیة طیبة بینهم وبین الجیران والعائلات والأصدقاء، کما تساعد على بناء التسامح والتقارب فی وجهات النظر وإرساء الدیمقراطیة والتی توفر الوصول إلى المعلومات والموارد التی تحفز الاهتمام السیاسی إلى جانب الثقة الاجتماعیة (M. Reza Nakhaie، 2008: 835-860). کما أشارت دراسة محمد أحمد على العدوی (2009)  إلى العلاقة بین الفقر والمشارکة السیاسیة فی المناطق العشوائیة، وأکدت على أن رضا المواطنین وبالتالی شرعیة النخب والسیاسات لا یتحقق دونما مشارکة المواطنین فی الحیاة السیاسیة النزیهة،  ودونما تهمیش أو إساءة استخدام لبعض الفئات فی المجتمع ؛ ومنهم سکان العشوائیات سواء من قوى خارجیة أو داخلیة (محمد احمد على، 2009: 79-124).

وکذلک دراسة بیونج جوون کایم Byoung Joon Kim (2009) التی کشفت عن أن شبکة الانترنت تساعد کثیراً فی أغراض مدنیة وسیاسیة، کما أن مستخدمی الانترنت أکثر انخراطاً فی القضایا السیاسیة والمحلیة التی تهمهم، وأنهم أکثر اتصالاً وارتباطاً بمجموعات متنوعة من الناس (Byoung Joon Kim،  2009). کذلک أوضحت دراسة مارکو إم سکورک وآخرون MarkoM. Skoric، et al. (2009) حول "رأس المال الاجتماعی الافتراضی والمشارکة السیاسیة فی سنغافورة" أن مستخدمی الانترنت من أعلى الخلفیات الاجتماعیة والاقتصادیة بما یوفر لدیهم القدرة على إقامة شبکات اجتماعیة عبر الانترنت،  ویسهل لهم التواصل الاجتماعی، خصوصاً مع تنوع مواقع التواصل الاجتماعی والتی تجعل مستخدمی الانترنت یبحثون على المواقع الموثوق بها،  والتی تحقق لهم مشارکة فعالة أکثر من غیرهم، کما أن استخدام الانترنت یساعد على التعرف على الآخرین دون الانتقال إلیهم، کما تلعب العلاقات الاجتماعیة عبر الإنترنت دوراً فی المشارکة السیاسیة من خلال التأکید على العلاقات الاجتماعیة (Marko M. Skoric،  2009: 414-433).

أما دراسة بیتر ورافی Pieter and Ravi  (2009) فقد أکدت أنه لا یوجد أی تأثیر للأصل العرقی أو الدینی على المشارکة فی الانتخابات،  مقابل تأثر المستوى التعلیمی،  والسن،  والحالة الاجتماعیة،  والحالة المهنیة،  والمشارکة الشعبیة،  والثقة والانتماء (Pieter Bevelander،  2009: 1406-1430). وأشارت دراسة أحمد إبراهیم (2011) إلى أن ضعف دور الأحزاب السیاسیة ومؤسسات المجتمع المدنی فی التوعیة السیاسیة من أهم العوامل الاجتماعیة المؤدیة إلى إحجام الشباب الجامعی عن المشارکة السیاسیة (احمد ابراهیم، 2011: 150-177). ودرس کلٍ من ألبرتو آلسینا وبولا جیولیون  Alberto Alesina،  and Paola Giuliano  (2011) "العلاقات العائلیة والمشارکة السیاسیة" حیث تبین أن هناک علاقة عکسیة بین قوة الروابط العائلیة والمشارکة السیاسیة، فالأفراد الذین ینتمون لعائلات وأسر قویة الروابط  (کالریفیة) أقل مشارکة فی السیاسة مقارنة بالأشخاص الذین ینتمون لأسر تعانی من ضعف الروابط والعلاقات الاجتماعیة والعائلیة (کالحضریة)، وأن الأسر ذات الدخول المرتفعة أکثر اهتماماً بالأمور السیاسیة من غیرهم (Alberto Alesina،  2011: 817-839). وأشارت دراسة محمد منیف (2012) أن هناک دوراً قویاً وفعالاً لکبار القبیلة فی العملیة الانتخابیة (محمد منیف، 2012، 997-1059). کما اهتمت دراسة محمود احمد (2012) بالتعرف على مدى مساهمة الاتصال الشخصی فی المشارکة السیاسیة بالقریة المصریة، وأوضحت النتائج أن أکثر الموضوعات السیاسیة التی یتم مناقشتها بین الناس فی القریة هی انتخابات مجلس الشعب، وأقل الموضوعات السیاسیة التی یتم مناقشتها أنشطة الأحزاب، ومن السمات التی تجعل الکلمة مسموعة فی القریة:التدین،  والعیلة الکبیرة،  والاتصالات الواسعة مع المسئولین،  والمال،  والتعلیم العالی،  وکثرة الأملاک،  والوظیفة العالیة،  والرأی الصحیح (محمود احمد، 2012: 1-30). وکذلک درس محمد أنور (2012) دور الشبکات الاجتماعیة فی رفع مستوى الوعی السیاسی للشباب وتکوین الحشود الافتراضیة وتحویلها إلى حشود واقعیة، وأوضحت النتائج أن الشباب هم أکثر الفئات العمریة استخداماً للشبکات الاجتماعیة، وأن مواقع التواصل الاجتماعی لها دور کبیر فی زیادة الوعی السیاسی من خلال زیادة المعلومات والمعارف السیاسیة، وإتاحة الفرصة أمام الشباب لمناقشات القضایا السیاسیة والثقافیة (محمد أنور، 2012: 501-551). بینما هدفت دراسة یاسر عبدالفتاح (2012) للتعرف على الآثار الإیجابیة لمواقع التواصل الاجتماعی فی تنشیط مشارکة الشباب فی الانتخابات البرلمانیة، وأوضحت أنها قادرة على تنشیط المشارکة السیاسیة للشباب من خلال تنشیط ثقافة الحوار وحریة التعبیر عن الرأی والتقلیل من الاغتراب السیاسی (یاسر عبدالفتاح، 2012: 4505-4708).

أما دراسة کلین تینی ولوری هانکینت Celine Teney and Laurie Hanquinet التی تحمل عنوان "مشارکة سیاسیة عالیة ورأس مال اجتماعی مرتفع – تحلیل العلاقة بین رأس المال الاجتماعی والمشارکة السیاسیة للشباب"، وطبقت على 3121 شاب، فتوصلت إلى أن الکثیر من الشباب النشطاء والمشارکین فی السیاسة کانوا من الأعضاء الفاعلین فی الأعمال التطوعیة، ووجدت أیضا أن هناک فئة من الشباب لدیهم رأس مال اجتماعی ضعیف وهم متورطون فی أنشطة سیاسیة أکثر انتقاءً مثل المشارکة فی المظاهرات ومقاطعة المنتجات وتوزیع الملصقات الخاصة بالأحزاب بالإضافة إلى اهتمامهم بالأخبار السیاسیة فی وسائل الإعلام دون محاولة مناقشة هذه الأخبار أو الأحداث مع الأصدقاء (Celine Teney،  2012: 1213-1226). بینما درس هومیر جیل دی زویجا وآخرون Homero Gil de Zuniga،  et al.العلاقة بین استخدام وسائل التواصل الاجتماعی وحصیلة الفرد من رأس المال الاجتماعی والمشارکة السیاسیة، وأوضح أن هناک زیادة فی حجم استخدام وسائل التواصل الاجتماعی فی تبنی وجهات النظر السیاسیة،  وزیادة المناقشات السیاسیة،  والبحث عن المعلومات السیاسیة عبر مواقع التواصل الاجتماعی، وهی مؤثر إیجابی على المشارکة السیاسیة،  فزیادة تبادل المعلومات بین المشارکین فی مواقع التواصل یساعد على بناء الثقة بینهم، وخلق فرص للمشارکة السیاسیة (Homero Gil de Zuniga، 2012: 319-336). وحاولت دراسة سهام على (2013) الإجابة على تساؤل: لماذا تعزف المرأة الکویتیة العاملة عن المشارکة السیاسیة؟ فجاء من بین هذه الأسباب افتقاد الثقة فی المنتخبین وقلة الدعم المقدم للمرأة من قبل الأحزاب السیاسیة ومؤسسات المجتمع المدنی (سهام على، 2013: 11-65).

بینما درس توماس نانیسینی وآخرین Tommaso Nannicini ، et al. رأس المال الاجتماعی والمساءلة السیاسیة، وتبین أن الأفراد الذین یتقاسمون قیم التعاون والثقة وتقدیم المصلحة العامة على الخاصة أکثر مشارکة فی الأمور السیاسیة (Tommaso Nannicini،  2013:222-250).

وکشفت دراسة أمل محمد (2014) عن انخفاض نسبة مشارکة الإناث والذکور فی الانتخابات النیابیة، لأسباب متعلقة بعدم ثقتهم بنزاهة الانتخابات (أمل محمد، 2014: 104-123). وأوضحت دراسة مارکو جیوجنی وآخرون Marco Giugni،  et al. (2014) دور المشارکة فی الجمعیات الأهلیة والمؤسسات المدنیة فی المشارکة السیاسیة (Marco Giugni،  2014: 1593-1613).

موقع الدراسة الراهنة على خریطة الدراسات السابقة:

یتحدد موقع الدراسة الراهنة بالنظر إلى مجموعة القضایا التی طرحتها الدراسات السابقة فی تناولها لقضایا رأس المال الاجتماعی والمشارکة السیاسیة، والملاحظة العامة على الدراسات السابقة، أنها تناولت رأس المال الاجتماعی أو أحد أبعاده فی علاقته بالمشارکة والاهتمامات والوعی السیاسی، دون محاولة اختبار تلک العلاقة امبریقیاً فی المناطق العشوائیة، خاصة الدراسات العربیة، وهو ما حاولت الدراسة الراهنة تحقیقه، من هنا فإن موقع الدراسة الراهنة على خرطة الدراسات السابقة یتضح فی هدفها الرئیس المتمثل فی اکتشاف أثر رأس المال الاجتماعی على المشارکة السیاسیة فی المناطق العشوائیة.

سابعاً- الإجراءات المنهجیة للدراسة:

أ‌-    منهج الدراسة: فی ضوء مجموعة الأهداف التی سعت الدراسة إلى تحقیقها، فإن الطابع الوصفی هو الغالب علیها، ومن ثم فقد اعتمد الباحث منهج المسح الاجتماعی بالعینة بوصفه أحد أهم المناهج المستخدمة فی الدراسات الوصفیة.

ب- مجالات الدراسة:

1- المجال الجغرافی: طبقت الدراسة المیدانیة بمدینة أسیوط، فنظراً لأن الدراسة استهدفت التعرف على دور رأس المال الاجتماعی فی المشارکة السیاسیة بالمناطق العشوائیة؛ لذا فإن الدراسة الراهنة تمت بإحدى المناطق العشوائیة بمدینة أسیوط وهی منطقة غرب البلد، التی وقع اختیار الباحث علیها، حیث إنها تتمیز بضیق شوارعها، وتلاحم المساکن، وقدم المبانی، ورداءة تصمیماتها الهندسیة، والاکتظاظ الرهیب بالسکان، واجتذاب الکثیر من المهاجرین من الریف، حیث إنها تضم جموعاً کبیرة من السکان من مختلف الأصول الحضریة والریفیة والبدویة.

2- المجال البشری: نظراً لأن الدراسة الراهنة لم تسع إلى استهداف فئة معینة من سکان منطقة غرب البلد بمحافظة أسیوط، لذا مثَّل المواطن المقیم بمنطقة غرب البلد المجال البشری للدراسة الراهنة، حیث اختار الباحث عینة عشوائیة بلغت 312 مواطناً من مختلف الفئات الاجتماعیة والعمریة والطبقیة المقیمة بمنطقة غرب البلد.

3- المجال الزمنی: طبقت الدراسة المیدانیة فی الفترة من أول مارس 2016 حتى نهایة یونیه 2016.

 

 

ج- أدوات جمع البیانات:

قام الباحث بتصمیم استمارة استبیان حول دور رأس المال الاجتماعی فی المشارکة السیاسیة بالمناطق العشوائیة، لجمع البیانات من مجتمع الدراسة، وقد مرت عملیة صیاغة الاستبیان بمجموعة من الخطوات، حیث قام الباحث بصیاغة الاستمارة وتجهیزها فی صورتها المبدئیة، ثم تم عرضها على مجموعة من أساتذة علم الاجتماع بالجامعات المصریة، لتظهر فی صورتها النهائیة - بعد إجراء التعدیلات والمقترحات التی اقترحها السادة الأساتذة - مکونة من 44 سؤالاً مقسمة إلى خمسة محاور هی (البیانات الأولیة – واقع المشارکة السیاسیة فی المناطق العشوائیة – العلاقات الاجتماعیة والمشارکة السیاسیة – الأحزاب السیاسیة ومؤسسات المجتمع المدنی– الثقة الاجتماعیة والمشارکة السیاسیة).

د- عینة الدراسة:

جاءت عینة الدراسة من النوع الغرضی، وقد بلغ عدد مفرداتها 312 مفردة، وقد قام الباحث بسحب مفردات العینة بطریقة "عینة الصدفة" من مجتمع الدراسة "منطقة غرب البلد بمدینة أسیوط"، مثل: المنازل، والمحال التجاریة، وعیادات الأطباء، والمجمعات الخدمیة،... الخ. واستعان الباحث ببعض الباحثین القاطنین بمنطقة غرب البلد فی تطبیقه للدراسة المیدانیة، نظراً لمعرفتهم بالمجتمع، مما یسر تطبیق أداة الدراسة، وقد جاءت خصائصهم طبقاً للبیانات الأولیة التی تم جمعها من العینة على النحو التالی:

أ- بالنسبة للنوع: تبین أن الغالبیة من أفراد العینة من الذکور حیث بلغت نسبتهم 64.1% فی حین بلغت نسبة الإناث 34.9%.

ب- بالنسبة للسن: تبین من الدراسة المیدانیة أن 36.5% من العینة ینتمون للفئة العمریة (30 < 40 سنة)، وهذه الفئة تمثل الناضجین فکریاً وهی الأکثر وعیاً وحیویة ونشاطاً من بین الفئات العمریة الأخرى فی المجتمع. بینما تساوت نسبة الفئة العمریة 25 < 30 سنة والفئة العمریة 40 < 50 سنة، حیث بلغت فی کل منهما 21.8%. تلیها الفئة العمریة 50 سنة فأکثر بنسبة 11.2%. وأخیراً الفئة العمریة لصغار السن أقل من 20 سنة حیث بلغت نسبتهم داخل العینة 8.7%.

ج- بالنسبة لمحل المیلاد: تشیر نتائج الدراسة المیدانیة إلى أن نسبة 77.2% من جملة العینة کان محل میلادهم الحضر، بینما هناک نسبة لا یستهان بها بلغت 22.8 من جملة العینة تقطن فی حضر منطقة الدراسة إلا أنهم من أصول ریفیة، انتقلوا إلى مجتمع الدراسة عن طریق الهجرة من الریف إلى الحضر، وذلک نتیجة لعوامل جذب عدیدة وفرتها المدینة عن القریة، مثل: توفر فرص العمل، والهروب من العادات، والتقالید الموجودة فی الریف، والترقی فی العمل،... الخ. وهؤلاء أتوا إلى المدینة ویحملون معهم ثقافتهم الریفیة التی ربما تلاحظها فی کثیر من سلوکیاتهم ومواقفهم بل وداخل منازلهم، ولهذه الثقافة التی تربوا فیها تأثیرها على سلوکهم ومشارکتهم السیاسیة.

د- الحالة الاجتماعیة: جاءت الغالبیة العظمى من أفراد العینة من المتزوجین حیث بلغت نسبتهم 72.5%، یلی ذلک غیر المتزوجین (العزاب) 20.5%، فی حین نجد أن هناک نسبة 3.8% من المطلقین داخل عینة الدراسة، وهذا یظهر أن هذه المشکلة الاجتماعیة التی تنهی حیاة الأسرة وتؤثر على الأبناء أصبحت من المشکلات الظاهرة للعیان، کما شملت العینة على 3.8% من الأرامل.

ه- بالنسبة للحالة المهنیة: تبین أن الغالبیة من عینة الدراسة لا یعملون حیث بلغت نسبتهم 33.7% من جملة العینة وهؤلاء یشملون الملتحقین بالدراسة والذین وصلوا إلى سن المعاش وربات البیوت، کما یشمل الشباب العاطلین القادرین على العمل والراغبین فیه، والذین غالباً ما یکونوا من بین الخریجین الجدد من المدارس والجامعات (الملتحقین الجدد بسوق العمل) وذلک نتیجة لانتشار البطالة بکافة صورها فی المجتمع المصری بصفة عامة ومنطقة الدراسة على وجه الخصوص بینما بلغ عدد الملتحقین بوظائف فی القطاع العام أو الحکومی 30.4% من جملة عینة الدراسة، وهذا مؤشر قوی على أن هناک حرصاً شدیداً ونظرة إیجابیة من جانب أبناء منطقة الدراسة للالتحاق بالوظائف الحکومیة (تقدیر العمل الحکومی وإعطائه الأولویة عن العمل الخاص أو الحر)، وذلک بعکس القطاع الخاص الذی لم ینتمِ إلیه إلا 9.6% من جملة العینة، ویمکن أن نعید قراءة هذه النسبة فی ضوء ضعف توفر المشروعات الخاصة فی مدینة أسیوط، وإن کان أغلبها أعمال حرة أو أعمال بدون تراخیص رسمیة (العمل فی عیادة خاصة أو محل تجاری أو ورشة صیانة أو مع أحد المقاولین... وذلک بدون الحصول ممیزات تأمینیة أو عقد یحمی العامل) بینما بلغ عدد من یمارسون أعمال حرة 26.3% من جملة العینة، وهذه النسبة لا یستهان بها وتعطی مؤشراً بأن مجتمع الدراسة مجتمع تقلیدی وتسوده العشوائیة فی ممارسة بعض المهن، وخاصة المهن الحرفیة وخاصة من جانب الأطفال نتیجة لانتشار الفقر فی منطقة الدراسة.

- بالنسبة للمستوى الاقتصادی: تبین أن 34.6% من جملة عینة الدراسة لم یحددوا مستوى دخلهم الشهری، وذلک لعدم وجود دخل شهری نظراً لبطالتهم عن العمل، أو لخوفهم من الحسد إذا کان هذا الدخل مرتفعاً، أو لعدم تقدیرهم لمقدار هذا الدخل حیث قال أحدهم "ربنا بیسترها کل شهر". بینما جاءت فئة الدخل 1000 لأقل من 2000 جنیه من بین أعلى نسب الدخول فی العینة بنسبة 34.6%، وذلک یوضح مستوى تدنی الأجور إذا ما قورنت هذه الدخول بارتفاع الأسعار وزیادة مستلزمات الأبناء والأسر، بینما کانت هناک نسبة لا یستهان بها داخل العینة (فئة الدخل المحدود) أقل من 1000 جنیه ونسبتهم 14.1% من جملة العینة، یلیها فئة الدخول المرتفعة من 2000 لأقل من 2500 جنیه بنسبة 7.1% ویأتی بعد ذلک الفئة 2500 لأقل من 3000 جنیه بنسبة 5.8%، وفی المرتبة الأخیرة أصحاب الدخول المرتفعة جداً فئة 3000 جنیه فأکثر حیث بلغت نسبتهم 3.8%، وهؤلاء ربما یکونوا من أصحاب الوظائف القیادیة ، أو أصحاب الأعمال الحرة التی تتمیز بارتفاع أجور العاملین بها.

ثامناً- مناقشة نتائج الدراسة على خریطة تساؤلاتها:

یحاول الباحث فیما یلی أن یناقش ویفسر النتائج التی تم الوصول إلیها من البیانات التی تم جمعها من مجتمع الدراسة، وقد قسم هذه المناقشة إلى مجموعة من المحاور تبعاً لتساؤلات الدراسة کما یلی:

 

 

(1) التساؤل الأول: ما واقع ومستوى المشارکة السیاسیة فی المناطق العشوائیة؟

طرحت الدراسة فی هدفها الأول قضیة واقع ومستوى المشارکة السیاسیة فی المناطق العشوائیة، حیث تعد المشارکة السیاسیة من أهم الأسس الفاعلة التی تقوم علیها الدیمقراطیات الحدیثة، وقد أفصحت الدراسة المیدانیة عن تباین استجابات أفراد العینة
حول مشارکتهم فی الحیاة السیاسیة العامة، وهذا ما یتم تناوله فی العناصر الآتیة:

أ- بالنسبة لأهم أنماط المشارکة السیاسیة فی منطقة الدراسة:

تباینت استجابات أفراد العینة حول أنماط مشارکاتهم فی الحیاة السیاسیة وقد جاءت استجاباتهم کما هو موضح بالجدول التالی:

جدول رقم (1) یوضح أهم أنماط المشارکة السیاسیة لدى عینة الدراسة

م

المتغیرات

العدد

النسبة

أ

لا أشارک فی السیاسة

149

47.8

ب

عضویة الأحزاب السیاسیة

16

5.1

ج

الترشح فی الانتخابات

4

1.3

د

التصویت فی الانتخابات

123

39.4

ه

المشارکة فی الندوات السیاسیة

20

6.4

المجموع

312

100

یتضح من بیانات الجدول السابق رقم (1) وجود سلبیة لدى ما یقارب نصف عینة الدراسة حیث بلغت 47.8% من جملة عینة الدراسة، ولعل ذلک مرتبط بثقافة المناطق العشوائیة من حیث اللامبالاة، والتکاسل فی ظل غیاب الاهتمام من جانب الدولة بتحسین ظروف هذه المناطق العشوائیة، مع ضعف دور حملات التوعیة والتثقیف، نستنتج من ذلک أن هناک انتشاراً لثقافة اللامبالاة السیاسیة وعدم المشارکة، کرستها ظروف هذه المناطق الاجتماعیة والاقتصادیة. فی حین وجدت الدراسة لدى بعض المبحوثین إیجابیة سیاسیة، حیث إن التصویت فی الانتخابات جاء فی مقدمة أنماط المشارکة السیاسیة للمواطنین فی منطقة الدراسة حیث بلغت نسبتهم  39.4%من جملة عینة الدراسة، بینما ضعفت نسبة المشارکة فی الندوات السیاسیة والمؤتمرات، حیث بلغت نسبتهم 6.4%، ثم المشارکة فی عضویة الأحزاب السیاسیة بنسبة 5.1% وأخیراً الترشح فی الانتخابات بنسبة 1.4%، وهذه النتیجة توضح أن نمط التصویت فی الانتخابات جاء کأهم صور لمشارکة أبناء منطقة الدراسة فی الأمور السیاسیة ، وهکذا یمکن القول بأن الظروف والأوضاع الاقتصادیة تمارس دوراً لا یمکن إغفاله فی تحدید المشارکة السیاسیة.

ب‌- بالنسبة لمدى المشارکة فی التصویت على الانتخابات فی منطقة الدراسة:جدول رقم (2) یوضح مدى مشارکة العینة فی التصویت على الانتخابات

المتغیرات

العدد

النسبة

 

المتغیرات

العدد

النسبة

مدى المشارکة
 فی لتصویت

أ

شارک

143

45.8

أسباب عدم المشارکة فی التصویت

أ

عدم الشفافیة فی الانتخابات

33

19.5

ب

لم یشارک

169

54.2

ب

اللی بننتخبه مبیعملش حاجه

17

10.1

المجموع

312

100

ج

صوتی ملهوش قیمة

34

20.1

دوافع المشارکة فی التصویت

أ

لأن المرشح معرفتی

28

19.6

د

لأننی مشغول

25

14.8

ب

بأید حزب معین

8

5.6

ه

الحکومة بتختار اللی عیزاه

13

7.7

ج

التصویت واجب وطنی

40

28

و

الأسرة رفضت أنی أروح

11

6.5

د

التصویت حق لکل مواطن

23

16.1

ز

لا أرید أن أغضب أحد

2

1.2

ه

لتجنب الغرامة

9

6.3

ح

ظروف شخصیة

8

4.7

و

لأنی أثق فی المرشح

1

0.7

ط

علشان صغیر والانتخابات للکبار

1

0.6

ز

لاختیار الأنسب والأصلح

12

8.4

ک

محدش من الستات بیروح ینتخب

1

0.6

ح

زیی زی غیری

20

14

ل

بریح باللی من زحمة الانتخابات

20

11.8

ط

علشان أشارک

2

1.4

م

مبعرفش حد من المرشحین

4

2.4

المجموع

143

100

المجموع

169

100

من خلال استقراء بیانات الجدول السابق رقم (2) تبین أن 45، 8% من جملة العینة أجابوا بأنهم شارکوا فی التصویت على انتخابات مجلس الشعب وهذه نسبة لا یستهان بها، فی ضوء ما أشار إلیه الباحث سابقا بان حال المجتمع العشوائی یسوده اللامبالاه السیاسیة، وتعد نسبة المشارکة بالتصویت فی الانتخابات کما أوضحها الجدول السابق معقولة فی ضوء الواقع الاجتماعی والاقتصادی الذی یعیشونه، والتنشئة الاجتماعیة والسیاسیة التی عاشوها والخبرات التی مروا بها، وکذلک بمقارنتها بالواقع المصری بوجه عام ولدى الشباب بوجه خاص، ولا یقلل من ذلک سوى ملاحظة تتعلق بإساءة استخدام هؤلاء الأفراد فی الانتخابات سواء من خلال مشارکتهم لتأیید مرشح ما کنوع من الحمایة له أو البلطجة أو لصالح مرشح ما مقابل تحقیق عائد معین، کما أن ظاهرة شراء أصوات الفقراء نجدها واضحة فی منطقة البحث.

والملاحظ أیضاً أن النسبة الأقل وهی التی تشارک فی التصویت فی الانتخابات یؤکدون على أن من  أهم أسباب مشارکتهم تکمن فی وعیهم بأن المشارکة فی التصویت واجب وطنی وکونهم على معرفة بالمرشحین مما یصرون للذهاب مجاملة أو عن قناعة، بالإضافة إلی أن التصویت حق یکفله الدستور ومن الوطنیة الذهاب والمشارکة واختیار ما نراه مناسبا، وهذا فی جملته یعود إلی ارتفاع المستوى التعلیمی الذی یلعب دور فی المعرفة والإدراک بأهمیة المشارکة السیاسیة.

أما بالنسبة للمبحوثین الذین لدیهم سلبیة فی المشارکة فی التصویت فقد أرجعوا سلبیتهم هذه إلی غیاب اهتمام الدولة والمرشحین بهم وبمناطقهم فی ظل عدم الشفافیة فی الانتخابات، مما دفع بهم إلی اللامبالاة المعتاد علیها فی مثل هذه المناطق العشوائیة، وفی ظل تدنی المستوى التعلیمی والثقافی،  الذی یساعد على استمرار مثل هذه القیم السلبیة حتى تجاه تغیر أوضاعهم، حیث جاءت نسب استجابات أفراد العینة کما یلی: فقد أشار المبحوثون إلى ارتفاع نسبة العوامل الخاصة بانخفاض درجات الوعی لدیهم مثل عدم المعرفة فی السیاسة، أو کیفیة المشارکة فی الانتخابات حیث یزید إجمالی هذه الأسباب عن (82%) من مجموع الأسباب،  کما ظهرت أهمیة أسباب أخرى تتعلق بالمرشحین أنفسهم سواء لعدم بذل جهد للتعریف بأنفسهم للمواطنین، أو لأنهم لا یستحقون انتخابهم، وکذلک أسباب شخصیة تتعلق بعدم التفرغ أو المرض، علاوة على السبب الخاص بعدم نزاهة الانتخابات أو عدم الشعور بأهمیة الصوت. فبعض المبحوثین من الشباب أثناء المقابلات المیدانیة أوضحوا مقولة مفادها "أن من ترید له الحکومة النجاح سوف ینجح"، نظراً لأفکار خاطئة حول عدم نزاهة الانتخابات أو التزویر فیها أو منع الإدلاء بالأصوات دونما محاولة تغییر هذه الأفکار التی تدفع إلى السلبیة السیاسیة من خلال ما طرأ من تعدیلات على العملیة الانتخابیة حیث قامت الحکومة بتطبیق الإشراف القضائی على الانتخابات، وکذلک تیسیر إجراءات الانتخاب وتنقیة الجداول إلى حد بعید.

وتتفق هذه النتیجة مع نتائج دراسة أمل محمد التی أشارت إلى انخفاض نسبة مشارکة نسبة الذکور والإناث فی الانتخابات لعدم ثقتهم فی نزاهتها (أمل محمد، 2014: 104-123). وکذلک دراسة عمران علی حول أزمة المشارکة السیاسیة للمرأة العاملة فأشارت إلى تدنی مستوى المشارکة السیاسیة للمرأة العاملة وخاصة المرأة ذات الأصول الریفیة وبعض المناطق المهمشة (عمران علی، 2014: 151-188). کما أکدت دراسة صفاء نعمة أن التصویت فی الانتخابات أکثر صور مشارکة السیاسیة المنتشرة بین الشباب (صفاء نعمة 2013: 782-797). وکذلک دراسة عمار أحمد والتی أکدت انخفاض معدل المشارکة السیاسیة للشباب نتیجة لضعف الثقافة والوعی السیاسی لدیهم (عمار أحمد، 2011: 75-133). وأیضا مع دراسة رضا سمیح التیأکدت على انخفاض نسبة مشارکة الشباب فی التنظیمات السیاسیة والاجتماعیة، کما أتسمت اتجاهاتهم بالسلبیة نحو المشارکة السیاسیة (رضا سمیح، 2010: 294-387).

 

 

 

 

 

 

ج- بالنسبة للمشارکة السیاسیة للمرأة فی منطقة الدراسة:

جدول رقم (3) موقف عینة الدراسة من المشارکة السیاسیة للمرأة

المتغیرات

العدد

النسبة

الموقف من المشارکة السیاسیة للمرأة

أ

نعم

199

63.8

ب

لا

113

36.2

المجموع

312

100

أسباب عدم الموافقة على
 ضرورة المشارکة السیاسیة للمرأة

أ

وجود مشکلات خاصة تشغلهم

-

-

ب

معندهاش إمکانیات مادیة

-

-

ج

حتى لا تنشغل عن بیتها

32

28.3

د

البنت ملهاش دعوة بالسیاسة

24

21.2

ه

البعد عن السیاسة أفضل

21

18.6

و

السیاسة للرجال فقط

8

7.1

ز

البنت معندهاش وقت

1

0.7

ح

خوفا من الاستهزاء والسخریة

10

9

ط

لا أعرف

17

15

المجموع

113

100

من خلال استقراء بیانات الجدول السابق رقم (3) الذی یوضح موقف عینة الدراسة من أهمیة المشارکة السیاسیة للمرأة، حیث تبین أن نسبة 63.8% من جملة العینة موافقین على مشارکة المرأة فی الانتخابات العملیة السیاسیة عموما، مقابل نسبة 36.2% من جملة العینة غیر موافقین على الرغم من أن ارتفاع هذه النسبة بالموافقة والتی تعتبر إیجابیة فی إعطاء المرأة الحریة فی ممارسة العمل السیاسی، إلا أن نسبة ما فوق النصف فی الجدول رقم (2) لدیها سلبیة فی المشارکة وهی حاولت أن تعطی إیجابیة فی هذا المتغیر،  والجدیر بالذکر أن نسبة 36.2% من جملة العینة غیر الموافقین على أهمیة مشارکة المرأة فی العملیة السیاسیة لعله یعود إلی طبیعة المجتمع الذی یعیشون فیه وأنه من المجتمعات التقلیدیة والعشوائیة ولا توجد للمرأة مکان خارج بیتها.

وتتفق مع هذه النتائج العدید من نتائج الدراسات السابقة التی اهتمت بالمرأة والمشارکة السیاسیة،  ومنها دراسة سحر حسانی أن للموروث الثقافی أثراً فی تأویل النصوص الدینیة،  وعرضها مبتورة،  وتوظیفها من جانب البعض على قصد لیعطی سنداً دینیاً لعدم جواز المشارکة السیاسیة للمرأة (سحر حسانی، 2014: 797-836). أما دراسة عبدالمجید علی فقد أکدت على أثر الثقافة الفرعیة - التی تنشأ فی ظلها المرأة الریفیة - على مشارکتها السیاسیة (عبدالمجید علی، 2012: 11-56) وکذلک دراسة سعاد إبراهیم التی أکدت على تدنی النظرة المجتمعیة للدور السیاسی للمرأة،  ووجودها فی حالة الفراغ السیاسی،  وعدم قدرتها على تعبئة الرأی العام (سعاد إبراهیم، 2010: 71-118) وکذلک دراسة زینب لیث التی أشارت إلى دور الموروث الثقافی،  والأمیة،  والمعتقدات الدینیة الخاطئة،  وعدم ثقة المرأة بنفسها کمعوقات لمشارکتها السیاسیة (زینب لیث، 2009: 347-372). وسحر فتحی التی أشارت إلى ضعف المشارکة السیاسیة للمرأة نتیجة ضعف التنشئة السیاسیة لها وتدنی مکانتها (سحر فتحی، 2007: 435-505).

ولم یحظى موضوع الربط بین موضوع رأس المال الاجتماعی والمشارکة السیاسیة للمرأة إلا فی دراسة فیفین لوندیس vivien Lowndesالتی أکدت أن کمیة رأس المال الاجتماعی لا تستثمرها فی النشاط السیاسی (Vivien Lowndes،  2004:45-64).

 

 

 

 

د- بالنسبة لمدى متابعة الأخبار السیاسیة فی منطقة الدراسة:

جدول رقم (4) موقف عینة الدراسة من متابعة الأخبار السیاسیة

المتغیرات

العدد

النسبة

متابعة الأخبار والأحداث السیاسیة

أ

یتابع

220

70.5

ب

لا یتابع

92

29.5

المجموع

312

100

أهم وسائل الإعلام المستخدمة فی متابعة الأخبار والأحداث السیاسیة

أ

التلیفزیون

47

21.4

ب

القنوات الفضائیة

120

54.5

ج

الرادیو

1

0.5

د

الصحف والمجلات المقروءة

16

7.3

ه

الانترنت

36

16.4

المجموع

220

100

أهم الأخبار والأحداث السیاسیة التی یتابعونها

أ

الأخبار والأحداث المصریة

114

52

ب

الأخبار والأحداث العربیة

75

34

ج

الأخبار والأحداث العالمیة

31

14

المجموع

220

100

من خلال استقراء بیانات الجدول السابق رقم (4) الذی یوضح مدى متابعة الأخبار والأحداث السیاسیة، حیث تبین أن هناک 70.5% من جملة العینة یتابعون الأخبار والأحداث السیاسیة،  وقد جاءت القنوات الفضائیة فی مقدمة وسائل الإعلام التی یتابعونها فی الحصول على الأخبار السیاسیة وذلک بنسبة 54.5% من جملة متغیرات الإجابات یلی ذلک التلیفزیون 21.4% ثم الانترنت 16.4% من جملة العینة، ولعل الانترنت أصبح الیوم یمثل أهم مصادر المعلومات وخاصة بین الشباب فی المجتمع المصری المعاصر، ولعل ثورة 25 ینایر هی أحد نماذج تأثیر الانترنت على المعلومات السیاسیة لدى المصریین وخاصة فی حالة شکَّهم فی صدق المعلومات، والأخبار التی تبثها القنوات الحکومیة، أو القنوات ذات الأهداف والمصالح الخاصة،  کما یتضح من بیانات الجدول أیضاً أن متابعة الأخبار السیاسیة المحلیة جاءت کأهم الأخبار التی یتابعونها باستمرار وذلک بنسبة 52%، یلی ذلک الأخبار العربیة بنسبة 34%، وأخیراً الأخبار العالمیة بنسبة 14%، وعلیه فإن نسبة الذین یتابعون هذه الأخبار لدیهم معرفة وإدراک بأهمیة الحرص على الاطلاع على مجریات الأحداث السیاسیة، والملاحظ أن من أهم الوسائل المتاحة لمتابعة هذه الأخبار والقنوات الفضائیة المختلفة والانترنت، وأی انتشار واضح للتکنولوجیا فی هذا المجتمع العشوائی، بالرغم من أنه مجتمع مهمش ویسوده الفقر والسلوکیات العشوائیة وموروثات ثقافیة مرتبطة بالعشوائیة.

وأکدت على هذه النتیجة العدید من الدراسات السابقة ومن بینها دراسة (عبدالعزیز على حسن، وعبدالناصر قاسم، وعلیاء الحسین، ویاسر عبدالفتاح) حیث أشاروا إلى دور الانترنت فی المشارکة السیاسیة، واعتماد بعض المواطنین،  وخاصة الشباب على الانترنت کمصدر للحصول على المعلومات والمعارف السیاسیة.

بینما أشار هومیر جیل دی زویجا وآخرون Homero Gil de Zuniga،  et al. إلى أن هناک زیادة فی حجم استخدام وسائل التواصل الاجتماعی،  وخاصة الفیس بوک لتبنی وجهات النظر السیاسیة،  والمشارکة السیاسیة بما یؤثر بالإیجاب على رأس المال الاجتماعی والمشارکة السیاسیة (Homero Gil،  2012:319-336).

 

 

 

 

 

 

 

ه- بالنسبة لدوافع الترشح للانتخابات فی منطقة الدراسة:

       جدول رقم (5) موقف عینة الدراسة من دوافع الترشح فی الانتخابات

م

المتغیرات

العدد

النسبة

أ

اکتساب الحصانة

88

28.2

ب

المحافظة على أمجاد العائلة

76

24.4

ج

اکتساب مزایا مالیة

60

19.2

د

اکتساب مکانة اجتماعیة (المنصب)

40

12.8

هـ

التستر على عمل غیر مشروع

20

6.4

و

لا أعرف

28

9

المجموع

312

100

یتبین من نتائج الجدول السابق رقم (5) الذی یوضح موقف عینة الدراسة من دوافع الترشح فی الانتخابات،  حیث یتبین إجابات المبحوثین أن من أهم دوافع الأفراد فی الترشح هو اکتساب الحصانة التی تجعلهم فوق الجمیع،  مما قد یستغلها بعضهم فی طرق غیر مشروعه، بالإضافة إلی أن هؤلاء المرشحین یعتبرون أن الترشح خاص بعائلات محددة فقط ولا یحق لغیرهم الاقتراب من هذا الحق،  أیضا هناک سبب آخر وهو الحصول على ما یخصص للمترشح من مزایا مغریة تدفع به للترشح،  وکسب هذه الانتخابات بشتى السبل. وعلیه فإن معظم هؤلاء المبحوثین یؤکدون على أن عملیة الترشح فی الانتخابات وإکسابها لیس لخدمة المجتمع وأفراده وإنما لمصالحهم الشخصیة،  ولعل هذا المبرر حاسم فی سبب سلبیة المبحوثین واللامبالاه فی المشارکة فی العملیة الانتخابیة، الأمر الذی یتطلب من القائمین على الدولة،  إعادة النظر فی کثیر من الأمور التی تتعلق بالانتخابات.

الاستنتاجات المتعلقة بالمحور الأول:

کشفت نتائج الدراسة المیدانیة أن هناک انخفاض فی مستوى المشارکة السیاسیة لدى المقیمین بالمناطق العشوائیة، حیث تبین أن 47.8% من جملة العینة لا یهتمون بالمشارکة السیاسیة، بینما کانت المشارکة فی التصویت أعلى أنماط المشارکة السیاسیة لدى عینة الدراسة من سکان منطقة غرب البلد،  وذلک بنسبة 39.4%، وربما یرجع ذلک لطبیعة وخصائص منطقة الدراسة باعتبارها الإطار الذی یساعد،  أو یعوق المشارکة السیاسیة للمواطنین،  والملاحظة المهمة التی یمکن رصدها، هی غلبة الطابع السلبی لدى بعض المواطنین المقیمین بمنطقة الدراسة تجاه المشارکة السیاسیة، بحیث یمکننا تمییز نمطین للمواطنین فی منطقة الدراسة تجاه المشارکة السیاسیة هما:

أ- غیر المهتمین بالسیاسیة: الذین تشغلهم هموم توفیر الاحتیاجات الأساسیة لأبنائهم، بینما تأتى مسالة الاهتمام بالسیاسة فی نهایة سلم الأولویات،  بل إن هؤلاء المواطنون یخشون من الحدیث عن الحکومة،  والأحزاب،  والدیمقراطیة،  والمشارکة فی الانتخابات، وتسود بینهم ثقافة اللامبالاة السیاسیة، وعدم الوعی،  بل نجد أن الأسرة لا تهتم بدعم المشارکة لدى أبناءها،  ثم تأتى بعد ذلک مؤسسات التنشئة الأخرى وأدواتها،  مثل الجیران،  والأصدقاء، فهم یعیشون نفس الظروف والأوضاع، فمن أین لهم الحدیث عن السیاسة،  وإذا ما تحدثنا عن المدرسة والجامعة وضعف دورهما فی عملیة التنشئة،  فما بالنا بمن یتلقون أقل قدر ممکن من التعلیم فی المناطق العشوائیة، وتأتی بعد ذلک وسائل الإعلام فمن أین لهم بها،  وحتى إذا ما وجدت فإنها لمشاهدة المسلسلات والأفلام،  ولیس لمتابعة الأخبار والأحداث السیاسیة،  أو البرامج الحواریة التی تتطلب قدرا أعلى من الثقافة والتفرغ وحالة نفسیة أکثر ملائمة، فهم قد یعرفون بعض الأحداث - عرضا على حد قول بعضهم - إذا ما جاءت أثناء مشاهدة مسلسل أو فیلم وقطعوا إذاعته لنقل خبر ما،  وکذلک الوضع بالنسبة للمجتمع المدنی، فالأحزاب لم تلعب الدور اللازم لها، فمن أجل تأهیل النشء وفقا لبرامجها ومنظوماتها القیمیة،  کما لا یعتقد أن النقابات قد فعلت نفس الشیء، کما أن المنظمات غیر الحکومیة لم تؤد دوراً فعالا فی هذا الصدد،  اللهم إلا فی بعض المنظمات القلیلة التی تدرک مسئولیتها الاجتماعیة،  بدلالة أن العمل الأهلی والتطوعی لا یتحقق فی مجتمعنا بدون الثقافة،  أو القیم الحدیثة للعمل الأهلی، وهی القیم التی یمکن أن تقوم الأسرة والمدرسة والإعلامی بغرسها فی الأبناء (محمد احمد، 2009: 93-94).

ب- المواطنون المهتمون بالسیاسة: هؤلاء المواطنون الذین یعیشون فی المناطق العشوائیة بصفة عامة نجد أن اهتماماتهم السیاسیة تکون غالباً من خلال التصویت فی الانتخابات فقط،  أو متابعة الأخبار والأحداث السیاسیة فی وسائل الإعلام المختلفة، حیث إن طبیعة المناطق العشوائیة وخصائصها الاجتماعیة والاقتصادیة،  أثرت على اهتماماتهم السیاسیة، بل نجد القلیل النادر منهم من یهتمون بأنماط إیجابیة أکثر للمشارکة السیاسیة مثل المشارکة فی الأحزاب والنقابات أو الدفاع عن الحقوق والحریات السیاسیة. وإذا ما أضفنا إلى ذلک أن هناک نسبة أیضاً لابأس بها ما زالت تقف أمام المشارکة السیاسیة للمرأة،  حیث کشفت نتائج الدراسة أن حوال 36.2% من جملة العینة،  لا یوافقون على ضرورة مشارکة المرأة فی الأمور السیاسیة، ونظرتهم السلبیة لدور المرأة السیاسی،  واعتقادهم الخاطئ بأن المرأة غیر قادرة على المشارکة فی الأمور السیاسیة، بل ربما نظر إلیها البعض على أنها لا تستطیع الاعتماد على نفسها فی معالجة الأمور السیاسیة بشکل واقعی،  ولا تستطیع تحمل ضغوط الحیاة، فهی لا قیمة لها من دون الرجل، ودورها الحقیقی یکمن فقط داخل المنزل وتربیة الأطفال، وجانب من هذه النظرة ربما یعود لطبیعة العادات والتقالید الاجتماعیة السائدة والنظرة الدونیة للمرأة،  ولعل هذه النظرة السلبیة من جانب نسبة لا بأس بها من عینة الدراسة تقف حجر عثرة أمام المشارکة السیاسیة للمرأة.

وفی مقابل ذلک کشفت نتائج الدراسة أیضاً ارتفاع الاهتمام بمتابعة الأخبار والأحداث السیاسیة حیث تبین أن 70.5% من جملة العینة،  یهتمون بمتابعة الأخبار والأحداث السیاسیة بانتظام، کذلک تبین أن القنوات الفضائیة والتلیفزیون والانترنت کأهم الوسائل المستخدمة فی متابعة الأخبار والأحداث السیاسیة،  ولعل ذلک یؤکد على تأثیر التغیر الاجتماعی والتکنولوجیا الحدیثة على مجتمع الدراسة، والملاحظ هنا أن کل المنازل بمجتمع الدراسة لدیها جهاز استقبال للقنوات الفضائیة،  کما أن أغلبهم یمتلکون جهاز محمول متصل بالانترنت یتابعون علیه الأخبار،  ویدخلون على مواقع التواصل الاجتماعی مع الأصدقاء والأقارب والجیران، ولعل شبکات الانترنت اللاسلکیة (الوای فای والوایرلس) أصبحت أحد المیزات التی تستقطب بها القهاوی والکفاتریات الزبائن والمترددین فی منطقة الدراسة، بل لاحظ الباحث أن الشباب فی منطقة الدراسة بصفة خاصة أصبحن یقضین أکبر وقت فی تقلیب شاشات المحمول أکثر من أی جهاز آخر.

وهذا یتفق مع ما توصلت إلیه دراسة مارکو أم سکورک وآخرون Marko M. Skoric،  et al. من أن العلاقات الاجتماعیة الافتراضیة على شبکات الانترنت تلعب دوراً هاماً فی المشارکة السیاسیة من خلال تأکید العلاقات الاجتماعیة فی العالم الحقیقی (Marko M. Skoric، 2009:414-433) ودراسة بیونج جوون کایم Byoung Joon Kim التی أکدت على أن الانترنت له دور فعال فی الأغراض السیاسیة والمدنیة (Byoung Joon Kim،  2009).ووفقاً لذلک یمکن القول بأن تجنب بعض المواطنین المقیمین بالمناطق العشوائیة للسیاسة والمشارکة السیاسیة، أمر منطقی یتفق مع خصائص هذه المنطقة، حیث من الطبیعی أن تتجه معظم نشاطات المواطنین المقیمین بهذه المناطق نحو تحسین مستویات معیشتهم الاقتصادیة والاجتماعیة،  أکثر من الاهتمام بالمشارکة السیاسیة.

(2) العلاقات الاجتماعیة والمشارکة السیاسیة فی المناطق العشوائیة:

طرحت الدراسة فی هدفها الثانی قضیة مهمة تربط بین أحد أبعاد مفهوم رأس المال الاجتماعی والمشارکة السیاسیة،  وهو مدى تأثیر شبکة العلاقات الاجتماعیة على المشارکة السیاسیة، وقد أوضحت البیانات المیدانیة التی تم جمعها من منطقة الدراسة أن للعلاقات الاجتماعیة – وفق تقدیر عینة الدراسة - تأثیر کبیر فی عملیة المشارکة السیاسیة على النحو التالی:1- بالنسبة لموقف عینة الدراسة من التصویت لابن البلد:

تشکل قضیة التصویت لابن البلد أحد المسائل التی تؤثر فیها العلاقات الاجتماعیة والعصبیة والقبلیة، لذا تساءل الباحث حول موقف عینة الدراسة من التصویت لابن البلد، وقد جاءت استجابات العینة کما هو موضح بالجدول التالی:

 

 

جدول رقم (6) یوضح موقف عینة الدراسة من التصویت لابن البلد

المتغیرات

العدد

النسبة

مدى الموافقة على التصویت لابن البلد

أ

موافق

168

53.8

ب

غیر موافق

144

46.2

المجموع

312

100

أسباب الموافق على التصویت لابن البلد

أ

ابن البلد أکتر واحد فهمنا

56

33.3

ب

أولى من الغریب

44

26.2

ج

حاسس بینا وبمشاکلنا

52

31

د

لازم نقف معاه ونسانده

4

2.4

ه

هو اللی هیخدمنا مش الغریب

12

7.1

المجموع

168

100

أسباب عدم الموافقة على التصویت لابن البلد

أ

الواحد لازم یدقق فی اللی یختاره

36

25

ب

ممکن یکون الغریب أفضل

16

11.1

ج

ولاد البلد بیدور على المنصب

20

13.9

د

اختار اللی یمثلنا

72

50

المجموع

144

100

من بیانات الجدول السابق رقم (6) والذی یشیر إلی موقف عینة الدراسة من التصویت لأبناء بلدهم وأقاربهم حیث تلعب العصبیة دوراً فی التکتل، ولکنها تقل مع التطور الثقافی،  وارتفاع المستوى التعلیمی،  ومن خلال الجدول یتبین أن أعلى نسبة 53.8% أجابوا بالموافقة على التصویت لابن بلدهم، حیث تلعب المعرفة والعلاقات الاجتماعیة والقرابیة دوراً فی تکوین شعبیة للمرشحین، فی حین أن نسبة 46.2%منهم أجابوا بأنهم لا یوافقون على التصویت لأبناء بلدهم،  ویرجع ذلک إلی الوعی الثقافی السیاسی لدى هؤلاء، أو إلی حدوث بعض المشکلات التی تجعلهم لا یقفون بجانب هؤلاء.

أما عن أسباب الموافقة على التصویت لأبناء بلدهم ، جاءت أعلى نسبة 33.3% حیث رأت أن ابن بلدهم (أکثر واحد فاهم)، وأن نسبة 31% من جملة إجابات الذین أجابوا بأنه أکثر إحساسا بهم وبمشاکلهم ،  ونسبة 26.2% أجابوا بأن ابن بلدهم أولى من الغریب، فی حین أن نسبة 7.1% رأو أن ابن البلد هو الذی سیخدمهم ، وأخیراً نسبة 2، 4% أجابوا بأنهم لابد أن یقفوا مع ابن بلدهم، وهذا دلیل على متانة العلاقات الاجتماعیة بین أبناء المنطقة الواحدة وتأثیرها على الانتخابات، أما الذین أجابوا بأنهم لیس شرطا أن یقفوا بجانب ابن بلدهم فقد ارجعوا ذلک إلی أنهم یختاروا الذی یمثلهم ویعبر عن مطالبهم وذلک بنسبة 50% من جملة إجابات الذین لم یختاروا ابن بلدهم، فی حین أن نسبة 25% منهم أجابوا بأن الواحد لازم یدقق فی من یختاره لیعبر عنه ، کما أجابت نسبة 13.9% بأن أولاد البلد( بیدوروا فقط على المنصب، ولیس مشاکل المنطقة) وأخیراً نسبة 11.1% أجابوا بأنه ممکن یکون الغریب أفضل، مما یؤکد عدم الثقة فی مرشح ابن البلد،  حیث إنهم یکونوا على درایة کاملة به،  مما ینعکس سلبا على الوقوف بجانبه.

وبالتالی یتبین من خلال ما سبق أن وجود علاقات قرابیة بین المرشحین وبین المنتخبین،  لیس هو الأساس الذی یحدد حجم التصویت له فی الانتخابات، حیث تبین أن العلاقات القرابیة قد انتابها بعض التغیر بالسلب، وقد ظهر ذلک فی تقارب النسب بین التصویت لابن البلد، وعدم التصویت له وهذا على عکس ما کان موجوداً سابقاً؛ حیث کانت القبلیة والعصبیة هی المحدد الوحید لتصویت الأفراد فی الانتخابات، حیث کان المرشح یعتمد فی المقام الأول على أقاربه وعشیرته فی التصویت له، أو دعمه فی الانتخابات، ولکن یتضح من الجدول السابق عدم وجود أهمیة کبیرة لهذا العنصر،  ویمکن أن یرجع ذلک إلی ارتفاع الوعی السیاسی لدى الأفراد فی المجتمع وأن المحدد فی الاختیار لیس القرابة وإنما المصلحة العامة،  مما یجعل القرابة عنصراً لا یمثل أهم العناصر أو الأسس التی تدفع الأفراد للتصویت فی الانتخابات،  وهذا ما بینته نتائج الجدول السابق. وتختلف هذه النتیجة عما توصلت إلیه دراسة محمد منیف من أن هناک دور فعال وکبیر للعلاقات القبلیة والعصبیة فی العملیة الانتخابیة (محمد منیف، 2012: 99-1059) وکذلک دراسة مرتضى على التی أوضحت أن العصبیة تستحوذ على بناء القوة داخل القریة،  وأنها أحدا الأبعاد الرئیسیة المؤثرة فی العملیة الانتخابیة والمشارکة السیاسیة (مرتضى على، 1991).

ب- بالنسبة لإقامة العلاقات الاجتماعیة وبعض أشکال المشارکة السیاسیة:حاول الباحث أن یتتبع أثر إقامة العلاقات الاجتماعیة على بعض أشکال المشارکة السیاسیة من خلال اختبار کا2 فجاءت النتائج کما یلی:

جدول رقم (7) العلاقة بین الحرص على إقامة العلاقات مع الناس والمشارکة السیاسیة

المتغیرات

نعم

لا

إجمال العینة

قیمة کا2

مستوى الدلالة

العدد

%

العدد

%

العدد

%

نمط المشارکة السیاسیة

أ

لا أشارک فی السیاسة

128

41

21

6.7

149

47.8

16.160

0.003

ب

عضویة الأحزاب السیاسیة

16

5.1

-

-

16

5.1

ج

الترشح فی الانتخابات

4

1.3

-

-

4

1.3

د

التصویت فی الانتخابات

120

38.5

3

1

123

39.4

ه

المشارکة فی الندوات السیاسیة

16

5.1

4

1.3

20

6.4

المجموع

284

91

28

9

312

100

المشارکة فی
الانتخابات

أ

یشارک

136

43.6

7

2.2

143

45.8

5.378

0.020

ب

لا یشارک

148

47.4

21

6.7

169

54.2

المجموع

284

91

28

9

312

100

متابعة البرامج
والأخبار السیاسیة

أ

یتابع

204

65.4

16

5.1

220

70.5

2.645

0.104

ب

لا یتابع

80

25.6

12

3.8

92

29.5

المجموع

284

91

28

9

312

100

المناقشة السیاسیة للأسرة

أ

یتناقشون

164

52.6

-

-

164

52.6

34.086

0.000

ب

لا یتناقشون

120

38.5

28

9

148

47.4

المجموع

284

91

28

9

312

100

من خلال بیانات الجدول السابق رقم (7) یتضح أن هناک علاقة بین الحرص على إقامة العلاقات الاجتماعیة،  وبین أنماط المشارکة السیاسیة التی تضمنها الجدول السابق حیث یتضح أن الأکثر مشارکةً سیاسیةً کانوا أکثر حرصاً على إقامة العلاقات الاجتماعیة وذلک جاء عند مستوى معنویة 0.01، کذلک تبین أن الأکثر حرصاً على المشارکة فی الانتخابات کانوا أکثر حرصاً على إقامة العلاقات الاجتماعیة مع الأسرة والأصدقاء والجیران،  وذلک عند مستوى معنویة 0.05 وهو مؤشر دال إحصائیاً،  کما یتضح أن الحریصین على إقامة العلاقات الاجتماعیة کانوا أیضاً حریصین على المناقشات السیاسیة داخل أسرهم،   وجاء ذلک عند مستوى دلالة 0.000 عند مستوى معنویة 0.001  .

وتتفق هذه النتیجة مع دراسة کلین تینی ولورى هانکینت Celine Teney and Laurie Hanquinet التی أکدت على أهمیة العلاقات والممارسات الدینیة فی تشکیل مکونات رأس المال الاجتماعی والتأثیر على المشارکة السیاسیة (Celine Teney،  2012: 1213-1226) ودراسة محمود أحمد التی أکدت على أهمیة العلاقات الاجتماعیة والشخصیة فی عملیة المشارکة السیاسیة (محمود أحمد، 2012: 1-30) ودراسة کینشی اکیدا وسیین أی ریتشى Kenici Ikeda and Sean E. Richey التی أشارت إلى دور الشبکات الاجتماعیة والعلاقات الاجتماعیة لدى الفرد فی عملیة المشارکة السیاسیة (Kenici Ikeda،  2005: 239-260) ودراسة أمی کیومینج لیو وتیری بیسیر Amy Qiaoming Liu and Terry Besser التی أکدت على أن السبب الرئیسی وراء المشارکة السیاسیة لکبار السن هو کثرة العلاقات الاجتماعیة الرسمیة وغیر الرسمیة التی یکونونها (Amy Qiaoming،  2003:343-365). ودراسة جان تیوریل Jan Teorell التی أکدت على تأثیر أشکال الشبکات الاجتماعیة الرسمیة وغیر الرسمیة على التعبئة والمشارکة السیاسیة (Jan Teorell،  2000) ودراسة رونالد لادولک وروبرت هکفیت Ronald La Due Lake and Robert Huckfeldt التی أکدت على أهمیة العلاقات الاجتماعیة فی عملیة المشارکة السیاسیة (Ronald La Due،  1998:567-584).

 

 

ج- موقف عینة الدراسة من الدعایة الانتخابیة:

 یشیر مفهوم الدعایة الانتخابیة إلى کل الأفعال والممارسات التی یقوم بها الحزب السیاسی أو المرشح بهدف تقدیم نفسه إلى الناخبین حتى یجمع أکبر قدر من أصواتهم،  وتأییدهم السیاسی له، والفوز فی العملیة الانتخابیة (خالد کاظم، 2011: 96) وتلعب الدعایة الانتخابیة دوراً بالغ الأهمیة فی عملیة المشارکة السیاسیة الخاصة بجذب الأصوات فی العملیة الانتخابیة لصالح مرشح معین من خلال عرضه لبرنامجه الانتخابی بکل الوسائل والأسالیب المتاحة له سواء المشروعة أو غیر المشروعة أحیانا،  وهذا یؤثر بشکل واضح على التوجهات السیاسیة للناخبین نحو المرشحین واختیارهم لمرشح معین.

جدول رقم (8) موقف عینة الدراسة من الدعایة الانتخابیة

المتغیرات

العدد

النسبة

الموقف من الدعایة الانتخابیة

أ

لائقة

104

33.3

ب

غیر لائقة

208

66.7

المجموع

312

100

أسباب کون الدعایة الانتخابیة غیر لائقة

أ

بتغیر منظر الشوارع

48

23.1

ب

بیتکتب فیها شعارات فقط

60

28.8

ج

اللی بینجح بیننسى اللی قاله

76

36.5

د

فیها تعدی على القانون

24

11.5

المجموع

208

100

من خلال استقراء بیانات الجدول السابق رقم (8) الذی یوضح موقف عینة الدراسة من الدعایة الانتخابیة وأثرها على المشارکة السیاسیة، حیث تبین وجود نسبة 66.7% من جملة العینة یرونها بأنها غیر لائقة،  فی مقابل 33.3% من عینة الدراسة یرونها لائقة،  ومن حیث أهم أسباب أنها غیر لائقة لعله یعود إلی ما أشار إلیه بعض المبحوثین والمتمثل فی أن اغلب الوعود من قبل الانتخابات لا تطبق ولا تنفذ وأنها عبارة عن شعارات یوهموا بها الناس مما یجعلهم یصروا على سلبیتهم تجاه هذه الانتخابات.

د- بالنسبة لموقف العینة من أکثر المرشحین المحتملین للنجاح فی مجتمع الدراسة:

یتبین من الجدول التالی رقم (9) الذی یوضح موقف عینة الدراسة حول الأفراد الأکثر حصولا على الأصوات فی الانتخابات حیث تبین أن أکثر من یحصد أکبر عدد من أصوات المشارکین هو ابن البلد بنسبة 23.4% من جملة العینة،  ثم یأتی من هو یهتم بالناس وحل مشاکلهم بنسبة 17.9% من جملة العینة،  وبعد ذلک رجل الدین بنسبة 16.7% من عینة الدراسة،  وبعد ذلک یأتی من یمتلک برنامج انتخابی جید أو متمیز بنسبة 10.9% من جملة عینة الدراسة.

جدول رقم (9) موقف عینة الدراسة من الصفات الأکثر حصداً للأصوات فی الانتخابات

م

المتغیرات

العدد

النسبة

أ

ابن البلد

73

23.4

ب

من لدیه برنامج انتخابی ممیز

34

10.9

ج

أصحاب الأملاک

5

1.6

د

من عائلة کبیرة ومرموقة

28

9

هـ

من یهتم بینا ویحل مشاکلنا

56

17.9

و

ذو الخبرة والدرایة

20

6.4

ز

رجل الدین

52

16.7

ح

الشباب

24

7.7

ط

لا أعرف

20

6.4

المجموع

312

100

والملاحظ هنا أن المبحوثین داخل عینة الدراسة یؤکدون على ولائهم لابن البلد فی أخذ الأصوات، وربما أنه من الأفراد الذین یهتمون دائما بمصالح الناس، وحل مشاکلهم، وکذلک لعله یکون لدیه تصور واضح فی برنامجه بصورة أفضل من غیره، أما الدین فهو عامل مؤثر فی نفوس الناس،  ویلعب دوراً حاسماً فی کثیر من متطلبات الحیاة ، وبالتالی تظل شبکة العلاقات الاجتماعیة أساس للنجاح فى الانتخابات.

ه- أثر العلاقات القرابیة على المشارکة السیاسیة فی منطقة الدراسة:

جدول رقم (10) موقف عینة الدراسة من المرشحین ذو العلاقات القرابیة

م

المتغیرات

العدد

النسبة

أ

أقف بجواره ضد الآخرین

76

24.4

ب

ادفع بکل أفراد عائلیتی من أجل تأییده

32

10.3

ج

أدفع بأصدقائی وجیرانی من أجل تأییده

48

15.4

د

أحاول أن اتجنبه واختار الأفضل

88

28.2

هـ

القرابة حاجة والاختیار حاجة تانیة

68

21.7

المجموع

312

100

من خلال استقراء بیانات الجدول رقم (10) لآراء عینة الدراسة حول المرشحین ذو العلاقات القرابیة ، حیث تبین انه لیس للعلاقات القرابیة دور فی الترشح والنجاح فی الانتخابات، مما یؤکد وعى المبحوثین داخل عینة الدراسة فی مجتمع البحث ، وأنهم على درایة بضرورة التمیز بین مصالحهم العامة و الشخصیة ، حیث إن الصورة المعروفة فی المناطق العشوائیة،  أن اغلب المرشحین سواء کان لدیه خبرة أو معرفه ودرایة بکیفیة الاعتماد على العلاقات القرابیة فى حصد الأصوات فى العملیة الانتخابیة  بشتى الطرق،  إلا أن النتیجة المحققة هنا هی صوره إیجابیة فی تجنب الأقرباء لأنهم دوما یعتمدون على صلة القرابة فی النجاح،  ولیس على الخبرة والمعرفة والبرامج المتمیزة،  وبالتالی ضرورة تکوین علاقات اجتماعیة لیست بالضرورة علاقات قرابة تصل إلى رأس مال الفرد وهو الکفیل فی لعب الدور الأکبر فی تحدید الاختیار علیه. وتتفق هذه النتیجة مع دراسة ألبرتو وبولا Alberto A. and Paola G. التی أشارت إلى دور العلاقات القرابیة فی المشارکة السیاسیة (Alberto Alesina،  2011:817-839)، ودراسة هند محمد التی أکدت وجود علاقة إیجابیة بین العلاقات القرابیة والمشارکة السیاسیة (هند محمد، 2004).

الاستنتاجات المتعلقة بالمحور الثانی:

کشفت نتائج الدراسة المیدانیة على وجود دور للعلاقات الاجتماعیة (باعتبارها أحد مؤشرات رأس المال الاجتماعی) فی المشارکة السیاسیة فی مجتمع الدراسة، ویتضح هذا الدور فی مجموعة من الملامح التی أشارت لها نتائج الدراسة یمکن عرضها کما یلی:

الملمح الأول والخاص بالعصبیة والقبلیة؛ حیث کشفت نتائج الدراسة أن هناک تقارب فی نسب من یؤیدون أو یعارضون التصویت لصالح ابن المنطقة (ابن البلد) وربما یمکن القول بأن التغیر الاجتماعی والتحدیث السیاسی وزیادة الوعی لدى المواطنین أدى إلى هذه النتیجة حیث إن التصویت لصالح ابن البلد کان إلى وقت قریب هو الشکل الوحید داخل منطقة الدراسة، ولکن تفکک العلاقات القرابیة وتفکک البناء الاجتماعی کان له أثره الواضح على تغییر ذلک. أما الملمح الثانی المتعلق بالعلاقات الاجتماعیة العامة؛ حیث کشفت الدراسة عن وجود علاقة ذات دلالة إحصائیة بین مدى قدرة الفرد على إقامة العلاقات الاجتماعیة وبین المشارکة السیاسیة وذلک لصالح المقیمین للعلاقات الاجتماعیة مع الأفراد المحیطین بهم، ویمکن تفسیر ذلک بأن وفرة العلاقات الاجتماعیة تزید من دافعیة الفرد نحو المشارکة فی الحیاة الاجتماعیة والسیاسیة، وذلک بعکس الشخص المنعزل اجتماعیاً أو قلیل العلاقات الاجتماعیة حیث تضعف رغبته فی المشارکة ویقل معدل تشجیعه علیها، بما ینعکس بالسب على مشارکة السیاسیة.

والملمح الثالث الذی یمکن استنتاجه حول دور العلاقات الاجتماعیة فی الدعایة الانتخابیة، حیث تبین من نتائج الدراسة، أن هناک وعی لدى المواطنین ببعض جوانب سلبیة الدعایة الانتخابیة داخل منطقة البحث، مثل مثالیة الشعارات الانتخابیة وعدم وفاء المرشحین بها، والآثار السلبیة التی تترکها الدعایة على الحوائط والشوارع وأعمدة الإنارة ومحولات الکهرباء وغیرها، والملاحظ هنا أن الدعایة الانتخابیة تتأثر بالعلاقات الاجتماعیة داخل مجتمع الدراسة، وکذلک تؤثر على توجهات الناخبین.

والملمح الرابع هنا یدور حول العلاقات القرابیة، حیث تبین أن النسبة العالیة بین أفراد العینة فرقوا بین القرابة والمشارکة فی الانتخابات،  وهنا یمکن القول أنه بالرغم من أن وفرة العلاقات القرابیة تمثل وفرة فی مستوى رأس المال الاجتماعی، إلا أن فى المجتمع الحدیث لم تعد مثل هذه العلاقات هی المؤشر الوحید لرأس المال الاجتماعی بل أصبح امتلاک الفرد لمستوى عال من العلاقات الاجتماعیة (مع الأهل والجیران والزملاء والأصدقاء و...) هو المؤشر الأکثر دلالة على وفرة رأس المال الاجتماعی.

(3) الأحزاب السیاسیة ومؤسسات المجتمع المدنی والمشارکة السیاسیة:

تعد عضویة مؤسسات المجتمع المدنی أحد مؤشرات رأس المال الاجتماعی، لذا خصص الباحث هذا المحور لمناقشة العلاقة بین عضویة منظمات المجتمع المدنی والأحزاب السیاسیة وأثرها على المشارکة السیاسیة، حیث جاءت النتائج کما یلی:

أ- بالنسبة لعضویة الأحزاب السیاسیة:

تعمل الأحزاب السیاسیة على تکوین وتوجیه الرأی العام ، وتمکین الجماعات المختلفة من التعبیر عن رغباتها ومعتقداتها بطریقة منظمة وفعالة، حیث یقوم الحزب بتجمیع جهود هؤلاء الأفراد، ویضفی على هذا المجتمع طابعا سیاسیا معبرا عن الأفکار المشترکة لهؤلاء الأفراد، وبذلک تلعب الأحزاب السیاسیة دوراً هاماً فی زیادة المشارکة السیاسیة لدى أعضائها بصفة خاصة،  وأفراد المجتمع بصفة عامة. کما تثیر مسألة دور الأحزاب السیاسیة فی مصر - وکذلک تواجدها - العدید من الإشکالیات لتفسیر عدم وجود دور فعال للأحزاب المصریة حیث یطرح تساؤل حول، هل هذه الوضعیة تتعلق بضعف خاص بتلک الأحزاب وقدرتها وتواصلها مع الجمهور؟ أم لبنیة النظام الحزبی فی مصر والقوانین الخاصة بممارستها؟ أو لعدم اهتمام المصریین بعضویة الأحزاب أو المشارکة السیاسیة بوجه عام؟. وإن کنت هنا لست بصدد تناول الظاهرة الحزبیة فی مصر، إلا أن الملاحظة الأولى لحالة الأحزاب السیاسة وتواجدها فی منطقة الدراسة تتمثل فی عدم وجود لجنة فرعیة، أو مکتب تابع لأی حزب فی منطقة الدراسة، کما أوضح المبحوثون فی المقابلات المیدانیة معهم أنه لا توجد أی أنشطة للأحزاب فی أی من منطقة الدراسة سواء فیما یتعلق بأداء خدمات للأهالی، أو الإسهام فی التنشئة السیاسیة من خلال الندوات والمؤتمرات، أو وسائل التوعیة والتثقیف المختلفة. وقد طرحت الدراسة تساؤل حول مدى المشارکة فی الأحزاب السیاسیة؟ وقد جاءت استجاباتهم کما یلی:

جدول رقم (12) موقف عینة الدراسة من عضویة الأحزاب السیاسیة

المتغیرات

العدد

النسبة

مدى الرغبة فی عضویة الأحزاب

أ

موافق

64

20.5

ب

غیر موافق

248

79.5

المجموع

312

100

أسباب الموافقة على عضویة الأحزاب

أ

الأحزاب تعبر عن رأی الجمهور

28

43.8

ب

لوجود أحد أقاربی بالحزب

6

9.4

ج

تقرب الفرد من المسئولین

1

1.6

د

تمکن الواحد من الوصول للسلطة

20

31.3

ه

تخلی الواحد یقدر یخدم أهله وبلده

9

14.3

المجموع

64

100

أسباب عدم الموافقة على عضویة الأحزاب

أ

الأحزاب لیس لها فائدة

60

24.2

ب

تعدد الأحزاب لیس له فائدة

64

25.8

ج

عیب ینضم الواحد لحزب سیاسی

20

8.1

د

مش فاضی

60

24.2

ه

مبعرفش حاجة عن الأحزاب

44

17.7

المجموع

248

100

یتبین من خلال الجدول السابق رقم (12) الذی یوضح آراء عینة الدراسة من الاشتراک فی عضویة الأحزاب السیاسیة ، حیث تبین أن غیر المنضمین أو الذین لا توجد لدیهم الرغبة فی الانضمام إلى عضویة الأحزاب السیاسیة من المبحوثین داخل عینة الدراسة بلغوا نسبة 79.5% من جملة العینة مقابل نسبة 20.5% من إجمالی عینة الدراسة، ولعل من أهم أسباب عدم الموافقة على الانضمام للأحزاب یرجع إلى قلة وعیهم بالأمور السیاسیة نتیجة لتدنی المستوى التعلیمی والثقافی لدى بعضهم فی ظل غیاب اهتمام هذه الأحزاب بصورة عامة عن هذه المناطق العشوائیة بالرغم أن هذه المناطق تضم أعداداً کبیرة من السکان، کما نجد بعضهم لا یرغب فی الانضمام هذه الأحزاب لطبیعة أعمالهم الحرفیة أو العمل الحر الذی یجعلهم یجرون وراء لقمة العیش.

 

 

جدول رقم (13) العلاقة بین عضویة الأحزاب السیاسیة والمشارکة السیاسیة

المتغیرات

نعم

لا

إجمال العینة

قیمة کا2

مستوى الدلالة

العدد

%

العدد

%

العدد

%

نمط المشارکة السیاسیة

أ

لا أشارک فی السیاسة

-

-

149

47.8

149

47.8

126.393

0.000

ب

عضویة الأحزاب السیاسیة

16

5.1

-

-

16

5.1

ج

الترشح فی الانتخابات

4

1.3

-

-

4

1.3

د

التصویت فی الانتخابات

36

11.5

87

27.9

123

39.4

ه

المشارکة فی الندوات السیاسیة

8

2.6

12

3.8

20

6.4

المجموع

64

20.5

248

79.5

312

100

المشارکة فی
الانتخابات

أ

یشارک

60

19.2

83

26.6

143

45.8

74.463

0.000

ب

لا یشارک

4

1.3

165

52.9

169

54.2

المجموع

64

20.5

248

79.5

312

100

متابعة البرامج
والأخبار السیاسیة

أ

یتابع

64

20.5

156

50

220

70.5

33.670

0.000

ب

لا یتابع

-

-

92

29.5

92

29.5

المجموع

64

20.5

248

79.5

312

100

المناقشة السیاسیة للأسرة

أ

یتناقشون

40

12.9

124

39.7

164

52.6

3.188

0.074

ب

لا یتناقشون

24

7.7

124

39.7

148

47.4

المجموع

64

20.6

248

79.4

312

100

وعن العلاقة بین الأحزاب السیاسیة والمشارکة السیاسیة فقد تبین من الجدول السابق أن هناک علاقة بین عضویة الأحزاب السیاسیة والمشارکة السیاسیة حیث تبین أن الأفراد الذین کانوا أعضاء فی الأحزاب السیاسیة –بالرغم من قلة عددهم -کانوا أکثر مشارکة سیاسیاً من خلال عضویتهم فی الأحزاب السیاسیة والمشارکة فی التصویت ومتابعة الأخبار والأحداث السیاسیة وکلها قیم کانت ذات دلالة إحصائیة عند مستوى دلالة 0.000 ومستوى معنویة 0.001 مما یؤکد على وجود هذه العلاقة بین عضویة الأحزاب السیاسیة والمشارکة السیاسیة. وهذا ما أکدته دراسة احمد إبراهیم من أثر الأحزاب السیاسیة فی المشارکة السیاسیة لدى الشباب (أحمد إبراهیم، 2011: 150-177).

ب- بالنسبة لعضویة منظمات المجتمع المدنی:

یعد العزوف عن المشارکة السیاسیة مؤشرا هاما للدراسات السیاسیة فی ظل مجتمع نام کمصر یرى فی المشارکة السیاسیة مسألة غیر ذات أولویة أو أهمیة بالنسبة له، ویعتقد أنها دائما مسئولیة الآخر، ودونما إدراک لأهمیة مشارکته فی تحسین حیاته بوجه عام من خلال تأثیره على القرار السیاسی ووضع نفسه ضمن أولویات صانع القرار من خلال ممارسة حق کفله الدستور المصری له ، ویؤکد أیان ماکلین أن المشارکة السیاسیة تعنی "لعب دور فی التفاعلات السیاسیة"، ویقصد بها عدد الأفراد النشطین فی تلک العملیات مضروباً فی عدد مرات تکرار التفاعل من جانبهم، ویضیف أن مسألة لعب دور فی الأمور السیاسیة لازالت مفهوماً واسعاً وغامضاً إلى حد بعید ، لذا فإننا یمکن أن نعتبر المشارکة فی أمور عضویة حزب سیاسی معین أو جماعة ضغط محددة أنها نوع من المشارکة فی مؤسسة سیاسیة، ولکن التساؤل یبقى حول ما یمکن أن نجده من مؤسسات أخرى مثل الاتحادات الریاضیة، أو المنظمات التقلیدیة للمرأة مثل الاتحادات النسائیة فی مجالات بعینها، ولا شک أن هذه المؤسسات رغم کونها غیر سیاسیة إلا أنها تعطی أعضاءها دوراً سیاسیاً، وتدربهم على ممارسة وإدارة مسائل قد تکون لها وجه سیاسی مثل الانتخابات، کما أن هذه التنظیمات لکونها یمکن أن تمارس عملاً جماعیاً محتملاً فی أیة لحظة وله بعد سیاسی، فإن المشارکة الفعالة لأعضائها لا یمکن إغفالها، کما أن وجود الفرد داخل أقلیة دینیة أو عرقیة فی مجتمع معین لا یحجب عنه صفة المشارکة السیاسیة بدعوى عدم وجود ثقل نسبی للجماعة التی ینتمی إلیها، حیث یمکن أن ننظر للمشارکة باعتبارها سلوکاً فردیاً یتعلق بالنمط القیمی الخاص بالفرد أو الجماعة بغض النظر عن الثقل النسبی، أو التأثیر المحتمل  لمشارکته (محمد أحمد، 2009:87-88). ولعل الدراسة الراهنة فی بحثها عن العلاقة بین عضویة منظمات المجتمع المدنی والمشارکة السیاسیة طرحت فی البدایة تساؤلاً حول مدى توافر عضویة منظمات المجتمع المدنی فی منطقة البحث وقد جاءت استجابات عینة البحث کما هو موضح بالجدول:

جدول رقم (14)  موقف عینة الدراسة من عضویة منظمات المجتمع المدنی

المتغیرات

العدد

النسبة

عضویة منظمات المجتمع المدنی

أ

نعم

60

19.2

ب

لا

252

80.8

المجموع

312

100

دور الجمعیات فی المشارکة السیاسیة

أ

التوعیة بأهمیة المشارکة السیاسیة

20

33.3

ب

الرقابة على الانتخابات

3

5

ج

تأیید بعض المرشحین

-

-

د

مساعدة المواطنین على التعبیر عن رأیهم

16

26.7

ه

لیس لها دور

21

35

المجموع

60

100

           

یتبین من خلال بیانات الجدول السابق رقم (14) لآراء عینة الدراسة حول عضویتهم لمنظمات المجتمع المدنی ، فقد تبین المعارضون  للانضمام لعضویة منظمات المجتمع المدنی بلغت نسبتهم 80.8% من جملة العینة، وهذا ربما یعود لطبیعة سلوکیات أفراد المجتمعات العشوائیة التی لا تمیل إلی الارتباط والالتزام ، وهذا یشیر إلى ضعف أو قصور فی آلیات منظمات المجتمع المدنی فی عملیة التوعیة والاهتمام بشئون المناطق العشوائیة، أما بالنسبة للمبحوثین داخل العینة الموافقین للانضمام لعضویة المنظمات لعله یعود إلى الدور الذی قد تلعبه بعض هذه المنظمات بشکل أو بآخر مع بعض الناس دون غیرهم. کما تبین تدنی درجات المشارکة فى منظمات المجتمع المدنی حتى فی أبعادها الاجتماعیة والتنمویة تعکس عزوفا من جانب السکان عن ذلک، وانشغالهم بأمور حیاتهم الیومیة بدرجة أکبر، فإنه توجد دلالة أخرى؛ وهى غیاب الجمعیات الأهلیة عن مثل هذه المناطق رغم احتیاجها لأنشطتها، کما یفترض أن تسعى إلى هذه المناطق وتقدم خدماتها لسکانها؛ فهم الأکثر احتیاجا، بل وإنشاء مقار لها داخل هذه المناطق، وعقد ندوات ولقاءات للتعریف بأنشطتها ، وتیسیر سبل الوصول إلى الخدمات التی تقدمها، خاصة أنه عندما حاولت التحقق من مدى وجود علاقة بین ارتفاع المستوى التعلیمی والانضمام إلى الجمعیات الأهلیة لم أجد علاقة فی هذا الإطار سوى انخفاض البدیل الخاص بعدم السماع عنها بین المستویات الأعلى من التعلیم، وذلک فی الجدول المشار إلیه، وتأتی أهمیة الجمعیات الأهلیة إضافة لاحتیاج السکان لها إلا أنها تعد المؤسسة الأسهل فی الانضمام إلیها مقارنة بالنقابات والنوادی التی یصعب على سکان تلک المناطق الانخراط فی أنشطتها، إما لأنهم یعملون فی الغالب بصفة مؤقتة وغیر منتظمة، ولا توجد نقابات لهم أو لعدم قدرتهم على دفع اشتراکاتها والانضمام إلى النوادی.

جدول رقم (15)  العلاقة بین عضویة منظمات المجتمع المدنی والمشارکة السیاسیة

المتغیرات

نعم

لا

إجمال العینة

قیمة کا2

مستوى الدلالة

العدد

%

العدد

%

العدد

%

نمط المشارکة السیاسیة

أ

لا أشارک فی السیاسة

13

4.2

136

43.6

149

47.8

39.973

0.000

ب

عضویة الأحزاب السیاسیة

8

2.6

8

2.6

16

5.1

ج

الترشح فی الانتخابات

4

1.3

-

-

4

1.3

د

التصویت فی الانتخابات

31

9.9

92

29.5

123

39.4

ه

المشارکة فی الندوات السیاسیة

4

1.3

16

5.1

20

6.4

المجموع

60

19.2

252

80.8

312

100

المشارکة فی
الانتخابات

أ

یشارک

47

15.1

96

30.8

143

45.8

31.605

0.000

ب

لا یشارک

13

4.2

156

50

169

54.2

المجموع

60

19.2

252

80.8

312

100

متابعة البرامج
والأخبار السیاسیة

أ

یتابع

56

17.9

164

52.6

220

70.5

18.606

0.000

ب

لا یتابع

4

1.3

88

28.2

92

29.5

المجموع

60

19.2

252

80.8

312

100

المناقشة السیاسیة للأسرة

أ

یتناقشون

44

14.1

120

38.5

164

52.6

12.851

0.000

ب

لا یتناقشون

16

5.1

132

42.3

148

47.4

المجموع

60

19.2

252

80.8

312

100

                       

من خلال استقراء بیانات الجدول السابق والتی توضح العلاقة بین عضویة منظمات المجتمع المدنی والمشارکة السیاسیة حیث یتبین أن هناک علاقة بین عضویة المنظمات الأهلیة "منظمات المجتمع المدنی" وکل من أنماط المشارکة السیاسیة والتصویت فی الانتخابات ومتابعة الأحداث والأخبار السیاسیة والمناقشات السیاسیة داخل الأسرة وذلک جاء عند مستوى معنویة 0.001 مما یؤکد على وجود هذه العلاقة حیث یتضح أن الأفراد الأکثر حرصاً على عضویة المنظمات الأهلیة کانوا أکثر مشارکة سیاسیاً من غیرهم من أفراد المجتمع.

وتتفق هذه النتیجة مع ما توصلت إلیه دراسة مارکو جیوجینی وآخرون Marco Giugni،  et al. التی أکدت أن أعضاء المنظمات الأهلیة کانو أکثر مشارکة سیاسیاً من غیرهم (Marco Giugni،  2014: 1593-1613). وکذلک دراسة ام ریزا ناهی M. Reza Nakhaie التی أشارت إلى أن المشارکة فی الجمعیات التطوعیة والرسمیة توفر أرضاً خصبة للتشئة والمشارکة السیاسیة (M. Reza Nakhaie،  2008:835-860).

الاستنتاجات المتعلقة بالمحور الثالث:

کشفت نتائج الدراسة عن دور عضویة المنظمات الاجتماعیة والسیاسیة فی المشارکة السیاسیة، ویتضح ذلک جلیاً فی الدور الذی تلعبه عضویة الأحزاب السیاسیة فی المشارکة السیاسیة، حیث تبین أن أعضاء الأحزاب السیاسیة أکثر مشارکة فی الأمور السیاسیة من غیر الأعضاء، ویمکن تفسیر ذلک بأن عضویة الأحزاب السیاسیة تعد أحد أشکال المشارکة السیاسیة، وتعد کذلک من أهم العوامل التی تدفع الفرد إلى المشارکة السیاسیة ، کما تبین أیضاً أن هناک علاقة بین عضویة المنظمات الاجتماعیة المدنیة والمشارکة السیاسیة، ویمکن تفسیر ذلک بالدور الذی تقوم به الأحزاب السیاسیة ومنظمات المجتمع المدنی فی تشجیع المشارکة السیاسیة ونشر ثقافة المشارکة.

وهکذا یتضح أن مستوى رأس المال الاجتماعی المرتفع مع زیادة مشارکة وفاعلیة المواطنین فی منظمات المجتمع المدنی والأحزاب السیاسیة تنعکس بالإیجاب على مستویات المشارکة السیاسیة فی مجتمع الدراسة ، وقد لاحظ الباحث أن هناک إهداراً لعضویة منظمات المجتمع المدنی والأحزاب السیاسیة (کأحد مؤشرات تراکم رأس المال الاجتماعی) فی منطقة الدراسة، حیث بینت النتائج أن هناک ضعفاً فی مستوى مشارکة العینة فی الأحزاب السیاسیة ومنظمات المجتمع المدنی ، ولعل ذلک یعود لقلة تواجد هذه المنظمات والمؤسسات فی مجتمع الدراسة، بالإضافة إلى عدم وعی ومعرفة بعض الأفراد لطبیعة عمل هذه المنظمات، إضافة إلى انشغال الکثیر من المواطنین بحیاتهم الخاصة بحثا عن تحسین مستویات معیشتهم أو دخولهم أکثر من العضویة التطوعیة فی مثل هذه المنظمات، بالإضافة إلى ضعف ثقافة التطوع فی منطقة الدراسة.

(4) الثقة الاجتماعیة والمشارکة السیاسیة:

الثقة السیاسیة للمواطنین مدى شعور المواطنین بالاطمئنان وعدم وجود شک فی أن النخب السیاسیة تقدم المصلحة العامة للمجتمع على حساب المصلحة الخاصة لأفرادها، وتزید عندما تلبی النخب السیاسیة حاجات المواطنین وتعاملهم استناداً إلى مبادئ وحکم القانون دون تمییز بناء على الانتماء السیاسی أو الدینی أو الجغرافی ولا تنتهک حریاتهم السیاسیة والمدنیة (نادیة أبو زاهر، 2013: 26).

وتعد الثقة الاجتماعیة أحد مؤشرات رأس مال الاجتماعی، وهی تعنی مدى شعور المواطنین بالاطمئنان ، وعدم وجود شک فی أن الدولة والمجتمع النخب السیاسیة یقدمون المصلحة العامة للمجتمع على حساب المصلحة الخاصة لأفرادها، وتزید عندما تلبی النخب حاجات المواطنین وتعاملهم بالتساوی والعدالة الاجتماعیة، وقد حاول الباحث أن یقیس الثقة الاجتماعیة لدى عینة الدراسة من خلال الکشف عن مدى ثقتهم فی أنفسهم أولاً ثم مدى ثقتهم فی بعض المؤسسات والفئات الاجتماعیة والسیاسیة وربط ذلک ببعض أشکال المشارکة السیاسیة وذلک على النحو التالی:

 


أ- بالنسبة لموقف عینة الدراسة من الرغبة فی تولی منصب سیاسی:

جدول رقم (16)  موقف عینة الدراسة من الرغبة فی تولی منصب سیاسی

المتغیرات

العدد

النسبة

الرغبة فی تولی منصب سیاسی

أ

موافق

96

30.8

ب

غیر موافق

216

69.2

المجموع

312

100

أسباب الرغبة فی تولی منصب سیاسی

أ

هما اللی قبلنا أحسن مننا فی ایه

16

16.7

ب

حتى أخدم البلد

48

50

ج

علشان أخدم أهلی وناسی

32

33.3

المجموع

96

100

من خلال استقراء بیانات الجدول السابق رقم (16) الذی یوضح آراء عینة الدراسة حول الرغبة فی تولی منصب سیاسی ، حیث بلغت نسبة الرافضین 69.2% من جملة العینة مقابل نسبة 30.8% من جملة العینة من الموافقین بتولی منصب سیاسی، وذلک لیس عیبا إذ یشیر إلى أن هؤلاء لدیهم إیجابیة فی التغیر، وربما فی المشارکة السیاسیة ویطمعون إلى الارتقاء بمستویاتهم الاجتماعیة والاقتصادیة من خلال انضمامهم لأحزاب سیاسیة، ولربما إلى الترشح ثم الرغبة فی مناصب قیادیة، وهذا سوف یعود بالنفع على مجتمع البحث الذی لربما یحدث هناک تفید فی الثقافة المرتبطة بمثل هذه المناطق العشوائیة.

أما بالنسبة للعلاقة بین الرغبة فی تولی منصب سیاسی والمشارکة السیاسیة فجاءت کما یلی:

 

 

 

 

 

جدول رقم (17) العلاقة بین عضویة الأحزاب السیاسیة والمشارکة السیاسیة

المتغیرات

نعم

لا

إجمال العینة

قیمة کا2

مستوى الدلالة

العدد

%

العدد

%

العدد

%

نمط المشارکة السیاسیة

أ

لا أشارک فی السیاسة

20

6.4

129

41.3

149

47.8

88.980

0.000

ب

عضویة الأحزاب السیاسیة

16

5.1

-

-

16

5.1

ج

الترشح فی الانتخابات

4

1.3

-

-

4

1.3

د

التصویت فی الانتخابات

40

12.8

83

26.6

123

39.4

ه

المشارکة فی الندوات السیاسیة

16

5.1

4

1.3

20

6.4

المجموع

96

30.8

216

69.2

312

100

المشارکة فی
الانتخابات

أ

یشارک

76

24.4

67

21.5

143

45.8

62.016

0.000

ب

لا یشارک

20

6.4

149

47.8

169

54.2

المجموع

96

30.8

216

69.2

312

100

متابعة البرامج
والأخبار السیاسیة

أ

یتابع

92

29.5

128

41

220

70.5

42.758

0.000

ب

لا یتابع

4

1.3

88

28.2

92

29.5

المجموع

96

30.8

216

69.2

312

100

المناقشة السیاسیة للأسرة

أ

یتناقشون

68

21.8

96

30.8

164

52.6

18.562

0.000

ب

لا یتناقشون

28

9

120

38.5

148

47.4

المجموع

96

30.8

216

69.2

312

100

یتضح من بیانات الجدول السابق رقم (17) أن هناک علاقة بین الرغبة فی تولی المناصب السیاسیة (الثقة الشخصیة) وبین المشارکة السیاسیة حیث یتبین أنه کلما کانت هناک ثقة شخصیة فی القدرة على تولی المناصب السیاسیة ولدیه الرغبة فی ذلک کلما کان أکثر مشارکة سیاسیاً من الأفراد الآخرین داخل مجتمع الدراسة، وجاء ذلک عند مستوى دلالة 0.001 مما یدل على أن هناک علاقة ذات دلالة إحصائیة بین الرغبة فی تولی منصب سیاسی وبین المشارکة السیاسیة فی مجتمع الدراسة.

ب- بالنسبة لمستوى الثقة الاجتماعیة فی منطقة الدراسة:

طرحت الدراسة الراهنة تساؤلاً من خلاله حاولت قیاس مدى الثقة الاجتماعیة والسیاسیة فی منطقة الدراسة ، وقد جاءت نتائج هذا فی الجدول التالی حیث تبین أن الدرجة الکلیة لمقیاس الثقة الاجتماعیة والسیاسیة 38.1% لدیهم ثقة اجتماعیة مرتفعة مقابل 21.5% لدیهم ثقة اجتماعیة منخفضة، و40.4% لدیهم ثقة اجتماعیة متوسطة بین أفراد العینة، أما من حیث مدى ثقتهم فی المؤسسات المختلفة فجاءت کما یلی:

جدول رقم (18) مدى الثقة الاجتماعیة لدى عینة الدراسة

العبارات

یثق

لا یثق

لا أریه له

العدد

%

العدد

%

العدد

%

1

أفراد عائلتک

298

95.5

12

3.8

2

0.6

2

جیرانک

256

82.1

46

14.7

10

3.2

3

رجال الدین

268

85.9

34

10.9

10

3.2

4

القضاء

192

61.5

93

29.8

27

8.7

5

المجلس المحلی لمنطقتک

40

12.8

196

62.8

76

24.4

6

أعضاء مجلس الشعب

40

12.8

224

71.8

48

15.4

7

البرلمان مجلس الشعب

76

24.4

200

64.1

36

11.5

8

الحکومة ومؤسسات الدولة

100

32.1

180

57.7

32

10.3

9

النقابات المهنیة

75

24

221

70.8

16

5.1

10

معظم الناس جدیرین بالثقة

104

33.3

88

28.2

120

38.5

 

مرتفع

منخفض

متوسط

إجمالی المقیاس

119

38.1

67

21.5

126

40.4

من خلال استقراء بیانات الجدول السابق والذی یوضح مدى الثقة الاجتماعیة لدى عینة الدراسة یتبین ما یلی: أن الثقة فی أفراد العائلة تأتی فی المرتبة الأولى بین أفراد العینة وذلک بنسبة 95.5% من جملة العینة لدیهم ثقة فی أفراد عائلاتهم ، یلی ذلک الثقة فی رجال الدین حیث بلغ مستوى الثقة 85.9% من جملة العینة، حیث أن المجتمع المصری بطبیعته مجتمع متدین ویقدس کل ما له علاقة بالدین ویثق به، أما الثقة فی الجیران فأتت فی المرتبة الثالثة بنسبة 82.1% من جملة العینة، ومن المعروف أن المناطق العشوائیة أکثر اعتماداً وتبادلاً للعلاقات مع الجیران من سکان المناطق الراقیة، یلی ذلک الثقة فی القضاء حیث جاء بنسبة 61.5% من جملة العینة حیث إن غالبیة الشعب المصری بعامة یقدر استقلالیة القضاء ، أما الثقة بصفة عامة فجاءت بعد ذلک بنسبة 33.3% من جملة العینة وهؤلاء الذین لدیهم ثقة فی معظم الناس ولدیهم علاقات اجتماعیة أکثر مع أفراد المجتمع المحیطین بهم ، وأکثر مشارکة سیاسیاً من غیرهم. ثم الثقة فی مؤسسات الدولة بنسبة 32.1%، ثم الثقة فی البرلمان (مجلس الشعب) بنسبة 24.4% ثم الثقة فی النقابات المهنیة 24% بینما تأخرت فی الترتیب الثقة فی المجالس المحلیة والبرلمان المحلی، وإن کان یمکن استخدامها بشکل إیجابی کما أن سکان تلک المنطقة لا یثقون فی أن الحکومة أو المؤسسات المحلیة القائمة یمکن أن تستجیب لمطالبهم أو تشرکهم فی أخذ قرار یتعلق بهم، ومن ثم یشعرون أنهم مفعول بهم ویصعب أن یکونوا فاعلین، ومن ثم فکیف تتسنى لهم المشارکة فی صنع القرارات أو تنفیذها فی الجوانب الاجتماعیة والاقتصادیة أو السیاسیة سواء على المستوى المحلی أو القومی.

 

 

 

 

 

 

 

جدول رقم (19)

 العلاقة بین الثقة الاجتماعیة والمشارکة السیاسیة

المتغیرات

ثقة منخفضة

ثقة متوسطة

ثقة مرتفعة

قیمة کا2

مستوى الدلالة

العدد

%

العدد

%

العدد

%

نمط المشارکة السیاسیة

أ

لا أشارک فی السیاسة

27

8.7

62

19.9

60

19.2

17.988

0.021

ب

عضویة الأحزاب السیاسیة

4

1.3

6

1.9

6

1.9

ج

الترشح فی الانتخابات

-

-

-

-

4

1.3

د

التصویت فی الانتخابات

36

11.5

48

15.4

39

12.5

ه

المشارکة فی الندوات السیاسیة

-

-

10

3.2

10

3.2

المجموع

67

21.5

126

40.4

119

38.1

 

یتضح من بیانات الجدول السابق رقم (19) أن هناک علاقة بین الثقة الاجتماعیة ونمط المشارکة السیاسیة حیث یتبین أن الأفراد الذین یشارکون سیاسیاً أکثر ثقة من الأفراد غیر المشارکین، وهذا ما أوضحته قیمة کا2 عند مستوى دلالة 0.021 وعند مستوى معنویة 0.05 وهی قیمة دالة إحصائیاً.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ج- بالنسبة لمدى الثقة فی الأعضاء الذین یتم انتخابهم:

جدول رقم (20) 

موقف عینة الدراسة من ثقتهم فی الأعضاء المنتخبین

المتغیرات

العدد

النسبة

هل العضو الذی تم اختیاره یخدم البلد

أ

نعم

76

24.4

ب

لا

236

75.6

المجموع

312

100

أسباب الموافقة على ثقتهم فی الأعضاء المنتخبین

أ

وفر فرص عمل للمتعطلین

14

18.4

ب

قدم خدمات للمنطقة

26

34.2

ج

متواجد فی کل وقت

24

31.6

د

مبیخدمش غیر أقاربه ومعارفه فقط

7

9.2

ه

بیقدم خدمات لکن بمقابل

5

6.6

المجموع

76

100

تشیر بیانات الجدول السابق رقم (20) والذی یوضح مدى ثقة الأعضاء المنتخبین، حیث تبین أن 75.6% من جملة العینة لیس لدیهم ثقة فی الأعضاء المنتخبین، بینما بلغت نسبة الأفراد الذین لدیهم ثقة فی الأعضاء المنتخبین بنسبة 24.4% من جملة العینة، وقد جاءت أسباب ذلک على ما یلی: قدم خدمات للمنطقة بنسبة 34.2%، یلی ذلک متواجد فی کل وقت 34.2%، ثم وفر فرص عمل للمتعطلین 18.4%، مبیخدمش غیر أقاربه ومعارفه فقط بنسبة 9.2%، بیقدم خدمات لکن بمقابل بنسبة 6.6% من جملة الإجابات. وتثیر مسألة شراء الأصوات قضیة فی غایة الأهمیة حیث إنها موجودة فی العدید من الدول النامیة، ولکنها تؤدی إلى إفساد الحیاة السیاسیة ووجود النمط السیئ لأعضاء مجلس الشعب أو الشورى، فأصبحنا نسمع فی مصر عن نواب القروض ونواب الکیف ونواب التجنید کنماذج غیر صالحة لعضویة تلک المؤسسات السیاسیة التی تملک - إن مارست صلاحیاتها الدستوریة بکفاءة - أن تعالج العدید من المشکلات السیاسیة والاجتماعیة وغیرها فی مصر. ومن ثم نجد أن سکان العشوائیات وإن کانوا یتمتعون بالحریة فی الإدلاء بأصواتهم إلا أنهم یتعرضون لضغوط مالیة ، وکذلک احتمالات استخدام العنف ضدهم حیث یوجد سماسرة أصوات ووسطاء یتسمون غالباً بالبلطجة والانحراف؛ لجمع الأصوات لناخب معین، وغالبا ما یتم الاستعانة بشباب المناطق العشوائیة فی أداء هذه المهام سواء فى البلطجة أو شراء الأصوات والتی تفسد المشارکة السیاسیة ، وتصبح الانتخابات موسماً للعمل یقدم فرصاً لشباب العشوائیات، کما أن العشوائیات تقدم تهدیدا للأمن القومی من خلال مساندة نماذج سیئة لتصبح أعضاء فی المؤسسات النیابیة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن السکان الذین تمت المقابلة معهم قد أوضحوا أن بعض المرشحین فی المنطقة یقدمون خدمات جیدة للأهالی ولکنهم قد یضطرون إلى استخدام میکانیزم رشوة المواطنین، حیث أن بعض السکان ینظرون إلى العائد المباشر علیهم من انتخاب شخص بعینه، ومن ثم یلجئون إلى هذا السلوک الفاسد من أجل الحفاظ على أصوات الناخبین بجانبهم، وقد أشار بعض المبحوثین بخدمات عضو الدائرة حیث أنشأ مجمع خدمات لأهالی المنطقة، وساعد فی حل المشکلات وتعیین بعض أبناء المنطقة فی القطاعین العام والخاص، وحل مشکلات مثل الکهرباء والمیاه. وهکذا؛ کشفت نتائج الدراسة عن تأثیر الثقة الاجتماعیة فی عملیة المشارکة السیاسیة، ولعل تلک الثقة هی المحرک الأساسی نحو الثقة فی المشارکة والوعی بالدور الذی تقوم به المشارکة السیاسیة فی صنع القرارات السیاسیة والتنمیة السیاسیة وتحقیق الدیمقراطیة والعدالة الاجتماعیة بین المواطنین.

ثامناً- أهم نتائج الدراسة:

کشفت الدراسة الحالة، على الرغم من أنها أجریت على عینة محدودة العدد (312 مبحوثاً) من إحدى المناطق العشوائیة (منطقة غرب البلد بمحافظة أسیوط)، عن مجموعة من النتائج والاستخلاصات الهامة التی أوضحت أثر ما یمتلکه المواطنون من علاقات (رأس المال الاجتماعی) على المشارکة السیاسیة فی المجتمع المصری، والتی من شأن الوقوف علیها وتمثل دلالاتها الإسهام فی زیادة معدلات المشارکة السیاسیة لدى أبناء المناطق العشوائیة، وزیادة إدماجهم فی الحیاة السیاسیة، ومن أهم هذه النتائج:

أ- بالنسبة لواقع ومستوى المشارکة السیاسیة فی المناطق العشوائیة:

- کشفت نتائج الدراسة المیدانیة عن أن 47.8% من جملة العینة لا یفضلون المشارکة فی مغمار السیاسة وربما یعود ذلک لانشغالهم بحیاتهم الاجتماعیة والاقتصادیة والرغبة فی تحسینها، أو لفقدان الثقة والخوف من الخوض فیها.

- بینما کشفت الدراسة المیدانیة أن التصویت فی الانتخابات هو أکثر أنماط المشارکة السیاسیة انتشاراً فی منطقة الدراسة، ثم المشارکة فی الندوات السیاسیة، یلی ذلک المشارکة من خلال عضویة الأحزاب السیاسیة، وأخیرا الترشح فی الانتخابات.

- تبین من الدراسة عن انخفاض معدل التصویت فی الانتخابات خلال العام الماضی 2015 فی مجتمع الدراسة حیث تبین أن 54.2% من جملة العینة لم یشارک فی التصویت فی الانتخابات وارجعو ذلک إلى: عدم وعیهم بأهمیة وقیمة صوتهم، وعدم ثقتهم فی شفافیة الانتخابات، وانشغالهم فی أمورهم الخاصة، وعدم شعورهم بجدوى الانتخابات التی یمکن أن تعود من مزاحمتهم، وعدم ثقتهم فی المرشحین.

- تبین من نتائج الدراسة أن هناک نسبة لا یستهان بها 36.2% من العینة ما زالت تنظر بدونیة إلى مشارکة المرأة فی الأمور السیاسیة، وهذا بالطبع ینعکس بالسلب على معدل المشارکة السیاسیة للمرأة فی المناطق العشوائیة.

- اتضح من نتائج الدراسة أن هناک ارتفاعاً فی مستوى متابعة الأخبار والأحداث السیاسیة (70.5%)، حیث جاءت القنوات الفضائیة والانترنت فی مقدمة الوسائل التی یتابعونها، کذلک استحوذت الأخبار المحلیة على أغلب اهتمامات العینة.

- تبین من الدراسة أن أفراد العینة رتبوا دوافع الترشح فی الانتخابات إلى: اکتساب الحصانة، المحافظة على أمجاد العائلة، اکتساب المزایا المالیة، اکتساب المکانة الاجتماعیة "المنصب"، التستر على عمل غیر مشروع. وهکذا یتبین أن الترشح من أجل خدمة الوطن لم یکن فی حسبان المرشح من وجهة نظر العینة وبالتالی ینعکس ذلک على مستوى مشارکتهم السیاسیة.

ب- بالنسبة لدور رأس المال الاجتماعی فی المشارکة السیاسیة:

- دور شبکة العلاقات القرابیة فی المشارکة السیاسیة:

- أوضحت الدراسة تراجع دور العصبیة والقبلیة فی التصویت فی الانتخابات، حیث تبین أن 46.2% من جملة العینة غیر موافقة على التصویت لابن البلد.

- کشفت الدراسة المیدانیة أن هناک علاقة بین الحرص على إقامة العلاقات الاجتماعیة مع الناس والمشارکة السیاسیة، حیث تبین أن الحریصین على إقامة العلاقات الاجتماعیة مع الأقارب والجیران والأصدقاء وغیرها أکثر مشارکة سیاسیا.

- بینت الدراسة أن هناک 66.7% من جملة العینة تؤکد على سلبیة الدعایة الانتخابیة فی منطقة الدراسة ودورها فی تزییف الوعی بالمرشحین.

- أوضحت الدراسة أن أهم الصفات الأکثر حصداً للأصوات: ابن البلد، المهتم بحل مشاکل المجتمع، ذو الخلق وصاحب الدین، من لدیه برنامج انتخابی متمیز.

- أما عن موقف العینة من المرشحین ذوی العلاقات القرابیة أکد نصف المبحوثین أنهم یقفون معهم (اقف بجواره، ادفع بکل أفراد عائلتی وأصدقائی وزملائی لتأییده) أما النصف الآخر فأکد على أنه سوف یقدم المرشح الأفضل على القرابة.

- عضویة الأحزاب السیاسیة ومنظمات المجتمع المدنی:

- تبین من نتائج الدراسة أن هناک 79.5% من جملة العینة لا یرغبون فی عضویة الأحزاب السیاسیة لاعتقادهم بأن الأحزاب لیس لها فائدة، وانشغال المواطنین بأرزاقهم وحیاتهم الخاصة.

- کشفت نتائج الدراسة أن هناک 80.8% من جملة العینة لیسوا أعضاء فی منظمات المجتمع المدنی، نظراً لقلة انتشار مؤسسات المجتمع المدنی فی مجتمع الدراسة وعدم وعی الأفراد بدورها وأهمیتها فی المجتمع، وضعف ثقافة العمل التطوعی.

- قیمة الثقة الاجتماعیة:

- أوضحت النتائج انخفاض عدد من یرغبون فی تولی منصب سیاسی حیث بلغت نسبتهم 30.8% من جملة العینة، نظراً لعدم ثقتهم فی إمکانیاتهم وقدراتهم.

- تبین من نتائج الدراسة أن هناک علاقة بین الرغبة فی تولی منصب سیاسی وبین المشارکة السیاسیة عند مستوى معنویة 0.001، وذلک لصالح من یرغبون فی تولی منصب سیاسی فی مجتمعاتهم.

- تبین من الدراسة أن الثقة فی أفراد العائلة والجیران ورجال الدین کانت أعلى من الثقة فی المؤسسات السیاسیة مثل البرلمان والحکومة والنقابات.

- اتضح من نتائج الدراسة أن الثقة الاجتماعیة کانت مؤثرة على نمط المشارکة حیث تبین أن من لدیهم ثقة اجتماعیة مرتفعة کانوا أکثر مشارکة سیاسیا من غیرهم.

- تبین أن 75.6% من جملة العینة لیس لدیهم ثقة فی الأعضاء المنتخبین ، وهذا بدوره ینعکس على معدل مشارکة المواطنین فی الانتخابات، فالثقة فی العضو المنتخب أحد أسباب الاقبال على التصویت من أجله.

 

 



(*) أستاذعلم الاجتماع المساعد بکلیة الآداب، جامعة أسیوط

 
قائمة المراجع
([1]) إبراهیم ابراش: علم الاجتماع السیاسی – مقاربة ابستمولوجیة ودراسة تطبیقیة على العالم العربی، دار المنارة ، 2011.
(2) احمد إبراهیم بیومی مرعی: العوامل الاجتماعیة المؤثرة على المشارکة السیاسیة للشباب الجامعی – دراسة مطبقة على طلاب جامعة حلوان. مجلة دراسات فی الخدمة الاجتماعیة والعلوم الإنسانیة (مصر)، ع30، ج1، ابریل 2011، ص ص150-177.
(3) أحمد زاید وآخرون: رأس المال الاجتماعی لدى الشرائح المهنیة من الطبقة الوسطى. القاهرة: مطبوعات مرکز البحوث والدراسات الاجتماعیة بکلیة الآداب جامعة القاهرة، 2008.
(4) أسماء محمد عبد المؤمن : المسئولیة الاجتماعیة للجامعات المصریة نحو تنمیة المناطق العشوائیة – دراسة مطبقة على جامعة حلوان ، المؤتمر العلمی الدولی السادس والعشرون للخدمة الاجتماعیة – الخدمة الاجتماعیة وتطور العشوائیات، کلیة الخدمة الاجتماعیة، جامعة حلوان، ج9، 2013.
(5) أمل محمد على الخاروف: واقع مشارکة طلبة الجامعة الأردنیة فی الانتخابات النیابیة 2010 من منظور النوع الاجتماعی. مجلة دراسات وأبحاث جامعة الجلفة (الجزائر)، ع 15، 2014، ص ص104-123.
(6) انجی محمد عبدالحمید: دور المجتمع المدنی فی تکوین رأس المال الاجتماعی – دراسة حالة للجمعیات الأهلیة فی مصر. القاهرة: المرکز المصری للحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة، 2010.
(7) بدریة شوقی: المشارکة السیاسیة للمرأة. مؤتمر المرأة والمجتمع فی مصر (بحوث مجمعه) مرکز دراسات المستقبل، جامعة أسیوط، 1995 .
(8) حنا جریس: الدین ورأس المال الاجتماعی. مجلة الدیمقراطیة (الأهرام)، مج 10، العدد 37، 2010، ص ص84-89.
(9) حنان محمد عاطف وإیناس محجوب شحاته: أشکال رأس المال الاجتماعی لدى فقراء الریف – دراسة میدانیة مقارنة بمحافظة المنیا. مجلة الجمعیة التربویة للدراسات الاجتماعیة، العدد 16، 2008.
(10) خالد کاظم ابو دوح : الدعایة الانتخابیة فی – شیء تأخذه مقابل شیء تقدمه ، مجلة الدیمقراطیة (وکالة الاهرام ) ، مج 11 ، ع 41 ، مصر ، 2011.
(11) خالد کاظم أبودوح: إهدار رأس المال الاجتماعی فی مصر. مجلة الدیمقراطیة (الأهرام)، مج9، العدد 35، 2009، ص ص52-53.
(12) خلاف خلف الشاذلی: قضایا معاصرة فی علم الاجتماع. المنیا: کلیة الآداب، 2004.
(13) رضا سمیح ابوالسعود: المشارکة السیاسیة لطلاب جامعة الأزهر – دراسة میدانیة. مجلة کلیة التربیة جامعة طنطا (مصر)، ع 41، 2010، ص ص294-387.
(14) زبیری رمضان: مسؤولیة رأس المال الاجتماعی تجاه تحقیق تنمیة بشریة مستدامة. الملتقى الدولی حول "منظمات الأعمال والمسئولیة الاجتماعیة"، الجزائر، جامعة طاهری محمد بشار، کلیة العلوم الاقتصادیة والتجاریة وعلوم اللتسییر، الفترة من 14 – 15 فبرایر 2012. البحث متاح على شبکة الانترنت: http://iefpedia.com/arab/wp-content/uploads/2012/06
(15) زینب لیث عباس: المشارکة السیاسیة للمرأة العراقیة. مجلة کلیة الآداب (مصر)، العدد 89، 2009، ص ص347-372.
(16) سحر حسانی بریری: التهمیش والعنف السیاسی ضد المرأة المصریة تحلیل مضمون لبوابة الأهرام الإلکترونیة فی الفترة من 25 ینایر 2011 وحتى 30 یونیه 2013. مجلة الشرق الأوسط (مرکز بحوث الشرق الأوسط بجامعة عین شمس)، ع34، 2014، ص ص797-836.
(17) سحر فتحی مبروک: عزوف المرأة عن المشارکة السیاسیة واستراتیجیات دعم مشارکتها من منظور الخدمة الاجتماعیة – دراسة طبقة على المرأة العاملة بمحافظة القلیوبیة. مجلة دراسات فی الخدمة الاجتماعیة والعلوم الإنسانیة (مصر)، مج9، العدد 22، الجزء1، ابریل 2007، ص ص435-505.
(18) سعاد إبراهیم العزاوی: الوعی الاجتماعی بالمشارکة السیاسیة للمرأة – دراسة میدانیة عل عینة من طلاب جامعة الأزهر. مجلة کلیة التربیة جامعة الأزهر (مصر)، ج7، ع 144، 2010، ص ص71-118.
(19) سمیة أحمد على: رأس المال الاجتماعی وإعادة توزیع الدخل فی مصر. مجلة بحوث اقتصادیة عربیة، مج 21،  العدد 65، 2014.
(20) سنیه السید محمد: الطلاب وثورة 25 ینایر – دراسة سوسیولوجیة على عینة من طلاب جامعة عین شمس. مجلة الشرق الأوسط (مرکز بحوث الشرق الأوسط بجامعة عین شمس)، ع34، 2014، ص ص837-883.
(21) سهام على القبندی: عزوف المرأة الکویتیة العاملة على المشارکة السیاسیة – دراسة مطبقة على کلیة العلوم الاجتماعیة بجامعة الکویت. مجلة العلوم الاجتماعیة (الکویت)، مج41، ع3، 2013، ص ص11-65.
(22) سهیر محمد حوالة: رأس المال الاجتماعی بالتعلیم مقوماته ومعوقاته–دراسة تحلیلیة. مجلة العلوم التربویة، مج22، العدد 3، 2014، ص518.
(23) صفاء نعمة الشویحات: اتجاهات طلبة الجامعات نحو المشارکة السیاسیة فی الأدرن – دراسة مسحیة تحلیلیة. مجلة دراسات فی العلوم التربویة (الأردن)، مج40 ملحق، 2013، ص ص782-797.
(24) عبد الهادی الجوهری: دراسات فی علم الاجتماع السیاسی، القاهرة : نهضة الشرق، 1985، ص15.
(25) عبدالعزیز على حسن: العلاقة بین الاتصال عبر مواقع الشبکات الاجتماعیة والمشارکة السیاسیة للشباب – دراسة تطبیقیة على انتخابات رئاسة الجمهوریة فی مصر. مجلة دراسات العلوم الإنسانیة والاجتماعیة (الأردن)، مج43، ع1، 2016، ص ص229-252.
(26) عبدالمجید على محسن: اتجاهات المرأة الریفیة نحو المشارکة السیاسیة فی الأردن- دراسة استطلاعیة. المجلة الإردنیة فی القانون والعلوم السیاسیة (الأردن)، مج5، ع 2 2013، ص ص11-56.
(27) عبدالناصر قاسم الفرا: دور مواقع التواصل الالکترونی فی تنمیة مشارکة الشباب الفلسطینی فی القضایا السیاسیة. مجلة الجامعة الإسلامیة للدراسات الاقتصادیة والإداریة – شئون البحث العلمی والدراسات العلیا بالجامعة الإسلامیة غزة فلسطین، مج23، ع2، 2015، ص ص259-282.
(28) علیاء الحسین محمد کامل: دور وسائل التواصل الاجتماعی على وعی الشباب فی المشارکة السیاسیة – دراسة میدانیة فی الانثروبولوجیا الاجتماعیة. مجلة مرکز الخدمة للاستشارات البحثیة بکلیة الأداب جامعة المنوفیة (مصر)، العدد 50، 2015، ص ص235-311.
(29) عمار احمد العجمی: ظاهرة عزوف طلبة بعض الکلیات الهیئة العامة للتعلیم التطبیقی التدریب عن المشارکة فی الانتخابات الطلابیة وسبل علاجها – دراسة میدانیة. مجلة دراسات الخلیج والجزیرة العربیة (الکویت)، ع142، السنة 37، 2011، ص ص75-133.
(30) عمران على علیان: أزمة المشارکة السیاسیة لدى المرأة الفلسطینیة العاملة ومستویاتها ومعوقاتها – دراسة تطبیقیة على عینة من النساء العاملات فی قطاع غزة. مجلة العلوم الاجتماعیة (الکویت)، مج42، ع3، 2014، ص ص151-188.
(31) کامل محمد الحواجزة: أثر رأس المال الفکری "البشری والاجتماعی" فی أداء الأعمال- دراسة میدانیة فی شرکات صناعة الأدویة. دراسات فی العلوم الإداریة (الأردن)، مج42، العدد 1، 2015، ص23.
(32) مجدی صابر سویدان: اسهام رأس المال الاجتماعی فی دعم عملیات البناء المؤسسی بمنظمات المجتمع المدنی. مجلة دراسات فی الخدمة الاجتماعیة والعلوم الإنسانیة،  الجزء6، العدد 30، 2011، ص2657.
(33) محمد احمد على: المشارکة السیاسیة فی المناطق الفقیرة – دراسة حول واقع الثقافة السیاسیة وآفاق التطور الدیمقراطی فی الحالة المصریة فی بدایة القرن الحادی والعشرین. المجلة العلمیة لکلیة التجارة جامعة أسیوط (مصر)، ع 47، 2009، ص ص79-124.
(34) محمد أنور محمد محروس: دور الشبکات الاجتماعیة فی التعبئة السیاسیة للشباب – دراسة میدانیة بالمجتمع المصری. المجلة العلمیة لکیة الآداب – کلیة الآداب – جامعة دمیاط (مصر)، ع1، 2012، ص ص501-551.
(35) محمد منیف العجمی: الانتماء القبلی والمشارکة فی الانتخابات – دراسة میدانیة على من المجتمع الکویتی. المجلة العلمیة لکلیة الآداب جامعة دمیاط (مصر)، ع1، 2012، ص ص997-1059.
(36) محمود أحمد عبدالغنی: دور الاتصال الشخصی فی المشارکة السیاسیة فی قریة مصریة - دراسة میدانیة. دراسات الطفولة (مصر)، مج15، ع55، 2012، ص ص1-30.
(37) مرتضى على مصطفى: العصبیة وبناء القوة فی قریة مصریة – دراسة انثروبولوجیة فی إحدى قرى محافظة الأقصر. رسالة ماجستیر، القاهرة: کلیة الآداب، جامعة عین شمس، 1991.
(38) منى خلیل عطیة: رأس المال الاجتماعی وتفعیل ثقافة المواطنة فی منظمات المجتمع المدنی. دراسات فی الخدمة الاجتماعیة والعلوم الإنسانیة، ج3، العدد 31، 2011، ص1371.
(39) مهدی محمد القصاص: بیئة استثمار رأس المال البشری- دراسة میدانیة فی قریة مصریة. المؤتمر العلمی الدولی الثالث للبیئة. جامعة جنوب الوادی، نوفمبر 2008.
(40) نادیة أبو زاهر: دور النخب السیاسیة الفلسطینیة فی تکوین رأس المال الاجتماعی. بیروت: مطبوعات المرکز العربی للأبحاث ودراسات السیاسات، 2013.
(41) نادیة عبدالجواد الجروانی: خدمات رعایة الشباب الجامعی وتنمیة قیم رأس المال الاجتماعی. مجلة دراسات فی الخدمة الاجتماعیة والعلوم الإنسانیة،  الجزء2، العدد 30، 2011، ص ص730-731.
(42) نجلاء فتحی الدسوقی عبدالخالق: المشارکة السیاسیة لطلاب الجماعة فی ظل ثورة 25 ینایر. مجلة کلیة التربیة بالمنصورة (مصر)، ع77، ج 1، 2011، ص ص324-346.
(43) نجلاء محمود المصیلحی: الفیس بوک ورأس المال الاجتماعی فی مصر – دراسة سوسیولوجیة میدانیة. مجلة شئون اجتماعیة (الإمارات)، مج 29، العدد 115، 2012، ص119.
(44) نعمات محمد نظمی : الارتقاء العمرانی بالمناطق المتدهورة – تقییم لتجربة زبالین منشاة ناصر بالقاهرة. رسالة ماجستیر، جامعة عین شمس، کلیة الهندسة، 1993.
(45) هانی خمیس: رأس المال الاجتماعی. القاهرة : المرکز الدولی للدراسات المستقبلیة والاستراتیجیة، 2008.
(46) هند محمد الشمندی: العلاقات القرابیة وأثرها فی بناء القوة السیاسیة- دراسة على عینة من أعضاء التنظیمات السیاسیة فی محافظة سوهاج. رسالة دکتوراه، قسم علم الاجتماع، کلیة الآداب، جامعة أسیوط، 2004.
(47) ولید رشاد زکی: رأس المال الاجتماعی الافتراضی-مدخل تنموی وتجارب محلیة وعالمیة. المجلة المصریة للتنمیة والتخطیط، مج 21،  العدد 1، 2013، ص156.
(48) یاسر عبدالفتاح القصاص: فاعلیة مواقع التواصل الاجتماعی فی تنشیط مشارکة شباب الثورة فی الانتخابات البرلمانیة – دراسة میدانیة. المؤتمر الدولی الخامس والعشرون لکلیة الخدمة الاجتماعیة بجامعة حلوان "مستقبل الخدمة الاجتماعیة فی ظل الدولة المدنیة الجدیدة" (مصر)، مج11، 2012، ص ص4505-4578.
(49) عصام محمد طلعت عبد الجلیل: المشارکة المدنیة کمتغیر لتنمیة رأس المال الاجتماعی بالمناطق العشوائیة – دراسة مطبقة على مناطق غرب البلد بمحافظة أسیوط، المؤتمر العلمی الدولی 26 للخدمة الاجتماعیة – الخدمة الاجتماعیة وتطور العشوائیات ، کلیة الخدمة الاجتماعیة، جامعة حلوان، ج 14، 2013، ص5374.
 (50) Alberto Alesina, and Paola Giuliano; "Family Ties and Political Participation". Journal of the European Economic Association,  Vol.9, No.5, October 2011, pp.817–839.
(51) Alejandro Portes; “Social Capital: its origins and applications in modern Sociology”,  Annual Review of Sociology,Vol.24,1998,  P.2.
(52) Amy Qiaoming Liu and Terry Besser; "Social Capital and Participation in Community Improvement Activities by Elderly Residents in Small Towns and Rural Communities". Rural Sociology, Vol.68, No.3,  2003,  pp.343-365
(53) Byoung Joon Kim; "The Impact of The Internet on Civic and Political Participation in Local Governance,  A Multilevel Model for Bridging Individual and Group Levels of Analysis". Blacksburg,  Virginia, 2009.
(54) Celine Teney,  and Laurie Hanquinet; "High political participation,  high social capital? A relational analysis of youth social capital and political participation". Social Science Research, Vol.41,  2012, pp.1213–1226.
(55) Hays R. Allen And Alexandra M. Kogl; "Neighborhood Attachment, Social Capital Building،  And Political Participation: A Case Study Of Low- And Moderate-Income Residents Of Waterloo,  Iowa". Journal Of Urban Affairs,  Vol.29,  No.2,  2007,  pp.181-205.
(56) Homero Gil de Zuniga،  et al.; "Social Media Use for News and Individuals’ Social Capital, Civic Engagement and Political Participation". Journal of Computer-Mediated Communication,Vol.17,  2012,  pp.319-336.
(57) Jan Teorell; " A Resource Model of Social Capital: Networks,  Recruitment and Political Participation in Sweden". Paper prepared for presentation to the workshop ”Voluntary Associations,  Social Capital and Interest Mediation: Forging the Link”, ECPR Joint Sessions in Copenhagen, Denmark, April 15-19،  2000.
(58) John Field; “Social Capital”. 2nd ed.,  New York: Routledge, 2008،  P.13.
(59) Julia Häuberer; “Social Capital Theory: Towards a Methodological Foundation”, Germany: VS Verlag für Sozialwissenschaften, Springer Fachmedien Wiesbaden GmbH، 2011.
(60) Ken'ichi Ikeda and Sean E. Richey; "Japanese Network Capital: The Impact of Social Networks on Japanese Political Participation". Political Behavior،  Vol. 27,  No. 3 (Sep.,  2005)،  pp. 239-260.
(61) M. Reza Nakhaie; "Social Capital and Political Participation of Canadians" Canadian Journal of Political Science / Revue canadienne de science politique, Vol. 41, No. 4 (Dec.,  2008), pp. 835-860
(62) Marco Giugni, et al.; "Associational Involvement, Social Capital and the Political Participation of Ethno-Religious Minorities: The Case of Muslims in Switzerland". Journal of Ethnic and Migration Studies,  2014,  Vol. 40,  No. 10,  1593–1613.
(63) Marko M. Skoric,  et al.; "Bowling Online،  Not Alone: Online Social Capital and Political Participation in Singapore". Journal of Computer-Mediated Communication (International Communication Association),  Vol.14,  2009, pp.414-433.
(64) Matt Henn،  et al.; "Social Capital and Political Participation: Understanding the Dynamics of Young People's Political Disengagement in Contemporary Britain". Social Policy and Society, Vol.6,  2007,  pp 467-479".
(65) Myriam Cherti; “Paradoxes of Social Capital: A Multi-Generational Study of Moroccans in London”. Amsterdam: Amsterdam University Press,  2008.
(66) Nmz Lin; “Building a Network Theory of Social Capital”. (in) Nmz Lin،  et al. (eds.); “Social Capital: Theory and Research”،  New York: Aldine de Gruyter Inc., 2001.
(67) Pieter Bevelander and Ravi Pendakur; "Social capital and voting participation of immigrants and minorities in Canada". Ethnic and Racial Studies, Vol.32,  No.8,  October 2009, pp.1406-1430.
(68) Raff aella Y. Nanetti and Catalina Holguin; “Social capital in development planning: linking the actors”, Macmillan Publishers Limited, registered in England, 2016.
(69) Reece Macgee; “Sociology – Introduction”,  Second Ed., Holt,Rienhart & Winston,  U.S.A.،  1980.
(80) Ronald La Due Lake and Robert Huckfeldt; " Social Capital, Social Networks, and Political Participation". Political Psychology،  Vol. 19,  No. 3,  Special Issue: Psychological Approaches to SocialCapital (Sep.،  1998)،  pp. 567-584.
(81) Ronald S. Burt; “Structural Holes versus Network Closure as Social Capital”. (in) Nmz Lin, et al. (eds.); “Social Capital: Theory and Research”,  New York: Aldine de Gruyter Inc.,  2001.
(82) Stephen P. Borgatti; “Social Network Measures of Social Capital”, A Methodological Perspective, Vol.23,  April 1999،  P.86.
(83) Tommaso Nannicini ، et al.; " Social Capital and Political Accountability". American Economic Journal: Economic Policy,  Vol.5,  No.2, 2013،  pp.222–250.
(84) Vivien Lowndes; "Getting On or Getting By? Women،  Social Capital and Political Participation". Political Studies Association, BJPIR: 2004 VOL 6,  pp.45–64.
(85) Weiwu Zhang and Stella C. Chia; "The Effects of Mass Media Use and Social Capital on Civic and Political Participation". Communication Studies, vol.57,  No.3 , 2006, pp.277-297.